باحث سعودي: تركيا تسعى لإحياء حلم "السلطنة العثمانية" في الدول العربية

اسطنبول ـ الرياض ـ نورث برس

 

أكد الباحث السعودي "خالد الحربي"، أن التدخل (التركي الإخواني) في ليبيا والدول العربية إحياء لحلم السلطنة العثمانية، "وأن العودة إلى بلادنا العربية هو حلم تركيا القديم، إذ تسعى إلى إحياء أمجاد السلطنة العثمانية التي استعمرت عدداً من الدول العربية لـ/400/ عام".

 

وجاء كلام "الحربي" في حديث خاص لـ"نورث برس"، حول رأيه بالمواقف التركية وتدخلاتها سواء في ليبيا أو غيرها من الدول كسوريا والعراق، رغم الانتقادات العربية والغربية الواسعة لها.

 

وقال "الحربي" إن "هذه المساعي تكثفت في عهد رجب طيب أردوغان، فحاولت تركيا اختراق عمق المنطقة العربية عبر تدخلات مباشرة في أزماتها وبخاصة بعد العام 2010، بدءاً من التدخل في الوضع العراقي، وبعده في الأزمة السورية على نطاق واسع".

 

إلا أن الطموح التركي في التخريب ونشر الفوضى نقل عملياً وفعلياً إلى ليبيا منذ العام 2015، بشكل مباشر، بعد تدخلات غير مباشرة لسنوات عدة، "إذ لعبت تركيا دوراً كبيراً من خلف الستار منذ سقوط القذافي في ليبيا من خلال دعم الإرهاب وجماعات مسلحة في الداخل الليبي بهدف إيجاد موطئ قدم ثم الاستيلاء على ثروات ليبيا النفطية وإخضاعها للسيطرة التركية لاستكمال المخطط التركي في استعمار المنطقة"، بحسب "الحربي".

 

"الخلافة العثمانية" من ليبيا

 

وقال "الحربي" إن "الحلم التركي يسعى لإخضاع الشعب الليبي للمشروع (التركي الإخواني)، وأردوغان وضع ليبيا ضمن استراتيجية إعادة (الخلافة العثمانية) منذ فترة طويلة، وذلك لأهمية ليبيا من الناحية الجيوسياسية، فليبيا يمكنها أن تكون نقطة لانطلاق الحلم التركي في إفريقيا وأوروبا خاصة وأن لديها حدود مع مجموعة دول جنوب الصحراء وكذلك مصر الدولة التي حطمت الحلم العثماني".

 

وأضاف أن ليبيا "تعد معبراً أمثل لانطلاق الإرهاب نحو أوروبا، وكذلك زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية، مما يشكل ضغطاً على الاتحاد الأوروبي يمكن من خلاله استفزاز الدول الأوروبية للحصول على مساعدات مالية بشكل أكبر من خلال الضغط على تلك الدول".

 

الموقف المصري

 

وتطرق "الحربي" في حديثه للموقف المصري الداعم لليبيا ضد التدخل التركي وقال إن "المنحى الجديد الذي اتخذته المعارك الأخيرة باتجاه مدينة سرت الساحلية والمفتاح لمناطق النفط في الشرق الليبي، استدعى موقفاً واضحاً من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي هدد بالتدخل العسكري في حال تواصل المعارك التي اعتبرها تهديداً مباشراً للعمق الحيوي المصري في الغرب، وهو موقف اعتبرته القوى الفاعلة في الأزمة الليبية موقفاً صريحاً ينبغي التعاطي معه بجدية، لما له من آثار وتداعيات إقليمية وحتى دولية في غير اتجاه".

 

وأضاف أن "الأمر لا يقتصر على القاهرة وأنقرة، بل يمتد إلى كل من واشنطن وموسكو وباريس التي لكل منها موطئ قدم وحسابات خاصة في الموضوع الليبي بشكل خاص والقارة الإفريقية بشكل عام".

 

وتابع "لقد لاقت المبادرة المصرية لحل النزاع الليبي سلمياً كل الترحيب من الدول العربية والكثير من الدول الأوروبية، ولكن تركيا وعملاؤها رفضوها، فجاء لاحقاً الموقف العربي الداعم لإعلان السيسي حق مصر في التدخل عسكرياً في ليبيا، ليؤكد أن المسألة الليبية تهدد الأمن القومي العربي ككل، ومن واجب مصر عمل كل ما يلزم لصيانته وحمايته من الاختراق التركي الخطير".

 

تركيا وحصار مصر

 

ورأى "الحربي" أن "مصر تعتبر ليبيا عنصراً بارزاً في تحديد سياساتها العربية في إفريقيا الشمالية، وتنظر للتدخل التركي من وجهة دعم (الإخوان المسلمين) عبر تحالف الوفاق، وما يشكله من خطر مباشر على نظام الحكم في مصر، وهو أمر لطالما شكَّل نقطة نزاع داخلي بين الإخوان في مصر والأطراف الأخرى المناوئة لها".

 

وأضاف أن "ذلك يعتبر نقطة رخوة في الخاصرة المصرية الداخلية التي تستغلها تركيا بدقة متناهية للنفاذ نحو القارة الإفريقية، التي سبق ووضعت ثقلاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في دول القرن الإفريقي، الأمر الذي تعتبره أنقرة مدخلاً جيوسياسياً وازناً لحصار مصر، لاسيما وأن ما يجري اليوم من توتر إثيوبي لقضية سد النهضة يندرج في إطار الاستثمار التركي بقضايا الأمن القومي المصري".

 

وأضاف أن "انتقال خط التماس الأساسي في الصراع الليبي إلى سرت – الجفرة، زاد من حدة المواجهة الإقليمية – الدولية التي تنذر بالأسوأ في حال الإصرار التركي على المضي في الحسم العسكري وإمكانية التدخل المصري".

 

وأشار إلى أنه "في خضم التخبط بين معسكري النزاع، تكتفي واشنطن بدعوة الجهات الخارجية إلى التوقف عن تأجيج الصراع في الأراضي الليبية مع إرفاق ذلك بتحذير من احتمال عودة تنظيمي (الدولة الإسلامية) و(القاعدة)، لكن هذا التموضع الأمريكي الحذر والملتبس لا يمنع جعل ليبيا ساحة لتصفية الحسابات وتقاسم المصالح، ويدفع للتساؤل عن خلفية المقاربة الأمريكية للمسألة الليبية في سياق إقليمي متوسطي وإفريقي؟".

 

ولفت إلى أن "الخطر (الإخواني) لا يقتصر على مصر بل يمتد ليشمل كل العالم الإسلامي وخصوصاً في البلاد العربية، لأن حزب الرفاه (حزب إسلامي تركي) يعتبر نفسه الممثل الوحيد للإسلام السياسي في العالم".

 

تركيا تتمدد شمال إفريقيا

 

وأشار "الحربي" إلى أن "التمعن في السياسة الخارجية التركية في الشمال الإفريقي وبخاصة الأزمة الليبية، يظهر أن ثمة نية ومخططات واضحة الأهداف والوسائل باتجاه مصر شرقاً وباتجاه كل من تونس والجزائر غرباً، وهو أمر يُعمل عليه جدياً في دوائر القرار التركي حالياً، وهو ما يفسر السلوك التركي باتجاه دعم الوفاق الوطني للسيطرة على المناطق النفطية شرق ليبيا، والتي سيؤمن لها تدفقاً نفطياً وغازياً وفق شروطها ورؤيتها أولاً، ووضع خطط تنفيذية لسياساتها شمال إفريقيا".

 

وشدد "الحربي" على أن "أنقرة عمدت إلى زرع وسائل وأدوات سياسية واقتصادية وأمنية سابقة في العديد من المناطق الاستراتيجية بالنسبة لها، بدأت في العراق ومن سوريا وتمددت إلى لبنان وغزة والقرن الإفريقي واليوم في شمال إفريقيا، وهو مظهر يعيد إلى الأذهان نموذج الدور للدولة التركية الذي لعبته سابقاً بشكل معاكس كدولة حاجزة إبان الحرب البارد بمواجهة الاتحاد السوفياتي، فيما اليوم تبحث عن دور تمددي بصرف النظر عن المؤهلات والقدرات التي يبدو مشكوكاً بأمرها".