وظائف ومهن إضافية ترهق عاملين في حلب وسط تدهور الأوضاع المعيشية
حلب – نورث برس
يدفع تدنّي الأجور في القطاعين الحكومي والخاص سكاناً في مدينة حلب، شمالي سوريا، إلى مزاولة أكثر من وظيفة ومهنة للحصول على دخل يكفي المصاريف المتزايدة للعائلات وسط التدهور المعيشي والغلاء في الأسواق.
ولم يمنع عدم الانسجام بين الوظيفتين هؤلاء من تكبّد مشاق ساعات طويلة من العمل بهدف تلبية احتياجات عائلاتهم اليومية من أغذية ومواد أساسية.
“وراء مكنة”
ويقصد نواف الحمصي (42 عاماً)، وهو موظف حكومي منذ 20 عاماً، بعد نهاية دوامه في مديرية التربية في حلب، عمله في ورشة لتصنيع الألبسة الرجالية في حي الجابرية في المدينة.
ويعمل الموظف الحكومي طوال عشر ساعات متواصلة وراء مكنة خياطة، ليحصل شهرياً على راتب بمئة ألف ليرة سورية، وهو ضعف راتبه الوظيفي.
وقال لنورث برس: “مبلغ خمسين ألف ليرة الذي أتقضاه من الحكومة لا يكفي أسرتي سوى أسبوع واحد كأقصى حد.”
ويعيل “الحمصي” عائلة مكوّنة من خمسة أطفال وزوجته.
ورغم استنتاجه أن العمل بأكثر من وظيفة ينهك المرء، إلا أنه مضطر لذلك بعد أن وجد نفسه براتب تدهورت قيمته وسط ظروف معيشية قاسية.
ويبلغ متوسط رواتب الموظفين لدى الدوائر الحكومية السورية حوالي 60 ألف ليرة، وهو ما لا يلبّي احتياجات عائلات الموظفين إلا لأيام قليلة.
“خلف مقود”
ولم تقتصر الظاهرة على موظفي الحكومة وحدهم، لأن قسوة الظروف المعيشية باتت تضغط على جميع من يعتمدون على جهدهم للحصول على دخل يكفيهم.
ويقضي حسين الرحل (38 عاماً)، وهو سائق في مدينة حلب، يومياً 14 ساعة من أجل الحصول على مصدرين لدخل يومي لا يتجاوز 12 ألف ليرة سورية.
ويعمل “الرحل” من السادسة صباحاً وحتى الرابعة عصراً على حافلة لنقل الركاب بين حلب وبلدة دير حافر في ريفها الشرقي، ثم يذهب للعمل على سيارة أجرة (تكسي) من الخامسة مساءً حتى منتصف الليل.
ويقول السائق إن عمله “مرهق وبالغ الصعوبة.”
ويستدرك: “لكن التعب يهون أمام الحاجة والفاقة التي قد أقع فيها.”
ويعيل الرجل عائلته المكوّنة من ستة أشخاص بالإضافة لوالدته وشقيقته.
“بسطة ألبسة”
ولا تمنع ظروف العمل ونوعه أرباب العائلات في حلب من ممارسته وسط عجز الراتب الواحد عن إعالة عائلة.
وقال أحمد الرجب (44 عاماً)، وهو عامل في مؤسسة الإسكان العسكري الحكومية، إنه بمجرد أن ينهي عمله في النهار، يذهب لحي الفرقان في حلب ليعمل على بسطة لبيع الألبسة الولّادية.
وأضاف أن جميع الموظفين يعملون في مهنة أخرى بعد انتهاء دوامهم.
تدنّي قيمة الراتب الوظيفي دفعه للبحث عن عمل إضافي لم يُوفَّق فيه بدايةً، “لأن معظم أصحاب الأعمال لا يحتاجون لعاملين جدد أو يشترطون الدوام خلال الفترة النهارية وهذا لا يتناسب مع وظيفتي.”
ولم يمنع تواضع بسطة الألبسة وضعف رأس المال “الرجب” من السعي لدخل إضافي يلبّي احتياجات أسرته.