اسطنبول/ بنغازي ـ نورث برس
يجري المسؤولون الأتراك زيارات مكوكية، للعاصمة الليبية طرابلس، بهدف تثبيت موطئ القدم رغم كل الانتقادات التي تطال تركيا لتدخلها العسكري في ليبيا، إضافة للتوتر الحاصل ما بين تركيا وفرنسا من جهة، وتركيا وروسيا من جهة أخرى في الملف الليبي.
وكانت آخر تلك الزيارات لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ورئيس هيئة الأركان التركية يشار غولر، اللذان تفقدا القوات التركية هناك حسب ادعاء الإعلام الرسمي التركي، في حين رأى مراقبون أن الزيارة العسكرية تحمل في طياتها أبعاداً ورسائل بأن تركيا تنوي البقاء على الأرض الليبية إلى ما لا نهاية.
وتأكيداً على نية تركيا تلك، نقل الإعلام التركي عن "أكار" قوله أثناء حديثه مع الجنود الأتراك في ليبيا إنه "لدينا تاريخ وثقافة ومعتقدات مشتركة مع ليبيا منذ /500/ عام، ويوجد هنا الكثير من الظلم ونحن سنقوم بكل جهدنا من أجل رفعه وفق ما ينص عليه القانون الدولي والعدل ولن نتراجع عن هذا الموقف"، ما يؤكد نظرية بقاء تركيا في ليبيا وعدم التراجع رغم كل الانتقادات.
زمام الأمور
وتعليقاً على تلك الزيارة العسكرية التركية، قال رئيس مجموعة العمل الوطني الليبي خالد الترجمان، لـ "نورث برس"، إن "زيارة وزير الدفاع التركي ورئيس هيئة الأركان التركية للعاصمة طرابلس تأتي في إطار التأكيد على أن تركيا قد استلمت زمام الأمور بالكامل أمنياً واقتصادياً وعسكرياً، وبالتالي رأت تركيا أن الإشكالات في طرابلس وخاصة الأمنية لن تحل إلا بالتواجد الرسمي التركي على أرض الواقع".
وأعرب "الترجمان" عن توقعاته بأن "الفترة القادمة ستشهد عمليات لتنظيم المرتزقة وعمليات لإعادة نشرهم ربما في معسكرات خارج طرابلس، بالإضافة إلى محاولة إما استيعاب هذه الميليشيات من خلال فكرة الحرس الوطني الذي تصر عليه قطر، أو إيجاد شكل آخر من أشكال السيطرة عليهم في ظل قوات شبه نظامية أو نظامية، ذلك حتى يحاولوا إقناع العالم بأن هناك تفكيك للميليشيات وأن هناك عمل جدي لإنشاء جيش كما يقولون".
وتدعي تركيا أنها تريد تطبيق بنود الاتفاقية التي وقعتها مع رئيس حكومة "الوفاق الوطني" الليبية (طرف في النزاع الدائر في ليبيا) وذلك في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، والتي تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي، وفق مصادر ديبلوماسية تركية.
رسم الاستعمار
وأضاف "الترجمان" أن "واقع الأمر يدل على أن هذه الزيارة هي تأكيد فقط بأن تركيا قد رسّمت استعمارها للمنطقة الغربية، وهي بصدد إعداد الخطط والبرامج لاجتياح المنطقة الشرقية كما تحلم وكما يحلم أردوغان بالسيطرة على منابع النفط. وأعتقد أن ذلك ليس بعيد المنال ولكنه مستحيل، وربما إن حدثت معركة سرت القادمة فستكون معركة كسر عظم بيننا وبين المستعمر التركي".
وأقرَّ "البرلمان العربي" التابع لجامعة الدول العربية، في 29 حزيران/يونيو الماضي، استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع تركيا أطلق عليها اسم "استراتيجية ردع النظام التركي"، "حددت التحديات ومصادر التهديد في التعامل مع النظام التركي ، ومنها الأطماع التوسعية لتركيا في المنطقة العربية، والتدخل العسكري التركي المباشر في سوريا وليبيا، والانتهاك المستمر لسيادة العراق، وتكوين ودعم الميليشيات والجماعات المُسلحة وتزويدها بالأسلحة المتطورة في سوريا وليبيا، ونقل الإرهابيين والمرتزقة إلى ليبيا، الأمر الذي يُغذي الصراع المُسلح ويُطيل أمده ويُهدد مصالح الدول العربية المُجاورة".