صحفيون سوريون يدعون حكومة دمشق للكف عن “سياسة الجباية”

دمشق – نورث برس

قال صحفيون سوريون إن عودة رئيس الحكومة السورية للدفاع عن شرط تصريف مئة دولار أميركي يمثل “سياسة الحكومة السورية في مد يدها لجيوب السكان الفارغة”، على حد تعبير أحدهم.

ووصف صحفيان سوريان، يعيشان خارج البلاد، القرار بالمخالف للدستور والهادف لإجبار الناس على دعم الحكومة عبر دفعهم مبالغ لقاء السماح لهم بدخول بلادهم.

ويوم الأحد الماضي، دافع رئيس الحكومة السورية، حسين عرنوس، خلال جلسة لمجلس الشعب، عن القرار، وأشار إلى إعفاء بعض العائدين من تصريف هذا المبلغ.

وتجبر الحكومة السورية منذ تموز/يوليو الماضي، سوريين عائدين إلى البلاد عبر المنافذ الحدودية، على تصريف 100 دولار أمريكي إلى الليرة السورية، بحسب سعر صرف المصرف المركزي السوري.

ويشير سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي إلى 1.256ليرة سورية، بينما يتجاوز السعر 2.800 ليرة في الأسواق، وهو ما يتسبب بخسائر لمن تجبرهم الحكومة على صرف أموالهم وفق تسعيرتها.

“سياسة جباية”

واعتبر محمد عيد، وهو صحفي سوري يقيم في الإمارات، أن حديث رئيس الحكومة عن السماح بالدخول لمواطنين لا يمتلكون الـ ١٠٠ دولار، “أشبه بالمنة.. رغم أن ذلك حق رئيس من حقوقه، دون منة من أحد، كونه حامل للجنسية السورية.”

وقال إن الأَولى برئيس الحكومة بدل توضيح القرار ومحاولة تبريره، كان “أن يلغي القرار ويقلع عن سياسة الجباية التي تنتهجها حكومته.”

وكان رئيس الحكومة السورية قد أشار أيضاً، خلال جلسة مجلس الشعب نفسها، إلى إمكانية العودة عن القرار، “عندما يتحسن الوضع الاقتصادي ويتوفر القطع الأجنبي.”

ويرى “عيد” أن القرار الذي أصدرته وزارة المالية السورية، “مخالف للدستور وخاصة المادة 38 التي تنص على حرية دخول ومغادرة الأراضي السورية، وعدم منع المواطن السوري من العودة إلى الأراضي السورية أو إلزامه بدفع غير مستحق.”

لا معايير للإعفاء

وخلال آب/أغسطس الماضي، وكان أول شهر لتطبيق القرار، صرف كل من 14.210 سوريين 100 دولار أميركي أو ما يعادلها من القطع الأجنبي على الحدود قبل دخولهم الأراضي السورية، أي بمجموع 1.421.000  دولار، بحسب تصريحات صحفية لناجي النمير، مدير إدارة الهجرة والجوازات.

وفي نهاية أيلول/سبتمبر 2020، قال “عرنوس” إنه تم إعطاء التعليمات للمنافذ الحدودية “بإدخال أي مواطن ليس لديه القدرة على تصريف المئة دولار.”

لكن سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي يتساءلون منذ ذلك الحين عن المعايير التي تعتمدها الحكومة في تصنيف من لا يمتلكون القدرة على الدفع.

لا سيما أن الأمور المالية في الدوائر الرسمية الحكومية تخضع للمحسوبيات والرشاوى في كثير من الأحيان، فكيف مع عدم وضوح المعايير وغموض القرارات.

وقالت وزارة المالية السورية، في توضيح سابق للقرار، إن “العائد من خارج البلاد يكون بحوزته عادة عملات أجنبية، ويُفترض تصريفها بالقنوات الرسمية.”

ويتضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقٌ كلِّ فر  في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده.

“دعم إجباري”

وقال تامر قرقوط، وهو صحفي سوري مهتم بالشأن الاقتصادي، لنورث برس، إن العودة للحديث عن تسديد المئة دولار للسوري الراغب بدخول البلد “هي قضية إنسانية قبل أن تكون مالية.”

وكتب “قرقوط”، الذي يعيش في ألمانيا، على حسابه الشخصي في موقع فيس بوك: “أسوأ الحكومات تلك التي يصر رئيسها على عدم إلغاء قرار إلزام السوري الذي يريد الدخول إلى وطنه بتصريف مئة دولار، وكل ما يتردد عن إعفاء البعض، هو كذب وجريمة نهب موصوفة.”

وقال أيضاً: “هذه ليست حكومة، بل هي عصابة قطاع طرق تقف على الطريق تشلّح الناس أرزاقهم وثمن خبز أسرهم ودواء أولادهم.”

وطالب الصحفي السوري بإلغاء القرار، “فأسوأ الحكومات هي التي تمد يديها إلى جيوب مواطنيها الفارغة، وتنهب منهم كلفة قوتهم المغمّس بالدم قبل العرق.”

 وأضاف: “يُرغم السوري على دعم الحكومة جبراً، حتى يركب الوزراء سيارات الليكزس، وحتى يتنعم الرفيق البعثي القيادي بالرفاه.”

إعداد: قيس العبد الله – تحرير: حكيم أحمد