إسطنبول ـ نورث برس
وجه الاتحاد الأوروبي، أمس السبت، تحذيراً شديد اللهجة لتركيا ملوحاً بعقوبات في حال لم تتوقف عن ممارسة “استفزازاتها” في ملفات عدة ومن أبرزها ملف شرقي المتوسط.
ومنذ عدة أشهر، تشهد منطقة شرقي المتوسط تطورات متلاحقة.
وعنوان تلك التطورات التصعيد اليوناني المدعوم من أوروبا وعلى رأسها فرنسا، ضد محاولة تركيا التمدد بذريعة التنقيب عن موارد الطاقة في مناطق الصلاحية البحرية التابعة لليونان.
وترى اليونان ومن خلفها أوروبا أن كل ما تقوم به تركيا “غير قانوني” ولا بد من وضع حد لها.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي يريد علاقات إيجابية وبناءة مع تركيا، وأن هذا الأمر سيكون كذلك في مصلحة أنقرة.
ولكنها، حذرت الجمعة، من أن “النهج سيعمل فقط في حال وقف الاستفزازات والضغوط.”
وأضافت: “ولهذا السبب نتوقع من تركيا أن تمتنع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، وفي حال استئناف أنقرة مثل هذه التصرفات سيستخدم الاتحاد الأوروبي كل الأدوات والخيارات المتاحة.”
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن “الاتحاد الأوروبي قد يفرض عقوبات على تركيا في أوائل كانون الأول/ديسمبر القادم، في حال عدم وجود أي تقدم بناء في العلاقات مع اليونان وقبرص.”
أزمة شرقي المتوسط
وكان قادة الاتحاد الأوروبي عقدوا مطلع تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قمة لبحث أزمة شرقي المتوسط بين تركيا واليونان.
كما بحثوا إمكانية فرض عقوبات على تركيا بسبب تدخلها وتعنتها في كثير من القضايا وأبرزها شرقي المتوسط.
وكان الاتحاد الأوروبي أجّل عقد تلك القمة التي كانت مقررة في الـ/24/ والـ/25/ من أيلول/سبتمبر الماضي.
لكن تركيا حاولت استجداء عطف رئيس الاتحاد الأوروبي والطلب بتأجيل القمة.
وقالت إنها مستعدة للرضوخ وتنفيذ كل ما يطلب منها خوفاً من العقوبات التي بدأت تضيق الخناق عليها، حسب ما نقل مراقبون.
وأثارت تلك التحذيرات والتهديدات الأوروبية “غيظ” الجانب التركي وسخطه.
واعتبر وزير خارجيته مولود تشاوش أوغلو، أن “الكثير من قرارات قمة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بأنقرة منفصلة عن الواقع.”
وحاولت تركيا عشية القمة الأوروبية التي عقدت مطلع الشهر الجاري، مهاجمة الاتحاد الأوروبي وعلى لسان رئيسها رجب طيب أردوغان.
وقال أردوغان، إن “الموقف المتحيز الذي يتخذه الاتحاد الأوروبي ضد تركيا، يتعارض مع قوانين الاتحاد نفسه والقانون الدولي.”
وأضاف: “موقف الاتحاد الأوروبي المتحيز يصعِّب من فرص التوصل إلى حل، ويزيد من التوتر، ويلحق الضرر في العلاقات بين تركيا والاتحاد والمصالح المشتركة في العديد من المجالات.”
اللين والشدة
وقال رشيد الحوراني وهو باحث سياسي يقيم في تركيا، إن “ما صرحت به رئيسة المفوضية الأوروبية اللين والشدة في آن واحد.”
وأشار في حديث لنورث برس، إلى أنها (التصريحات) “تعكس تخبط الاتحاد الأوروبي في موقفه من تركيا.”
فالاتحاد الأوروبي، بحسب المحلل السياسي، لا يستطيع الاستغناء عن تركيا بسبب حجم المصالح الكبير المتبادل بينهما.
كما أن هناك علاقات بدأت بالتطور التدريجي بين تركيا وبريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي “وهو أمر يقع لصالح تركيا”، بحسب “الحوراني”.
وأضاف: “الاتحاد الأوروبي ليس بمقدوره الذهاب بعيداً في التلويح بتهديداته ضد تركيا.”
وأرجع السبب في ذلك “لاتباع تركيا سياسة الاعتماد والاكتفاء الذاتي، ورسم السياسة الخارجية التي تتناسب وحجمها كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها.”
مواقف متدرجة
أما عبدالله أوكتاي، وهو أكاديمي تركي، فقال لنورث برس، إن “التصريحات السياسية تسير وفق خطة متوازنة بمواقف متدرجة تجاه احتواء الأزمة.”
وأشار إلى أن “الجميع سيخرج في نهاية المطاف حسبما رسمته المنظومة الدولية.”
وأضاف “أوكتاي” أنه بخصوص ما صرّحت بها تركيا من أن تصريحات الاتحاد الأوروبي تجاه تركيا (منفصلة عن الواقع)، “فأعتقد أن تلك التصريحات لتقوية الموقف الداخلي.”
وحول العقوبات الأوروبية، يرى الأكاديمي، أنه “حتى اللحظة ليس بمقدور الاتحاد الأوروبي فرضها وسيتم احتواء الأزمة.”
وتحاول أوروبا كبح جماح أنقرة في عملياتها خارج الحدود الإقليمية وضبط كافة قواعد الاشتباك، بحسب “أوكتاي”.
ولا تعدوا تلك التصريحات، ومن وجهة نظر “أوكتاي”، سوى لغاية واحدة “وهي وقف تمدد تركيا تجاه البحر الأبيض المتوسط.”