آثار السويداء.. عقود من التنقيب العشوائي وعمليات النهب المنظمة

السويداء – نورث برس

يتهم سكان ومهتمون بالتراث والتاريخ في السويداء، جنوبي سوريا، جهات عسكرية تابعة للحكومة السورية بالاستمرار في نهب مواقع أثرية وتاريخية في المنطقة منذ عقود.

ويقدم عدد منهم شهادات حول قيام مقربين من القصر الجمهوري بإنشاء مواقع عسكرية إضافية ووضع اليد على أملاك خاصة بذريعة أن ملكيتها عامة تعود للدولة، بهدف إخفاء عمليات التنقيب غير المشروع بحثاً عن لقى أثرية قيّمة.

وتحتوي محافظة السويداء على 400 موقع أثري مسجل من قبل مديرية الآثار، إضافة إلى عشرات المواقع الأخرى غير المسجلة.

وتعتبر السويداء، بحسب منظمة اليونسكو، منطقة غنية بالمواقع والمعالم الأثرية التي يعود تاريخها للحقبة البرونزية حتى العهد الإسلامي مرورا بالرومانية والبيزنطية .

وقال سميح عبدالله (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لمهتم بالتراث من سكان مدينة السويداء طلب عدم الكشف عن هويته ، إن عمليات التنقيب غير المشروع عن الآثار وسرقتها داخل مدينة السويداء ازدادت بعد العام 2011 نتيجة الفلتان الأمني.

وأضاف أن تلك العمليات كانت تُدار من أفراد مرتبطين بأجهزة أمنية بعينها كفرع المخابرات العسكرية والذي كان يقدم الغطاء الأمني أثناء الحفريات ليلاً.

وكانت أعمال الحفر قد طالت الكنيسة الرومانية بمدينة السويداء، والتي تعتبر بحسب البعثة الفرنسية التي عملت عام 2000 في الموقع، من أقدم كنائس الشرق الأوسط، إذ يعود تاريخها إلى 250 بعد الميلاد.

ويعتقد “عبدالله” أن الآثار الغنية للسويداء كانت ستستقطب آلاف السياح لو أن الحكومة السورية اكترثت ببناء المرافق السياحية فيها.

وقال سامي الجبل (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لفنان تشكيلي من سكان السويداء القديمة، إنه يشعر بالأسى كل صباح حين يشاهد منظر الإهمال الكبير للمواقع الأثرية والأوساخ المتجمعة فوقها.

وأضاف لنورث برس أن إهمال الجهات الحكومية، ولا سيما مديرية الآثار في السويداء، جعل هذه المواقع عرضة للنهب والسرقة، رغم أهميتها في تاريخ المنطقة.

وكانت الحكومة السورية قد ردمت الكثير من الآثار أثناء شق الطريق “المحوري” في السويداء عام 2001.

ويشير مهتمون بتاريخ السويداء إلى تورط سكان من السويداء، ممن تقع منازلهم على أبنية رومانية، في عمليات الحفر غير القانونية.

ويقول هؤلاء إن عدداً من المواقع الأثرية في المنطقة قد تعرضت عبر العقود الماضية لعمليات نهب منظمة، مثل كتلة عرمان في الريف الجنوبي الشرقي للسويداء.

بالإضافة إلى بلدتي الغارية والمغير الأثريتين في الريف الجنوبي، إلى جانب مواقع أثرية أخرى تعود إلى العهدين الروماني والبيزنطي.

وروى أحد السكان أنه رأى في صيف العام 1984 تمثالاً من الذهب بيد جنود في “تلة عرمان”، كانوا يضعونه في صندوق أعد له.

ويتهم هؤلاء قوات “سرايا الدفاع” بقيامها في ثمانينيات القرن الماضي بسرقة عشرة أطنان من التماثيل البرونزية والذهبية متوسطة الحجم وكبيرة الحجم إضافة إلى كميات ضخمة من العملات الذهبية الرومانية والحلي.

وكانت القوات التي كانت تخضع لقيادة رفعت الأسد، عم الرئيس السوري بشار الأسد، تنشئ مواقع عسكرية وهمية في المناطق الأثرية وتستعين بخبراء آثار للحصول على تلك اللقى، بحسب من تحدثوا لنورث برس عن تلك الحفريات.

وذكر أحد سكان منطقة “تل الأحمر”، الواقعة في ظهر الجبل شرق مدينة السويداء، حادثة تعود إلى العام 2003 عندما قام صاحب أرض في المنطقة بأعمال حفر لتشييد قواعد بناء منزل، إلا أن ظهور نفق في إحدى الحفر دفع المالك للعزوف عن البناء.

 لكن خبر النفق تسرب إلى “ذو الهمة شاليش”، وهو ضابط في القصر الجمهوري ومقرب من الرئيس السوري بشار الأسد، ليرسل أعوانه الأمنين ويجبر صاحب الأرض لمغادرتها بدعوى أنها “ملك للحكومة.”

وتم بعدها الاستحواذ على كل اللقى الأثرية المادية المكتشفة في الموقع وترحيلها بمساعدة الأمن العسكري إلى جهة غير معلومة، بحسب المصدر نفسه.

إعداد سامي العلي – تحرير: حكيم أحمد