في بلدة بريف قامشلي.. آباء محتارون إزاء أطفالهم المدخنين

جل آغا – نورث برس

يقول آباء وأرباب عائلات في بلدة جل آغا (الجوادية) بريف قامشلي، شمال شرقي سوريا، إنهم لا يعلمون أي أسلوب يجب أن يتبعوه لإبعاد أطفالهم عن عادة التدخين.

ويعتقد بعض هؤلاء الآباء والأمهات أنهم استنفدوا كل محاولاتهم من لين وشدة ونصح، لكنهم لم ينجحوا في دفع أطفالهم للعزوف عن العادة السيئة.

ولا تخلو شوارع البلدة الصغيرة من مشاهد لأطفال تتراوح أعمارهم غالباً بين الـ ١٣ والـ ١٨ ينفثون دخان السجائر والنراجيل.

“لين وشدة”

وقال علي الحمزة (40 عاماً)، وهو من سكان بلدة جل آغا وأب لخمسة أولاد لا يتجاوز أكبرهم الـ 15، إن اثنين من أبنائه يدخنان وإنه اتبع معهما كل طرق “النقاش واللين والضرب” لكن دون جدوى.

وأضاف لنورث برس: “لا يدخنون أمامي، لكنني لا أكفلهم أثناء غيابهم عن المنزل أو خروجهم إلى الشارع.

 ويرجع “الحمزة” أسباب تعلق أولاده بعادة التدخين إلى “رفاق السوء، فصديق واحد مدخن يستطيع أن يجرف الكثيرين للعادة.”

ويخشى الأب على أولاده لدرجة أنه ترك التدخين رغم إدمانه لسنوات، كأحد أساليب دفع أبنائه لعدم إدمان التبغ.

ويقتل التدخين، بحسب منظمة الصحة العالمية، أكثر من ثمانية ملايين شخص سنوياً، 80 بالمئة منهم في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

وتحتفل منظمة الصحة العالمية، منذ العام 1987، باليوم العالمي للإقلاع عن التدخين في التاسع من شباط/فبراير من كل عام، بينما يحمل الـ31 من أيار/مايو تسمية اليوم العالمي للامتناع عن التدخين.

“لوم الذات”

وقال خضر الجمعة (١٤ عاماً)، وهو من سكان البلدة، إنه بدأ التدخين في أحد الأعياد منذ أربعة أعوام حين سخر رفاقه من خوفه من إشعال سيجارة.

وانصاع الطفل الذي كان يبلغ عشرة أعوام آنذاك للانضمام لرفاقه والتدخين سراً، ليجد نفسه أسير سيجارة ونرجيلة، على حد تعبيره.

وكان “الجمعة” يتحين فرص غياب والده عن المنزل ليدخن، ” فأمي كانت مشغولة بأعمالها المنزلية غالباً.”

وأضاف: “كشفني والدي عندما بدأت صحتي تتدهور وعانيت من التهاب رئوي، أكد الطبيب أن سببه التدخين.”

لكنه لم يلبث أن عاد للتدخين بمجرد تعافيه قليلاً، ليواجه هذه المرة “ضرباً وصفعاً وتهديداً بالطرد من المنزل” من والده، وصعوبات في تأمين ثمن علبة السجائر، إذ صار يدخن أكثر من السابق بعد افتضاح أمره.

يقول “الجمعة” عن والده :” أذكر أنه لام نفسه لأنه جعل أفراد عائلته مدخنين سلبيين، ظناً منه أنه السبب بوعكتي الصحية.”

“التفاهم ممكن”

لكن موسى الخلف (35 عاماً)، وهو معلم مختص في الإرشاد الاجتماعي في المدارس، يلوم الأهل بالدرجة الأولى لعدم منع “الموت البطيء” لأبنائهم.

ورغم أن مختصين يشيرون إلى ازدياد هذه الظاهرة أكثر بين الأطفال المتسربين من المدارس، إلا أنها بدأت تظهر حتى بين التلاميذ الذين لم ينقطعوا عن الدراسة.

وقال “الخلف” إن المدرسة غالباً تنجح في منع التدخين أثناء الدوام، “لكنّها تنتشر في الشوارع والمقاهي.”

ورأى أن “التأثر بالمدخنين الآخرين داخل وخارج المنزل، يجعل المدخن السلبي عرضة لإدمان العادة السيئة.”

وأضاف: “الطفل يقلد ويحفظ المشاهد بذاكرته، وهذا ما يبدو عند أطفال لم تتجاوز أعمارهم الثالثة حين يمسكون أعواد سكاكرهم كسيجارة أو يصنعون لفافات ورقية ويقلدون ذويهم المدخنين.”

وشدد “الخلف” على أن المتابعة المنزلية والتربية المدرسية تلعبان دوراً مهماً في تجنب العادة، “لأنها مكتسبة ويمكن السيطرة عليها.”

وتساءل: “ألا يفكر الأهل بهذا ليقلعوا عن التدخين؟”

وأشار المختص بالإرشاد الاجتماعي إلى أقوال شائعة تتضمن مفاهيم مغلوطة عند الأهل من قبيل:” سيكبر ويتعلم النافع من الضار”، والتي تؤجل المشكلة حتى تتحول لإدمان يصعب تركه.

 ولا يوافق “الخلف” الكثير من الآباء في مخاوفهم بشأن تأجيل الحل بحجة أن “المراهقة مرحلة عمرية حرجة ويجب تجنب ردود فعل أطفالهم.”

ويعتقد أن التفاهم “ممكن” مع هؤلاء الأطفال الذين لن تتحمل أجسادهم تراكم الأضرار إلى أن يكبروا.

إعداد: سلام الأحمد – تحرير: حكيم أحمد