إدلب – نورث برس
يعرقل ارتفاع أسعار الأدوية حصول مرضى في منطقة إدلب، شمال غربي سوريا، على احتياجاتهم من الأصناف المستوردة أو القادمة من مناطق الحكومة، لا سيما للأمراض المزمنة.
ويتوجب على هؤلاء المرضى تناول الدواء بشكل مستمر، وقد يشكل انقطاع الدواء عنهم لفترات قصيرة أو طويلة خطراً يهدد حياتهم.
فقدان المعارضة مصدرها
وتواجه الخمسينية جميلة الشيخ، وهي من سكان مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، صعوبة كبيرة في تأمين ثمن أدوية “ضغط الدم” و”السكري” التي يتوجب عليها تناولها باستمرار، إلى جانب تكاليف الشرائح الخاصة بجهاز تحليل السكر.
وقالت لنورث برس إن تأمين الدواء أصبح مع أوجاعها “هماً مضاعفاً” بسبب غلائه وانقطاعه في بعض الأحيان، الأمر الذي يضطرها للبقاء دون أدوية أو اللجوء لاستعمال أصناف بديلة.
وطال الغلاء قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية ليشمل احتياجات غالبية المصابين بالأمراض المزمنة وخاصة كبار السن.
وأضافت “الشيخ”: “الارتفاع ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ لأﺳﻌﺎﺭ ﺍﻷﺩﻭية ﻳﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮﺍً ﺑﺎﻟﻐﺎً ﻋﻠﻰ صحتي، ﻭﺻﺤﺔ ﻤﺮﺿﻰ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺛﻤﻨﻪ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻲ ﺍﻟﻤﺘﺮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ نعيشه.”
وتحتاج المرأة المسنة لما يقارب ثلاثة آلاف ليرة سورية لتأمين دواء السكري، أما دواء الضغط فيبلغ سعره 2700، علماً أنها تحتاج لعلبتين من كل نوع شهرياً.
ومنذ سيطرة الحكومة السورية على معامل الدواء في حلب وريفها الغربي، وسيطرتها في شباط/فبراير الماضي بشكل كامل على طريق دمشق- حلب، باتت الكميات القليلة التي تدخل إدلب عبر طرق تهريب لا تكفي حاجة المرضى في المنطقة.
وتخضع شحنات الأدوية السورية الداخلة عبر مهربين لإتاوات للحواجز العسكرية، ما يرفع أسعارها في الصيدليات.
أما المستوردة من تركيا وبلدان أخرى عبرها فتصل غالية السعر بسبب تدهور قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، بحسب صيادلة في إدلب.
أصناف بديلة مستوردة
وقال جميل العبسي (45عاماً)، وهو من سكان إدلب المدينة، إنه انقطع لمدة شهر كامل عن استعمال أدويته لمرض القصور الكلوي.
وأضاف أنه يواجه، منذ أشهر، صعوبة في تأمين أدويته بعد إغلاق المعابر مع مناطق سيطرة القوات الحكومية.
ويسعى “العبسي” الآن للحصول على أصناف بديلة من تركيا، “رغم أنها ليست بدرجة فعالية الصنف السوري الذي كنت أستعمله”، على حد قوله.
ويقول ذوو مرضى إن سوق الدواء في إدلب يشهد فوضى وتبايناً في أسعار البيع، بسبب عدم وجود آليات صارمة من قبل “حكومة الإنقاذ” لمراقبة وضبط الأسعار سواء لدى البائع المباشر أو في مستودعات الأدوية المنتشرة في المنطقة.
وقال عبد الفتاح الطعمة (35 عاماً)، الذي يعمل حارساً في أحد مشافي مدينة إدلب ويحصل على 100 دولار أميركي كراتب شهري، إنه بحث في معظم الصيدليات عن دواء للربو التحسسي الذي يعاني منه ابنه، بسبب تفاوت الأسعار.
وأضاف أنه بحث أيضاً في صيدليات مشافٍ تمنح بعض الأدوية المجانية، “على أمل أن تخفف عني بعض النفقات التي أعجز عن سدادها.”
وأشار “الطعمة”، الأب لأربعة أطفال، إلى أنه كان يشتري الصنف نفسه في الشتاء الماضي بألفي ليرة، بينما يباع الآن بأكثر من ستة آلاف ليرة سورية.
“احتكار تجار ومستودعات”
وأعاد بلال العبدو (39 عاماً)، وهو صيدلي في مدينة إدلب، غلاء أسعار الأدوية إلى انهيار قيمة صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، “خاصة أن قسماً من الأدوية يتم استيرادها من دول أخرى.”
وقال لنورث برس إن مناطق شمال غربي سوريا فقدت مصادر أدويتها بعد سيطرة الحكومة السورية على معامل الأدوية بريف حلب الغربي، والتي تضم أكبر معامل الأدوية في الشمال السوري.
وأشار “العبدو” إلى دور “احتكار التجار المتحكمين بنقل الدواء، فبعد انقطاع الأدوية من مصادرها، امتنعوا عن بيع الكميات المتوفرة لديهم لأصحاب المستودعات، التي أوقفت بدورها بيع أصناف للصيادلة.
كما ذكر أن أن “هناك أصنافاً من الأدوية أخذت تنقطع تدريجياً، من بينها أدوية لضغط الدم والسكري والمضادات الحيوية والفيتامينات .”