يتلقون المارة وترهقهم التكاليف.. طلاب طب الأسنان في دمشق أمام واقع مرير

دمشق – نورث برس

يضطر ماهر فواز (23 عاماً)، وهو طالب في السنة الرابعة في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق، للوقوف أمام باب الكلية للبحث عن أناس بحاجة للعلاج بهدف تقديم الحالات كنماذج في الامتحانات النهائية.

ويقول الطالب الذي يعيش في بلدة جرمانا بريف دمشق لنورث برس، إن معاناته ازدادت مع بداية العام الدراسي الجديد خصوصاً بعد ازدياد ساعات التطبيق العملي واضطراره للبحث عن حالات مرضية.

ويقول طلاب في كلية طب الأسنان إن البحث عن حالات للعلاج باتت من أبرز المشكلات التي تميز هذا القسم، لتأتي الأزمة الاقتصادية وتزيد من أعباء الحمل على كاهل الطلبة.

ويضيف فواز “الجهد المنصب على محاولات البحث عن الحالات أكثر بكثير من الجهد المنصب باتجاه دراسة وفهم المادة العلمية.”

ويزيد عدد الطلاب “الهائل” بالمقارنة مع عدد المقاعد المخصصة لهم من صعوبة الأمر، بالإضافة إلى أنهم يتناوبون على نفس المريض في كثير من الأحيان.

“عمل اضطراري”

وتعمل ليلى عاشور (27 عاماً)، وهي طالبة دراسات عليا باختصاص تعويضات أسنان ثابتة ومشرفة في جامعة دمشق، في إحدى العيادات القريبة من مكان إقامتها مقابل مبلغ مالي بسيط.

وتقول “عاشور”، التي تعيش في حي الفحامة وسط دمشق، لنورث برس، إنه لا يمكن لطلاب الدراسات أن يمارسوا المهنة حتى إتمام دراستهم.

لكن بسبب “ارتفاع تكاليف المواد المستخدمة أثناء الدراسة، كان من الأفضل أن أحصل ولو مبلغ بسيط لتخفيف الضغط عن عائلتي.”

وكانت التكاليف عند مخبريي الأسنان فيما مضى تتراوح بين 30 – 40 ألف ليرة خلال الفصل الواحد، أما الآن فقد تصل لـ80 ألف ليرة سورية، بحسب “عاشور”.

وإلى جانب “عاشور” يلجأ الكثير من الطلبة للعمل من أجل تخفيف النفقات عن أسرهم، “فمنهم من يلجأ للعمل الحر على النت، ومنهم من يلجأ للعمل بمحلات الملبوسات والمأكولات بدوام جزئي.”

“مصاريف إضافية”

لا تقتصر الأزمات بطلاب كلية طب الأسنان فحسب بل تتعداهم إلى طلاب الجامعات الخاصة، فبالرغم من قلة العدد وقلة الضغط مقارنة بالجامعات الحكومية، لكن “التكاليف قد تتضاعف بشكل هائل خلال سنوات الدراسة الأخيرة.”

واضطر مازن صوان (26 عاماً)، وهو طالب سنة خامسة في كلية طب الأسنان في جامعة الشام الخاصة، لإيقاف دوامه الجامعي في السنة الماضية، ليعمل ويدخر مصروفاً للسنة اللاحقة.

ويقول “صوان” الذي يعيش في حي القصور بدمشق، لنورث برس، “أوقفت تسجيلي في الجامعة لأعمل في محل لبيع الأدوات الكهربائية لأتمكن من إكمال دراستي.”

ويضيف: “لذا لم أضطر في سنة الإيقاف إلا لدفع مبلغ بسيط بحدود خمسين ألف ليرة.”

واستغل الطالب سنة الإيقاف للتحضير للسنوات المؤجلة، “لتحقيق معدلات عالية تعويضاً للسنة الضائعة وسلبياتها على شهادتي.”

ومنذ نحو عامين عدلت وزارة التعليم العالي، رسوم التسجيل للطلاب النظاميين برسوم مضاعفة.

كما أصدرت الوزارة قراراً بإلزام الطلاب النظاميين بدفع رسوم التعليم الموازي طوال حياتهم الجامعية حال استنفاذهم أو تعرضهم لعقوبة جامعية، إضافة إلى رفع رسوم التعليم المفتوح.

ومنتصف كانون الأول/ديسمبر 2019، أصدرت جامعة دمشق، القرار (رقم 1129/9) الذي نصّ على إلزام الطلاب والكوادر الإدارية، الذين صَدرت بحقهم عقوبات جامعية بدفع مبلغ مئة ألف ليرة سورية.

وشمل القرار ممن تم تسوية وضعهم، وهو ما دعم، بحسب تصريح سابق لمدير الشؤون القانونية في رئاسة الجامعة نبيل المقداد، صندوق الجامعة بعشرات الملايين سنوياً.

لكن يقول طلاب في جامعة دمشق إن كل هذه الإجراءات تأتي على حساب جيوبهم وجيوب عائلاتهم وسط الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.

إعداد: رغد العيسى – تحرير: خلف معو