كورونا يغير ملامح عيد العمال ويهدد الملايين بالفقر

نورث برس – الحسكة

 

يستقبل عمال العالم، عيدهم السنوي، في ظروف استثنائية تشهدها البشرية، وذلك مع استمرار إجراءات العزل نتيجة تفشي فيروس كورونا الذي أوقف الأعمال، ومنع التظاهرات وألغى التجمعات، ويهدد ملايين العمال بالفقر.

 

ونتيجة منع الاحتفالات المعتادة بعيد العمال اضطر المحتفلون لابتكار أساليب أخرى.

 

عيد ولكن

 

وبدلاً من العمال، تأهبت الشرطة الألمانية هذه السنة لهذه المناسبة لأجل فض التجمعات والاحتفالات الممنوعة، حيث تم إلغاء كافة الفعاليات الخاصة بالمناسبة في جميع أنحاء البلاد بسبب كورونا، وذلك لأول مرة منذ نحو 70 عاماً.

 

واضطرت الشرطة الألمانية، الخميس، إلى فض مسيرة جرى تنظيمها بدون تصريح في العاصمة برلين، كما اجبرت العديد من النقابات والاتحادات العمالية إلى تنظيم فعاليات عبر الإنترنيت، بحسب DW الألمانية.

 

وفي إندونيسيا، نشرت النقابة الرئيسية للعمال لافتات في مئتي مدينة وأطلقت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، دعت فيها العمال إلى "التظاهر من المنازل"، والمطلب الرئيسي  للنقابة التي تضم مئات الآلاف من العمال، أن يكون دفع الأجور مضموناً في الوقت الذي أرغم كورونا معظم العمال على الجلوس في منازلهم.

 

وفي تركيا، التي تشهد سنوياً مناوشات بين المتظاهرين المطالبين بحل للأزمة الاقتصادية وقوات الأمن، أوقفت الشرطة التركية، الجمعة، عددًا من المسؤولين النقابيين الذين كانوا يتظاهرون في إسطنبول برفقة عدد من المتظاهرين الذين ارتدوا أقنعة واقية.

 

 ونشر الحساب الرسمي لـ "اتحاد النقابات العمالية التقدمية في تركيا" على تويتر، أن رئيسها "اعتقل" عندما كان يريد وضع أكاليل من القرنفل في ساحة تقسيم المشهورة بإسطنبول.

 

وفي المغرب، أعدت "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل"، والتي تعتبر من أكبر الاتحادات النقابية في البلاد، برنامجاً إلكترونياً للاحتفال عبر العديد من الأنشطة، منها كلمة للأمين العام، وندوة حول الوقاية من فيروس كورونا، وعرض أشرطة وثائقية تستحضر محطات تاريخية حول وضع العمال في البلاد.

 

عمال لا يعملون وأثرياء يزدادون ثراءً

 

وكنتيجة لإجراءات العزل اضطر الملايين من العمال للجلوس في منازلهم من دون عمل، وسط توقعات بتراجع وتيرة الاقتصاد العالمي، ففي أمريكا قدم أكثر من 30 مليون أمريكي طلبات للحصول على إعانات بطالة منذ منتصف آذار/ مارس الماضي، ويتوقع أن يرتفع العدد في ظل استمرار حالات الإصابة والوفيات بالفيروس.

 

ولم يؤثر كورونا على الأغنياء والفقراء بالطريقة نفسها، ففي غضون 20يوماً، ارتفعت ثروة أصحاب المليارات الأميركيين بحوالي 10%، أي 282 مليار دولار، خصوصاً بفضل الارتفاع الذي سجّلته بورصات شركات التكنولوجيا، مثل أمازون، وفق دراسة أميركية.

 

فيما قدرت منظمة العمل الدولية، في تقرير لها، أن نصف القوى العاملة في العالم باتت مهددة بخسارة مصادر رزقها، كما انخفض دخل العاملين في المهن الحرة بنسبة تصل إلى نحو 60 في المئة.

 

عمال يعانون في سوريا

 

ويحتار العمال الذين يعملون بشكل يومي في ريف مدينة إدلب، شمالي سوريا، للاختيار بين التقييد بالإجراءات الوقائية والعمل لتأمين قوت يومهم، وذلك في ظل الصراع العسكري بين قوات المعارضة المسلحة والقوات الحكومية السورية.

 

أما المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، والتي تشهد أزمة اقتصاديه لامثيل لها في تاريخ البلاد، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، أنتظر العمال تعويضاً حكومياً لقاء الجلوس في المنزل، لكن الحكومة لم تقدم لهم أي مساعدة، وذلك ما دفع العديد من أصحاب المهن إلى مزاولة أعمالهم في الخفاء وبعيداً عن أعين رجال الأمن الذين فرضوا غرامات باهظة على المخالفين.

 

وفي شمال وشرقي سوريا، التي أعلنت الإدارة الذاتية، يوم أمس، الخميس، تمديد حظر التجول لعشرة أيام أخرى مع السماح لمعظم المهن بالعودة إلى العمل، يتطلع العمال إلى تعويض ما فات عليهم لتأمين تكاليف الحياة اليومية.

 

جذور العيد

 

تعود جذور العيد إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما كانت هناك ثورات عمالية في العديد من دول الغرب والولايات المتحدة، مطالبين بتقليل ساعات العمل من 12 و 15 ساعة يوميًا إلى ثماني ساعات.

 

واختيار الأول من أيار/ مايو مرتبط بقضية هايماركت في شيكاغو الأمريكية، حيث خرج عدد من العمال في مظاهرة لثماني ساعات متواصلة وشنت قوات مجهولة، هجوماً بالقنابل عليهم، وعلى آثرها فقد 11 عاملاً لحياتهم.

 

وتجاوزت قضية هايماركت حدود الولايات المتحدة، حيث أحيا المؤتمر الأول للنواب الاشتراكيين الدوليين ،في باريس عام 1889، ذكرى ما بات يعرف بـ"مذبحة هايماركت"، لتوجه في العام المقبل دعوات للتظاهر إحياء لذكرى الضحايا ، وهو العام الذي شهد اعتبار الأول من مايو حدثا عماليا سنوياً.