مسؤول كردي: شرق الفرات قضية أكثر من سوريَّة واللجنة الدستورية استباق لمعركة إدلب والمرحلة المقبلة مصيرها مجهول

NPA
قال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا، لـ"نورث برس" إن المشهد السوري له جانبان عسكري وسياسي مترابطان، بعوامل خارجية بحتة، دون أن يكون للسوريين قرار، وأن الإرهاب ينظر لسوريا، مرتعاً وساحة، يمكن أن تتحول إلى قوة مادية وخاصة، إذا توفرت قوى إقليمية داعمة.

تعقّد المشهد السوري
ويؤكد بدران جيا كورد، مستشار الإدارة الذاتية الديمقراطيّة لشمال وشرقي سوريا، أن المشهد السوري يتجه يوماً بعد الآخر نحو المزيد من التعقيد والتشابك، دولياً وإقليمياً، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري".
ويضيف أن "الجانبين العسكري والسياسي مترابطان، بعوامل خارجية بحتة، دون أن يكون للسوريين قرار، ولكن في هذا القرار فقط، السوري يتحول إلى وقود لهذا الصراع الدموي المرير، ولا يلوح في الأفق توافق سياسي دولي أو إقليمي يشير لبوادر الحل السياسي القريب".
ويوضح جيا كورد بأن أسباب ما سبق كثيرة منها "اختلاف الأجندات الخاصة لكل القوى المؤثرة على الوضع السوري، واستمرارية الإرهاب بأشكاله المختلفة سورياً وإقليمياً، والتي ما زالت تنظر لسوريا، مرتعاً وساحة، يمكن أن تتحول إلى قوة مادية، وخاصة إذا توفرت قوى إقليمية داعمة".
كما يتابع بأن "تأرجح ملف إدلب الساخن ما بين التحرير والتأهيل والتدجين، يشكل قضية محورية ومصيرية، للحلف الروسي ولا يبدو واضحاً كيف سيحسم الأمر في نهاية المطاف، ولكن الشيء الذي يمكن تكهنه هو استمرار المعركة، إلى مرحلة لاحقة، وهي حبلى بالمفاجآت".
ويشدد مستشار الإدارة الذاتية بأن المرحلة المقبلة "تبدو وكأنها تملك شرعية نظرية وسياسية فضفاضة، ولكن مصيراً عملياً وميدانياً مجهولاً، ينتظرها، وهي على المحك".

شرق الفرات قضية أكثر من سورية
كما ينظر جيا كورد إلى ملف شرق الفرات على أنه تحولَ هو بدوره "لقضية دولية وإقليمية، أكثر من قضية سورية، تبنى عليه توازنات جديدة في المنطقة، حيث تملك شرعية واقعية وعملية مدروسة، مع معاناة تلك الشرعية السياسية من تضليل السبل إلى الحل الحقيقي".

ويردف قائلاً: "هذه المنطقة تعيش تناقضاً بين الاثنين، أي بين الغموض السياسي، والوضوح الواقعي الميداني، وهي أيضا ما زالت تنتظر  المفاجآت التي ستؤثر بشكل كبير على مستقبل سوريا".
تسريع المصادقة على اللجنة الدستورية
يؤكد جيا كورد خلال حديثه لـ"نورث برس" على وجوب فهم أسباب إسراع الأمم المتحدة في المصادقة على "هكذا عمل منافي للقرار الدولي /2254/ وشرعنة مخرجات آستانا وسوتشي، التي أدت إلى احتلالات واسعة في سوريا على يد الاحتلال التركي، ومنها عفرين تحديداً، إضافة لشرعنة إقصاء شريك دولي استراتيجي لمحاربة الإرهاب وهي الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا".
ويفسر المستشار تصرف الأمم المتحدة مع قضية مصيرية، بأنه "تصرف متحيز وازدواجية معايير"، معتبراً أن هذه القضية "تهم الاستقرار والسلام الإقليمي والدولي".
ويدعو مستشار الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا، الأمم المتحدة "إلى إعادة النظر في قرارها وتصرفها غير العادل، والذي لا يصب في مصلحة السوريين".

التأييد الأمريكي والمستفيد
ويتابع حديثه لـ"نورث برس" مؤكداً أن "التأييد الأمريكي والتحالف الدولي، لهذه اللجنة دون مشاركة سورية كاملة، لا يساعد الحل السياسي والاستقرار، وبالتالي المستفيد الأكبر من حالة اللاحل والتوتر، هو الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله".
ويُتبع قوله الأخير بطلب من الجهات المؤيدة لإعلان اللجنة الدستورية، بأن "لا تتناقض مع جهودها المبذولة لمكافحة الإرهاب"، معتبراً ذلك "خدمة مجانبة إضافية للأنظمة السورية والتركية والإيرانية، اللواتي تعملن بشكل جاهد لإقصاء الإدارة الذاتية ومكونات شمال وشرقي سوريا".

توقيت مخالف للحل
كما يشدد على أن توقيت الإعلان عن اللجنة الدستورية، تزامن مع اختلاف شاسع حول رؤى الحل، وهذا ما يراه "دليلاً على تضارب الرؤى والمشاريع بشكل كلي على الأرض"، معتبراً "هذا التوافق لم يحصل بين السوريين، بل خطة توافق بين القوى ذات النفوذ في سوريا".
ويمتنع مستشار الإدارة الذاتية عن وصفها بـ"لجنة صياغة الدستور"، قائلاً بأنها "جموع من الأشخاص"، راداً ذلك لاعتبارات كثيرة وفقاً لقوله وهي "أولاً من حيث التمثيل، فهم لا يمثلون المجتمع السوري المتنوع، وهذا يتناقض مع القرار الأممي /2254/ الذي يلزم بأن تكون اللجنة ممثلة ومتوافقة بين جميع مكونات سوريا".
ويضيف أنه إذا ما تم "إقصاء شمال وشرقي سوريا وجنوبي سوريا والوسط والساحل، ليس لهم قرار في ذلك، إذاً اللجنة تمثل مَنْ، ثم من سيلتزم بالمخرجات".
ويتابع بأن "هذا يقودنا بأن تشكيل هكذا لجنة، هو المساهمة وصب الزيت على النار في تعميق الأزمة والصراع".
فيما يرى أن الاعتبار الثاني هو أن اللجنة سياسية وليست مهنية، "وستكون رؤاها متجاذبة، فيما بين القوى الخارجية المؤثرة، وليس لصالح المجتمع السوري، وهذا ما سيجعلها فاقدة للشرعية السياسية الوطنية والاجتماعية".

دستور ديمقراطي
كما يقول مستشار الإدارة الذاتية، بأن الشعب السوري "بحاجة لدستور ديمقراطي، يضمن حقوق الجميع وإنشاء علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع، وكذلك بين الفرد والمجتمع، من خلال عقد اجتماعي جديد بالاستناد على استخلاص الدروس من المعاناة والمآسي التي عاشتها منذ عقود".
ويبدي ملاحظته لما وصفه بـ"حالة عدم الرضا بشكل واسع من هكذا لجنة، حيث الرفض الكلي من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا"، بالإضافة إلى "الاستياء الكبير بين أهالي المنطقة الجنوبية، وإصرار الحكومة السورية على التعديل وليس على دستور جديد".

وكل ما سبق وفق جيا كورد، "يدل عملياً أنه لن تكون هناك لجنة، كما يظنها البعض، إنما استياء بين الكتل المشاركة، حول النسب والأشخاص"، ويؤكد أن البعض يتناسى عمَّن "سيصوِّت على هذا الإنجاز الذي يجب أن يمر بعملية الاستفتاء من قبل السوريين المشتتين بين أصقاع العالم".

لا قبول للتقسيم والتجزئة
ويختم حديثه بالقول بأن الإدارة الذاتية ترى أن يجب على السوريين اتخاذ قرارهم بنفسهم دون إقصاء أي طرف، كما أن "شعبنا لن يقبل ما يملى عليه ولن يقبل التجزئة والتقسيم الذي يفرض عليه، من قبل بعض القوى من خلال هكذا لجنة لا تمثل سوى مصالح سياسية لأجندات لا تخدم ولا تليق بضحايا ومعناة شعبنا من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه".
كما يؤكد بدران جيا كورد، مستشار الإدارة الذاتية الديمقراطيّة لشمال وشرقي سوريا، في حديثه لـ"نورث برس"، أن عملية إعلان تشكيل اللجنة الدستورية هي "عملية استباقية لمعركة جديدة في إدلب، ليكون تشكيل هذه اللجنة، ضربة قاضية لتلك المجموعات المسلحة بمسميات مختلفة، وهذا ما يختلف مع مقررات جنيف /2/ بأن تسبق إنشاء لجنة صياغة الدستور "عملية وقف إطلاق نار شاملة، والإفراج عن المعتقلين في السجون بين الطرفين، وتشكيل هيئة حكم انتقالية ومن ثم تشكيل هذه اللجنة".