أكاديميون سوريون: زعامات تقليدية ومخاوف شعبية تمنع بروز النشاط السياسي في السويداء

السويداء – نورث برس

يقول أكاديميون من محافظة السويداء، جنوبي سوريا، إن الزعامات الدرزية التقليدية التي تعتمد عليها الحكومة السورية وروسيا في تحقيق ما يبتغيانه على أرض السويداء تمنع بروز النشاط المدني السياسي.

وقال واثق أبو عمر، وهو أكاديمي وأستاذ جامعي في الاقتصاد يقيم في مدينة السويداء، إن الدور الذي تلعبه بعض الزعامات التقليدية في توجيه دفة التموضع الحالي للدروز مدعوم من بعض الجهات الأمنية الحكومية وروسيا.

وأشار إلى أن المصالح الاستراتيجية للجهات الحكومية وروسيا في المنطقة الجنوبية تلتقي مع المصالح “الضيقة لتلك الزعامات”، على حد تعبيره.

وترغب الحكومة السورية وروسيا في الاعتماد على الزعامات الدرزية لاتخاذها “مطية لهما وجعلها طوع بنانهما”، وفق تعبير الأكاديمي السوري.

“تذمر مجتمعي”

واستغلت الزعامات التقليدية سابقاً الفراغ أو الفلتان الأمني في السويداء لاسترجاع نفوذها، لكنها تجابه بنفور مجتمعي، “فهناك تذمر وسخط في اختزال السويداء بما يسمى الإمارة الدرزية”، بحسب “أبو عمر”.

فالمجتمع الدرزي عموماً وباقي سكان محافظة السويداء “يرفضون الوجود الزعائمي التقليدي التابع والمماهي للمرامي والمخططات الحكومية والأجهزة الأمنية.”

ويعتقد الأكاديمي السوري أن الهدف الأساسي من تقوية وتعويم تلك الزعامات هي تحويل الأنظار عن المثقفين والعلمانيين في السويداء.

 ولم تستطع تلك القوى العلمانية في السويداء أن تشكل كتلة واحدة ذات ثقل في المجتمع نتيجة محاربتهم من قبل الحكومة وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية.

ورأى “أبو عمر” أن على جميع النخب العلمانية والمثقفة بالسويداء أن تشكل جسم أو هيئة عامة تمثل أبناء السويداء تستطيع أن تتحمل مسؤوليات “ومخاطر المرحلة القادمة.”

وحذر من أن تلك المخاطر قد تعصف بالوجود الدرزي ككل إن لم يتدارك الجميع أن الحل الأمثل للخروج من “المهلكة السورية” يكمن في الحل السوري السوري والانفتاح على جميع شعوب ومكونات البلاد.

“تهديدات وجودية”

ورأى جمال الشوفي (55عاماً)، وهو أستاذ جامعي وأكاديمي يقيم في مدينة السويداء، أن سبب “الانكماش الدرزي” الحالي هو ظهور تهديد وجودي جدي له من قبل أطراف متطرفة كتنظيم داعش، إلى جانب التصرفات الأمنية “القمعية” لأجهزة الحكومة.

ونهاية تموز/ يوليو عام 2018، هاجم عشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قرى شريحي وشبكي ودوما ورامي  بريف السويداء الشرقي، ما أسفر عن خطف وقتل العشرات من السكان.

وخطف التنظيم حينها نحو 30 طفلاً وامرأة، تم استعادتهم بعد أكثر من ثلاثة أشهر، عبر صفقة تبادل تمت بين التنظيم والحكومة في دمشق.

وقال “الشوفي” إن تلك الأحداث “أعادت العقل الدرزي مئة عام إلى الوراء عبر اتباع بعض الزعامات التقليدية القائمة، ووضعه في حالة من الانكماش والتوجس الداخلي لمصير الدروز في المستقبل وسط غياب الدور السياسي والمدني.”

 وأضاف أنه لا يوجد تعارض بين الدور السياسي الوطني وبين دور بعض الزعامات ومشيخة العقل الوطنية في حال أوجدوا مشتركات فيما بينهم على تكون “ذات هوية وطنية وغير انفصالية.”

“جسور غائبة”

ويرى “الشوفي” أن على النخب السياسية الدرزية في هذه المرحلة أن تجد لها جسوراً وأواصر ثقة مع الزعامات التقليدية ومشايخ العقل الثلاث المبنية أصلاً على “نزعة علمانية منفتحة.”

وذكر أن أوروبا دفعت “تكاليف عالية” من الحروب والنزاعات الداخلية وتجاوزت كل الصراعات فيما بينها حتى وصلت إلى الحداثة الحضارية الحالية.

ولفت الأستاذ الجامعي إلى ضرورة عدم الاستعجال في الحلول المنفردة المطروحة من الطرف الروسي وغير الروسي لاحتواء شباب محافظة السويداء ضمن الجيش الحكومي، “لأن مسألة السويداء مرتبطة ارتباطاً عضوياً ووثيقاً بالحل السياسي السوري ككل.”

وقال “الشوفي”: “في نهاية المطاف ستنتهي التدخلات الخارجية وسترحل معها كل الزعامات التي ارتضت لنفسها أن تضع يدها بيد الروسي أو الإيراني أو أي جهة أخرى على حساب مصلحة مجتمعاتها الوجودية.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد