العرب يحشدون ضد خطط تركيا تدمير النسيج الاجتماعي في سوريا
الرياض ـ NPA
أثار البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ في القاهرة، أمس، غضب تركيا بسبب إدانة الاجتماع للغزو التركي لشمال شرقي سوريا، وتحذير العرب لتركيا من القيام بأي تغيير ديمغرافي، فضلاً عن اعتبار مقاومة "العدوان" حق شرعي. واعتبر وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، مقررات الاجتماع "خيانة للعالم العربي"، على حد تعبيره.
وحمل البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب لهجة محددة وواضحة، بعيداً عن الصياغات الملتبسة، وتضمن /11/ بنداً أحاطت بكافة جوانب العملية العسكرية التركية. وتحدث الوزراء العرب عن إجراءات عقابية مرتقبة، من بينها قطاع السياحة، وخفض العلاقات الدبلوماسية.
وتعكس لهجة البيان غير المسبوقة ضد تركيا بخصوص الملف السوري، إدراكاً عربياً، خاصة دول الخليج، بخطورة التدخل التركي في شمال شرقي سوريا، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على الأمن الإقليمي برمّته. وكان لافتاً أن لغة بيان جامعة الدول العربية كانت أشد من موقف الحكومة السورية ضد العدوان التركي. إلا أن الإجراءات العربية قد لا تكون كافية لردع التدخل التركي العسكري، غير أن مراقبين أكدوا أن ما شهده الاجتماع لم يكن مجرد مهرجان للخطابات، وأن إجراءات قد تتخذ قريباً، فضلاً عن التحرك العربي الدبلوماسي على المستوى الدولي لحشد التأييد ضد العدوان التركي.
تفاصيل البيان الختامي
في البند الأول، أدان وزراء الخارجية العرب "العدوان التركي على الأراضي السورية"، كما أكد على أن كل جهد سوري للتصدي لهذا العدوان والدفاع عن الأراضي السورية، هو "تطبيق للحق الأصيل لمبدأ الدفاع الشرعي عن النفس وفقا للمادة /51/ من ميثاق الأمم المتحدة".
ثانيا، المطالبة بوقف العدوان وانسحاب تركيا الفوري وغير المشروط من كافة الأراضي السورية، والتأكيد على أن هذا العدوان على سوريا يمثل الحلقة الأحدث من التدخلات التركية والاعتداءات المتكررة وغير المقبولة على سيادة دول أعضاء في جامعة الدول العربية.
ثالثا، النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة العدوان التركي، بما في ذلك خفض العلاقات الدبلوماسية، ووقف التعاون العسكري، ومراجعة مستوى العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية مع تركيا.
رابعا، مطالبة مجلس الأمن الدولي باتخاذ ما يلزم من تدابير لوقف العدوان التركي والانسحاب من الأراضي السورية بشكل فوري، وحث كافة أعضاء المجتمع الدولي على التحرك في هذا السياق، مع العمل على منع تركيا من الحصول على أي دعم عسكري أو معلوماتي يساعدها في عدوانها على الأراضي السورية.
خامسا، الرفض القاطع لأي محاولة تركية لفرض تغييرات ديموغرافية في سوريا عن طريق استخدام القوة في إطار ما يسمى " بالمنطقة الآمنة"، باعتبار أن ذلك يمثل خرقا للقانون الدولي، ويدخل في مصاف الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي تستوجب الملاحقة والمحاسبة القضائية الدولية لمرتكبيها، ويشكل تهديدا خطيرا لوحدة سوريا واستقلال أراضيها وتماسك نسيجها الاجتماعي.
سادسا، تحميل تركيا المسؤولية كاملة عن أي تداعيات لعدوانها على تفشي الإرهاب أو عودة التنظيمات الإرهابية – بما فيها تنظيم "داعش" الإرهابي- لممارسة نشاطها في المنطقة، ومطالبة مجلس الأمن في هذا الإطار باتخاذ كل ما يلزم من تدابير بشكل فوري لضمان قيام تركيا بتحمل مسئوليتها في هذا الخصوص ومنع تسلل المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى خارج سوريا.
سابعا، تكليف الأمين العام لجامعة الدول العربية بإجراء اتصالات مع سكرتير عام الأمم المتحدة، لنقل مضمون قرار مجلس الجامعة وتوزيعه على أعضاء الأمم المتحدة كوثيقة رسمية، والنظر في ترتيب زيارة لوفد وزاري عربي مفتوح العضوية إلى مجلس الأمن لمتابعة الأمر والعمل على وقف العدوان التركي على الأراضي السورية.
ثامنا، تكليف المجموعة العربية في نيويورك ببحث سبل التصدي للعدوان التركي داخل مختلف أجهزة الأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن، ورفع توصياتها لمجلس جامعة الدول العربية في هذا الشأن في أسرع وقت ممكن.
تاسعا، تجديد التأكيد على وحدة واستقلال سوريا والتشديد على أهمية البدء الفوري في المفاوضات السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، خاصة في إطار اللجنة الدستورية التي أعلن عن إنشائها مؤخرا، لتطبيق العناصر الواردة في قرار مجلس الأمن رقم /2254/ والتوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية وإنهاء معاناة أبناء الشعب السوري.
عاشرا، الموافقة على إدراج بند "التدخلات التركية في الدول العربية" كبند دائم على جدول أعمال مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وتشكيل لجنة لمتابعة الأمر.
الحادي عشر، الطلب إلى الأمين العام متابعة تنفيذ القرار وتقديم تقرير إلى المجلس في دورته العادية المقبلة بالتنسيق مع الدول الأعضاء.
تقوية الإرهاب
من جهته، استنكر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، العدوان التركي، وأوضح في كلمته خلال الاجتماع أن التوغل التركي العسكري في سوريا الذي تلفّه الكثير من الشبهات حيال الأهداف المعلنة المشكوك فيها سينجم عنه تعزيز قدرة الإرهابيين بعدما تم دحرهم، معتبراً أن ذلك يشكّل خطراً داهماً على الأمن الإقليمي والدولي، وحذر، في هذا الصدد، من استغلال تنظيم "داعش" تداعيات الغزو التركي.
وأشار إلى أن "الخلاصة ستكون فاجعة إنسانية جديدة، ونحن على أبواب الشتاء، فضلاً عن شبهات استحداث تغيير ديمغرافي يهدد بنية المجتمع السوري على خطى ما ارتكبه التدخل الإيراني من جرائم إنسانية".