مسرح الطفل في دمشق.. عروض لا ترقى لمستوى بناء جيل
دمشق - أحمد كنعان - نورث برس
يعتبر مسرح الطفل من أخطر الوسائل التي يتم التعاطي فيها مع جيل جديد، وترسيخ قيم ومفاهيم في ذهنه، ورغم أن المسرح القومي في العاصمة خصص لمسرح الطفل دائرة خاصة هي مديرية مسرح الطفل والعرائس، وأفرغ أيضاً صالة خاصة لعروض العرائس، ولكن هل يرقى نتاج مديرية مسرح الطفل والفرق الخاصة للمستوى المطلوب من حيث الخطورة في التعاطي مع جيل سيشكل مستقبل البلاد؟!
وإلى جانب هذه المديرية هناك مجموعة من الفرق الخاصة التي تقدم عروضاً للأطفال، لكن متابعين لنشاطات تلك الفرق يرون أن أغلب مسرحيات الفرق الخاصة تقدم حكايات مكرّرة غير مدروسة وهي تهدف في مجملها للربح المادي.
وقال الكاتب والمخرج بسام ناصر، مدير مسرح الطفل والعرائس، لـ"نورث برس"، إنّ لجنة قراءة النصوص المشكّلة في مديرية المسارح، تتابع جميع النصوص المقدمة إن كانت موجهة للطفل أو لغيره، "والموافقة تبقى معلّقة بموافقة مدير مسرح الطفل، لإدراج هذا النص أو تأجيله وفق رؤية موضوعية لآلية الحاجة لهذا النص أو ذاك".
وأضاف أنّ هناك نصوصاً تعليمية لا تحتوي على أيّ إشكال في البنية الدرامية وهي تصلح للمسرح المدرسي، "لكن هذه النصوص لا تقبل لأنه لا يمكن إدراجها في البرنامج السنوي لمديرية مسرح الطفل، فالموافقة على النص المسرحي لا تعني بالضرورة إنتاجه في مديرية المسارح سواء أكان موجهاً للكبار أم الصغار".
أما عن الفرق الخاصة، فقال "ناصر": "هي حرّة في إنتاجها المسرحي، لأنها صاحبة المال المستخدم في الإنتاج، وتقوم بتقدير نجاح هذا العمل أو ذاك ضمن معايير الربح والخسارة، خاصة أنّ الإنتاج الخاص محدود، ولا يملك الإمكانات التي تمتلكها مديرية المسارح".
ورأى أنّ "بعض الفرق الخاصة تطورت في الفترة الأخيرة، وقدمت أعمالاً جيدة إلى حد ما، وذلك بسبب مثابرتها المستمرة والحرص على أن تكون منافسة في الشكل والمضمون".
وقال المخرج نديم سليمان، والذي يقدم حالياً مسرحية "مغامرة في مدينة المستقبل" عن نص الكاتب جوان جان، لـ "نورث برس": "كانت هناك عروض كثيرة من فرق خاصة كي أخرج عملاً للأطفال، ولكن النصوص لم تكن بالمستوى المطلوب بحيث تثير خيال الطفل دون أن تلقنه المعلومة".
وأضاف: "الطفل يعاني من تلقين المعلومات في البيت والمدرسة، وأعتقد أن المسرحية يجب أن تجذب الطفل وتجعله مشاركاً في الأحداث ومتفاعلاً معها وهذا ما سعينا إليه في مسرحية (مغامرة في مدينة المستقبل)، من خلال شخصية الراوي الذي جعل الأطفال يشاركون شخصيات المسرحية في خياراتهم وكأنهم هم من يصنع الحدث".
ورأى "سليمان" أن تقديم أعمال فنية للطفل مسألة خطرة للغاية، وفيها مسؤولية أخلاقية كبيرة، "فالفن يتدخل في صناعة وعي الطفل وهذا أمر مختلف عن تقديم عمل لمتلقي مكتمل الوعي، لذلك يجب أن تكون كل الغايات الأخرى هي غايات ثانوية سواء كانت مادية أو غير ذلك".
وقالت الممثلة عتاب أبو سعدة، التي عملت في أكثر من عمل مسرحي موجه للطفل، لـ "نورث برس"، إن الفنانين يستطيعون من خلال المسرح جعل الأطفال أشخاصاً فاعلين ومبدعين وخلاقين، "ولكن يجب أن يكون أسلوب تقديم المسرحية مدروساً من خلال مختصين وأصحاب خبرة".
وأضافت: "أغلب الفرق الخاصة لا يهمّها البحث عن أفكار جديدة، هم يقومون بتعديلات طفيفة على مسرحياتهم ويعيدون تقدميها منذ سنوات".
وقال الممثل بسام سلكان، الذي عمل في عروض للأطفال قدمتها مديرية المسارح كما عمل مع فرق خاصة، إنّ الطفل يتعامل مع المسرحية بتلقائية واعية، فهو يحاكي الأفكار المطروحة ويستمتع بها أو يجدها غير ممتعة.
وأضاف أنّ "المسرح ينمّي القدرة الإبداعية للطفل، لذا يجب إعادة النظر في الطريقة التي يسمح بها للفرق الخاصة بتقديم عروضها للأطفال، وحتى عروض مديرية مسرح الطفل في المسرح القومي وإن كانت أفضل من العروض الخاصّة، لكنّها ليست مثالية ولا بدّ من إعادة النظر بخططها ومناهجها".