كورونا وتردي الظروف المعيشية يزيدان من نسبة التسرب الدراسي بدمشق

دمشق – نورث برس

بدل أن تكون المدرسة وجهته، يسرع عمار سعيد (14 عاماً) ،وهو من سكان العاصمة دمشق، منذ الصباح الباكر إلى العمل في ورشة ميكانيك لتصليح السيارات في مدينة “حوش بلاس” الصناعية بهدف مساعدة ذويه في المصاريف المعيشية.

وتزداد أعداد التلاميذ الذين يتركون مقاعد دراستهم، هذا العام، إما بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد أو لتوجههم إلى أسواق العمل رغم صغر سنهم، وذلك نتيجة الظروف المعيشية المتدهورة يوماً بعد آخر.

وعمار هو الابن البكر لوالده العامل، والأخ الأكبر لشقيقين وأربع شقيقات، إحداهن من ذوي الاحتياجات الخاصة وتحتاج إلى عناية صحية مستمرة.

يقول لنورث برس: ” اضطررت لترك المدرسة للعمل ومساعدة عائلتي للتخفيف من الأعباء المادية.”

وكان والد عمار يعمل في أحد المطاعم، لكنه فقد عمله مع انتشار فيروس كورونا بسبب تراجع مدخول المطاعم وتخفيف نسبة عامليها، ما أدى لتوجه رب الأسرة للعمل اليومي الذي يقول إن مردوده لا يفي باحتياجات عائلته.

وقال مصدر من وزارة التربية، فضل عدم الكشف عن اسمه، لنورث برس، إن نسبة التلاميذ الذين تسربوا من المدارس في دمشق تضاعفت بعد انتشار وباء كورونا، “وذلك في ظل عجز الوزارة عن توفير بيئة تربوية سليمة للطلاب.”

وأرجع المصدر ازدياد نسبة التسرب الدراسي إلى سوء الأوضاع الاقتصادية وما يرافقه من ارتفاع تكاليف الأدوات المدرسية ووسائل النقل، بالإضافة إلى عدم ثقة أولياء التلاميذ بإجراءات الوقاية التي تتبعها الوزارة.

وبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة “يونيسف” لعام 2019 فإن نصف الأطفال السوريين بين سن الخامسة والـ17 حُرموا من التعليم بسبب الحرب، أي أن هناك 2.1 مليون طفل داخل البلاد وسبعمئة ألف طفل لاجئ في دول الجوار محرومون من التعليم.

كما أن 1.3 مليون آخرين عرضة للتسرب من المدارس وعدم تلقي التعليم، بحسب المنظمة الدولية.

ويقول مراقبون إنه لا يمكن الحد من ظاهرة التسرب المدرسي في سوريا ما لم يتم وضع حد لتردي الظروف المعيشية وإجراء إصلاحات جذرية في أنظمة وزارة التربية السورية.

وقال سالم العلي، وهو اسم مستعار لمختص اجتماعي في مدارس العاصمة إن ظاهرة التسرب المدرسي لها آثار وتداعيات ليس على الطفل فحسب بل على المجتمع كله.

وأضاف في تصريح لـ”نورث برس”: “خروج الطفل من حقل الدراسة قد يفتح الباب أمام دخوله لعالم التدخين والمخدرات وحتى الجريمة.”

وأرجع العلي ازدياد ظاهرة التسرب في المدارس السورية إلى “الظروف الاقتصادية للعائلة السورية في ظل انخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع تكاليف الدراسة من مستلزمات القرطاسية والثياب المدرسية وارتفاع تكاليف النقل الداخلي.”

وكان مجلس الوزراء السوري قد قرر افتتاح المدارس في الـ13 من أيلول/سبتمبر العام الفائت رغم الدعوات المنادية بتأجيل موعد افتتاح المدارس واعتماد التعليم الإلكتروني.

ورغم تطمينات وزارة التربية للأهالي باعتماد ” البروتوكول الصحي” لمنع  تفشي فيروس كورونا، إلا أن عشرات الإصابات ظهرت بين طلاب المدارس، بحسب مديرية الصحة المدرسية.

واعتبرت وصال شحادة، وهو اسم مستعار لسيدة من سكان دمشق، إن المدارس الحكومية في دمشق غدت “بيئة للانحطاط الأخلاقي “في ظل الإهمال وتهرب التلاميذ من الحصص الدراسية.”

وقالت “شحادة” إنها قررت وضع طفلها البالغ من العمر عشرة أعوام في مدرسة خاصة، بعدما زارت المدرسة التي كان يدرس فيها، ورأت “الإهمال وانتشار التدخين بين صفوف التلاميذ وعدم اكتراث المعلمين والكادر الإداري بالتسيب الموجود في المدرسة”.

إعداد: وحيد العطار- تحرير: حكيم أحمد