ضباط أمن حكوميين في السويداء يقومون بالتغطية على مضاربات صرافين

السويداء – نورث برس

في ظل المضاربات المالية لأسعار صرف الدولار الأميركي بين الحكومة وتجار السوق السوداء، وعمليات الصرف بأسعار تزيد عن السعر المحدد من قبل حكومة دمشق، يقوم ضباط أمن حكوميين بالسويداء، جنوبي سوريا، بحماية بعض الصرافين مقابل رشى مالية.

وبحسب عاملين في أسواق الصرافة، ينخرط ضباط من القوات الحكومية في عمليات الصرافة وامتصاص الدولار الأميركي من خلال أشخاص يعملون لصالحهم داخل الأسواق.

تجار وهميون

وقال محمود رباح (٣٥ عاماً)، وهو اسم مستعار لشاب يعمل في الصرافة، لنورث برس، إن صديقاً له يعمل في أحد الأجهزة الأمنية داخل السويداء، عرض عليه العمل في شراء الدولار الأميركي من داخل الأسواق بدعم من أحد الضباط الأمنيين.

وأضاف: “حينها كنت أبحث عن عمل بعد تسريحي من احتفاظ دام ثمانية سنوات، ولم أكن أجد عملاً داخل السويداء أستطيع من خلاله تغطية مصاريف أسرتي المكونة من أربعة أطفال.”

وحين علم “رباح” من صديقه أن ذلك الضابط سوف يمده بملايين الليرات السورية مقابل شراء الدولار الأميركي، وسيكون صديقه هو الوسيط بينهما وافق على الفور مقابل، أن يأخذ عشرة ليرات سورية مقابل كل دولار أميركي يشتريه من داخل السوق السوداء.

وقال إنه التقى بذلك الضابط الذي يعمل داخل جهاز الأمن العسكري في السويداء لمرة واحدة فقط خلال السنة التي قضاها في عالم الصرافة داخل السوق السوداء.”

وأكد له الضابط أن “لا خوف عليه” طالما يؤمن له الحماية وفي حال تعرض إلى أي خطر، ما عليه سوى الاتصال برقم هاتفه الخاص، بحسب “رباح.”

وتحسنت أوضاع الشاب المالية، لكن بقي يخشى من كشف أمره، “لن يقف أحد إلى جانبي إن افتضح أمري ولن تفيد واسطة ذلك الضابط الذي أعمل لحسابه.”

ويعتبر “رباح” أن عمله محفوفٌ بالمخاطر ولن يصيب المتنفذين الأمنيين شيء، لأنهم شبكة معقدة من “مافيات المال”، ولأنهم  مرتبطون برتب عسكرية وأمنية عالية في دمشق.

محاربة وهمية

يقول سليمان معالي (٤٨ عاماً)، وهو اسم مستعار لتاجر مواد غذائية وعلى اطلاع واسع بعمل سوق الصرافة في السويداء، إن السوق السوداء ما تزال نشطة عبر سماسرة وأفراد تربطهم علاقات وثيقة بضباط، رغم ادعاء الحكومة محاربتها كل من يعمل بالصرافة غير المرخصة.

وبحسب التاجر، فإن ضباط الأمن يشكلون مظلة حماية من أي عملية إغلاق لمحالهم التي يتخفون فيها خلف تجارة الألبسة كواجهة وهمية للعمل في صرف العملات.

ويضيف: ” تدعي الحكومة بأن حربها مع المضاربين في الأسواق السوداء، لكن المضاربين نفسهم يدعون أنهم يمثلون الذراع الأمني للسلطة ويحمون حماها من المؤامرة  الخارجية المزعومة التي تهدف إلى ضرب اقتصاد البلاد.”

وكل ما يحدث من ارتفاعات كبيرة لقيمة صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية هي بيد متنفذين وتجار وأمنيين لا يخرجون عن إرادة السلطة الحاكمة، بحسب التاجر.

ويعتبر “معالي” إجراءات وادعاءات الحكومة، “مجرد أوهام وأكاذيب هدفها ذر الرماد في العيون والإيحاء بأن الحكومة حريصة على اقتصاد البلاد.”

شبكة معقدة

يقول محمود الأسمر (٥٠ عاماً)، وهو  اسم مستعار لأكاديمي اقتصادي في السويداء، إن شبكة معقدة من الضباط الأمنيين الحكوميين والتجار المتنفذين تشكلت خلال عشر سنوات من عمر الحرب السورية، وتعمل على سحب الدولار الأميركي.

وأضاف لنورث برس: “العقوبات الاقتصادية المفروضة وعبر قانون “قيصر” الأميركي على الكيانات الأساسية للحكومة السورية وقيادات عسكرية، جعلتهم يبحثون عن موارد جديدة من المال أكثرها قوة ورخاء هو امتصاص الدولار الأميركي.”

وذكر الأكاديمي أن “طرح أسعار جديدة يدر على المتنفذين فروقات كبيرة من المال، إلى جانب الاتجار بالمخدرات وتشكيل شبكات مالية تتحايل به على العقوبات المفروضة.”

وأشار إلى أن “الاقتصاد السوري ومنذ خمسة عقود ماضية مختطف من قبل عصابة من رجال الأعمال وتعمل بعقلية ،لا يقال عنها سوى أنها مافيوية هدفها تركيز الثروات والمال السوري  بيد ثلة من المتحكمين بالاقتصاد السوري.”

والهدف الأساسي لهذه الشبكات هي “إفقار جميع مكونات الشعب السوري على حساب بقاء الأسد في سدة الحكم.”

واعتبر الأكاديمي أن “من يتحكم بسعر صرف الدولار الأميركي ليس كما يقال الهجمة الخارجية والمؤامرة الكونية على السوريين بل أباطرة السلطة والمال في قصر المهاجرين.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: محمد القاضي