الجامعة العربية توجه تحذيراً شديداً لتركيا من تبعات تدخلاتها المستمرة في المنطقة

إسطنبول ـ نورث برس

أعلنت جامعة الدول العربية، أمس الأحد، عن رفضها للتدخلات التركية في المنطقة.

وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من أن “تركيا دخلت في مجموعة خلافات حادة مع أطراف إقليمية وعظمى، بدرجة لن ينته الأمر لديها وقيادتها نهاية طيبة.”

وقال أبو الغيط في تصريحات متلفزة نقلتها عنه عدة مصادر إعلامية، الأحد، إن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتدخل ضد مصر وسوريا، والعراق وليبيا عسكرياً.”

كما أنه “يتدخل في القوقاز ما بين أذربيجان وأرمينيا، ويصطدم باليونان وقبرص، ويتهجم على شرق المتوسط في مناطق الغاز”، بحسب أبو الغيط.

وأشار إلى انزعاج دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم فرنسا من هذا التدخل.

وقال إن “هذا الأمر جعل دولة كبيرة للغاية وذات تأثير، مثل فرنسا، تضطر لإيفاد مقاتلات لمناورات مع قبرص الصغيرة وترسل حاملة طائرات وزنها /85/ ألف طن بـ /100/ طائرة لشرق المتوسط.”

وحتى إيطاليا، التي كانت متفهمة للكثير من مواقف الرئيس التركي، بحسب أبو الغيط، ذهبت لفرنسا، “فالجميع يقولون لأردوغان الآن سوف نعاقبك.”

وألمح “أبو الغيط” في حديثه للمسؤولين الأتراك والمقربين من أردوغان بأن عليهم توجيه النصيحة له للكف عن التدخل في قضايا المنطقة.

وقال “كثيراً ما أسأل نفسي لو كنت من معاوني الرئيس التركي ألم يتطلب الأمر مصارحته بذلك؟.”

“سياسة رعناء”

وقال محمود أبو حوش، وهو باحث سياسي مصري، لنورث برس، إن “تصريحات أبو الغيط مبنية على التوجه التركي المهدد لاستقرار المنطقة سواء كانت العربية أو منطقة القوقاز.”

وأضاف “أبو حوش” أن “القيادة التركية الحالية دائماً ما تتجه لسياسة رعناء.”

وتتمثل تلك السياسة من خلال تقديم الدعم سواء كان عسكري أو سياسي أو اقتصادي “للأطراف التي من شأنها أن تؤجج الصراع في المنطقة”، بحسب الباحث السياسي.

وقال إن “السلوك التركي هو من حفز القوى الخارجية للتدخل في المنطقة العربية أو منطقة القوقاز.”

وأعرب “أبو حوش” عن اعتقاده أن “السلوك التركي بهذه الشدة من التدخل في المنطقة العربية ومنطقة القوقاز، هو من جعل المنطقة أشبه بالكعكعة التي تتصارع عليها القوى الدولية والإقليمية.”

ولا تعتبر تلك الرسائل شديدة اللهجة والتحذيرات الموجهة لتركيا هي الأولى من نوعها.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد قال، نهاية الشهر الماضي، إن مصر عازمة على تطهير ليبيا من التنظيمات الإرهابية والميليشيات، ووقف التدخل السافر من بعض الأطراف الإقليمية.

وعمدت الأطراف الإقليمية، بحسب السيسي، إلى جلب المقاتلين الأجانب إلى ليبيا، “تحقيقاً لأطماع معروفة وأوهام استعمارية ولى عهدها، في إشارة إلى تركيا.”

وفي الـ/9/ من الشهر الماضي أيضاً، هاجم وزير الخارجية المصري سامح شكري، تركيا.

واعتبر أنها تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في ليبيا وفي المنطقة بأكملها، وأنها تريد استنساخ التجربة السورية في ليبيا.

وقال إن “مصر لن تقف مكتوفة الأيدي بوجه الأطماع التركية التي تتبدى في العراق وسوريا، وليبيا بشكل خاص.”

“صفر أصدقاء”

وقال إسماعيل جنكيز أوغلو، وهو باحث سياسي تركي لنورث برس، إن تلك التهديدات والتحذيرات “تشير إلى سياسة صفر الخلافات التي تبنتها تركيا منذ مجيء حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم.” 

ولكن أردوغان، حولها، بحسب “جنكيز أوغلو” إلى صفر الأصدقاء، حيث الجميع “يتسابق على فرض عقوبات على تركيا وسحب استثماراته من هناك.”

وأدى ذلك إلى انهيار العملة التركية بنسبة /30/% خلال هذا العام، بحسب الباحث السياسي.

وبداية الأسبوع الجاري، وجه الاتحاد الأوروبي وجه، تحذيراً شديد اللهجة لتركيا ملوحاً بعقوبات في حال لم تتوقف عن ممارسة استفزازاتها في ملفات عدة ومن أبرزها ملف شرقي المتوسط.

وكان قادة الاتحاد الأوروبي عقدوا مطلع تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قمة لبحث أزمة شرق المتوسط بين تركيا واليونان.

وتضمنت القمة، إمكانية فرض عقوبات على تركيا بسبب تدخلها وتعنتها في كثير من القضايا وأبرزها شرق المتوسط.

وفي وقت سابق، أجل الاتحاد الأوروبي، عقد تلك القمة التي كانت مقررة في الـ/24/ والـ/25/ من أيلول/سبتمبر الماضي.

لكن تركيا حاولت استجداء عطف رئيس الاتحاد الأوروبي والطلب بتأجيل القمة.

وقالت إنها مستعدة للرضوخ وتنفيذ كل ما يطلب منها خوفا من العقوبات التي بدأت تضيق الخناق عليها، حسب ما نقل مراقبون.

“دولة محورية”

لكن رشيد الحوراني، وهو باحث سياسي، يقيم في تركيا، قال لنورث برس، إن “النقلة النوعية للجمهورية التركية على كافة المستويات والصعد جعل منها دولة محورية لا يمكن التعامل مع ملفات المنطقة بدونها.”

وذلك، بحسب “الحوراني” عكس “واقع الأنظمة العربية التسلطية، وجامعتهم العربية التي لا يبدو أثرها إلا في بيانات هنا وهناك.”

وأشار “الحوراني” إلى أن “تصديق اتفاقية الحدود البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية في الأمم المتحدة، وعدم تصديق الاتفاقية بين اليونان ومصر، أثار غيظ أبو الغيط فاندفع بتصريحات بعيدة عن الواقع تستند للعاطفة.”

إعداد: سردار حديد ـ تحرير: معاذ الحمد