“لا نوم هنا”.. سكان قرى بريف حسكة الشمالي يصفون لياليهم وسط القصف التركي

تل تمر – نورث برس

على طول الطريق الواصل بين بلدة تل تمر وناحية زركان (أبو راسين) شمال مدينة حسكة، شمال شرقي سوريا، تبدو القرى الواقعة على خط التماس مع الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها شبه خالية، بسبب هجرة كثيرين لقراهم جراء القصف المستمر.

ورغم ساعات الهدوء معظم النهار، لا يبدو من تبقى من سكان حوالي عشرين قرية على هذا الخط بحال جيدة وسط تجدد اشتباك هنا وقصف هناك، بالإضافة إلى إطلاق الرصاص الذي يخيف أطفالهم معظم الليالي.

وقالت أماني محمد (29 عاماً)، وهي من سكان قرية دردارة شمال تل تمر، إن أصوات القصف تُسمَع يومياً لتثير الخوف بين السكان، وخاصةً الأطفال.

وأضافت: “كثيراً ما نهجر منازلنا في الليل ونعود في الصباح، حالتنا مأساوية”.

أرياف تل تمر وزركان التي شهدت طوال سنوات الحرب في سوريا استقراراً نسبياً، باتت منذ أكثر من عام هدفاً لقصف متكرر منذ وصول تركيا وفصائل المعارضة إلى المنطقة وسيطرتها على مدينة سري كانيه (رأس العين) القريبة.

وفي الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري، استهدفت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها قرية العبوش بمحيط بلدة تل تمر بقذائف المدفعية، ما تسبّب بحالة من الهلع بين السكان.

كما أعلن المجلس العسكري السرياني، وهو فصيل عسكري منضوي ضمن قوات سوريا الديمقراطية، الأحد الماضي، إحباطه لعملية تسلّل قامت بها فصائل المعارضة المسلّحة في قرية أم الكيف بريف تل تمر.

ويقول سكان بقوا في قراهم، إن الكثير من العائلات تركت منازلها باتجاه تل تمر وحسكة، مؤخراً، جراء استمرار القصف التي تسببت بتوقف الحركة الزراعية ورعي الماشية والتي يعتمد القرويين عليهما في معيشتهم.

وقال رمو حيدر (53 عاماً)، وهو من سكان قرية قبور قراجنة شمال بلدة تل تمر، إن سكان 19 قرية تقع على خط المواجهة مع “تركيا ومرتزقتها” هنا، ملّوا من الهجمات والقذائف التي تُطلَق ليلاً منذ أكثر من عام.

وأضاف أن أغلب سكان هذه القرى نزحوا إلى القرى الجنوبية من تل تمر ومخيمات في مدينة حسكة، “لقد تخلّوا عن زراعة أراضيهم وبقي بعضهم مع مواشيهم في العراء للبحث عن مأوى آمن.”

ولم ينسَ الرجل الخمسيني “صمت القوات الروسية” المتمركزة في محطة المباقر شمال تل تمر إزاء الهجمات التركية.

 وقال لنورث برس: “كان لنا أمل في صدور موقف من النقاط الروسية لمنع الهجمات، لكن جرى العكس، فالروس يدعمون تركيا ومرتزقتها.”

وينصُّ اتفاق موقّع بين موسكو وأنقرة، في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، على وقف كافة العمليات القتالية وتسيير دوريات مشتركة في المنطقة الحدودية شمال شرقي سوريا.

ووفقاً للتقرير الشهري الصادر عن مكتب الرصد العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية، فإن تركيا تخرق الاتفاق مع روسيا من خلال الاستهداف المتكرر والمتعمَّد لقرى وبلدات ومواقع محاذية للمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وعلى طول خط التماس ضد تركيا والفصائل المعارِضة، تتمركز قوات حكومية تشرف على الطرق بالتنسيق مع المجالس العسكرية لمنطقتي تل تمر وزركان، لكن ذلك لا يوقف دويَّ القصف ولا ينهي مخاوف سكان القرى.

تقول نورا شيخموس (28 عاماً)، وهي من سكان قرية باب الخير شمال تل تمر، إنهم يحاولون قدر المستطاع البقاء في منازلهم، لكن ذلك يكلّفهم الكثير من المعاناة.

وتضيف: “أغلب الأيام الليالي لا ننام بسبب القصف، دويُّ إطلاق النار والقصف يخيف أطفالنا، وبهذه الحال نقضي أيامنا مع دويّ الاشتباكات والخوف.”

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: حكيم أحمد