الدوائر الاستراتيجية الإسرائيلية: "الحرب السيبرانية" بين إسرائيل وإيران تقدّمت خطوة

رام الله ـ أحمد اسماعيل ـ نورث برس

 

بدأت الدوائر الاستراتيجية في تل أبيب، تطلق على عمليات اختراق "السايبر" مصطلح "الحرب السيبرانية"، وأنها تقدمت خطوة إلى الأمام، وفق ما أكده مصدر مطلع في إسرائيل الخميس، لـ"نورث برس".

 

وتبدو الهجمات في المجال "السيبراني" ملائمة للمعركة بين الحروب، لأنها تسمح للمهاجم بالعمل عن بعد، وبسرية وبعدم التسبب بإصابات بالأرواح لدى الأطراف لمنع التصعيد.

 

وتسمح الهجمات "السيبرانية" بجمع معلومات، وتنفيذ حرب معلومات وحرب تؤثر في الوعي، ونقل رسائل ردع، وزيادة الضغوط على المنظومتين العسكرية والمدنية من أجل تحقيق أهداف أمنية وسياسية، وتنفيذ عمليات في مجال الإحباط العسكري، يُذكر منها هجوم "ستوكسنت" ضد منشآت نووية في إيران، الذي كُشف عنه في سنة 2010.

 

وتُعتبر مهاجمة منظومات السيطرة والرقابة على البنى التحتية المدنية الحيوية بمثابة درجة مرتفعة في سلَّم درجات خطورة الهجمات "السيبرانية"، والأكثر خطورة بينها هي هجمات تعرّض حياة عدد كبير من المدنيين للخطر، مثل تلويث المياه، أو حوادث نتيجة هجوم على شبكة المواصلات.

 

سرية وغموض

 

ويقول باحثون في معهد "دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي إن الحروب "السيبرانية" تجري بسرية وغموض، إلّا عندما يكون لأحد الأطراف المتخاصمة مصلحة في الكشف عن معلومات. ووفق المعهد "تنفَّذ الهجمات عموماً من دون تحمّل المسؤولية، ومن خلال الإنكار، وتحديد مصدرها في أغلبية الحالات أمر ليس سهلاً".

 

وبحسب تقارير في صحف أمريكية، تتبادل إيران وإسرائيل الضربات في مجال "السايبر"، من خلال مهاجمة بنى تحتية مدنية حساسة.

 

وبحسب هذه الصحف، شنت إسرائيل، في 9 أيار/مايو، هجوماً "سيبرانياً" على مرفأ إيراني في بندر عباس (مرفأ شهيد رجوي) في جنوب إيران، رداً على هجوم "سيبراني" إيراني على بنى تحتية للمياه والصرف الصحي (شبكة المياه) في إسرائيل.

 

ونُفّذ الهجوم المنسوب إلى إيران ضد منظومة المياه في إسرائيل ضد عدد من المراكز في أنحاء الدولة، في 24-25 نيسان/أبريل 2020 (قبل يوم من ذكرى إقامة الدولة، وفي بداية المرحلة الأولى من الخروج من الإغلاق بسبب كورونا).

 

"نقطة تغيّر"

 

بالاستناد إلى مصادر مقربة من التحقيق في الحادثة، كان التقدير أن مصدر تخطيط الهجوم هو الوحدة السيبرانية الهجومية للحرس الثوري الإيراني (بحسب تقرير لنيويورك تايمز في 10 أيار/مايو).

 

وبعد الهجوم، صدر بيان من شبكة المياه وجهاز "السايبر" القومي في إسرائيل جاء فيه: "مؤخراً اكتُشفت محاولة هجوم سيبراني على منظومة السيطرة والرقابة في قطاع المياه. وجرت معالجة محاولة الهجوم من قبل شبكة المياه وجهاز السايبر القومي. ونشدد على أنه لم يحدث أي ضرر لعملية التزويد بالمياه وهي تجري بصورة منتظمة".

 

وقد وصف رئيس جهاز السايبر في إسرائيل يغآل أونا (28 أيار/مايو) الهجوم بأنه "نقطة تغيّر" في تاريخ حروب إسرائيل السيبرانية. وبحسب كلامه، "محاولة الهجوم على إسرائيل كانت منسقة ومنظمة بهدف ضرب منظومتنا الإنسانية للمياه، ولو أنها كانت نجحت لكنّا اضطررنا إلى مواجهة ضرر سيلحق بالسكان المدنيين، وأيضاً نقص في المياه كان يمكن أن يؤدي إلى ضرر وكارثة".

 

وفي تقدير إريك باربينغ، الرئيس السابق لجهاز "السايبر" في الشاباك، "يدل الهجوم على قدرة دولة تعتمد على استخبارات دقيقة".

 

اللواء في الاحتياط البروفيسور يتسحاق بن يسرائيل، رئيس مركز السايبر في جامعة تل أبيب، أشار إلى أن ما جرى هو محاولة ثالثة على الأقل لمهاجمة منظومة المياه في إسرائيل من دون أن تحقق نجاحاً.

 

"هجمات أبحاث كورونا"

 

بالإضافة إلى ذلك، تحدث تقرير في القناة "12 الإخبارية"، في 25 أيار/مايو، عن اكتشاف هجمات "سيبرانية" في الأسابيع الأخيرة، الغرض منها مهاجمة معاهد أبحاث إسرائيلية تعمل على تطوير علاجات ولقاح ضد فيروس كورونا، من بين أمور أُخرى.

 

ووفق التقرير، هدف الهجوم لم يكن جمع معلومات بل التسبب بالتدمير. وإذا كان المقصود عملية أُخرى لها علاقة بالحرب "السيبرانية" بين إسرائيل وإيران، فالأكيد أن حجم الهجوم الإيراني هو أوسع بكثير، بحسب مراقبين.

 

وفيما يتعلق بالهجوم "السيبراني" على منظومات المياه، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الموضوع طُرح للنقاش في المجلس الوزاري الأمني – السياسي في 7 أيار/مايو، ويمكن التقدير أن القرار بالرد اتُّخذ هناك.

 

الهجوم المنسوب إلى إسرائيل في وسائل الإعلام الأمريكية نُفِّذ في 9 أيار/مايو2020، وكان موجهاً ضد بنية تحتية في مرفأ إيراني في بندر عباس.

 

وأدى الهجوم إلى انهيار أجهزة الكومبيوتر التي توجّه حركة السفن والناقلات والبضائع، وتسبب بتوقف العمل في المرفأ عدة أيام.

 

وذكرت صحيفة إسرائيل ديفنس (15 أيار/مايو) أنه فيما يتعلق بإيران، ما جرى هو الهجوم "السيبراني" الثالث منذ كانون الأول /ديسمبر 2019، والذي أدى إلى وقف العمل في مرافئها.

 

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل ليست الوحيدة التي تُنسب إليها هجمات "سيبرانية" ضد إيران.

 

تباين تكنولوجي واقتصادي

 

في الساحة السيبرانية، إيران متخلفة تكنولوجياً واقتصادياً مقارنة بإسرائيل، وبالتأكيد مقارنة بالولايات المتحدة حليفة إسرائيل. لكن في الحرب "السيبرانية" في مواجهة إيران، من المحتمل أن تتكبد إسرائيل أضراراً، وأن تتحمل بالتأكيد تكلفة إضافية للدفاع عن مجالها "السيبراني"، وخصوصاً أن اعتمادها على المجال الرقمي يزداد.

 

وبالرغم من أن إيران لم تنجح بعد في تكبيد إسرائيل أضراراً كبيرة في المجال السيبراني، فمن المتوقع استمرار مساعيها وتطوير نوعية الهجمات، وكذلك أيضاً تطوير الردود الإسرائيلية.

 

ويقول دودي سيمان طوف وشموئيل إيفن – باحثان في معهد دراسات الأمن القومي في الساحة السيبرانية، إن إيران متخلفة تكنولوجياً واقتصادياً مقارنة بإسرائيل، وبالتأكيد مقارنة بالولايات المتحدة حليفة إسرائيل.

 

لكن في "الحرب السيبرانية" في مواجهة إيران، من المحتمل أن تتكبد إسرائيل فيها أضراراً، وأن تتحمل بالتأكيد تكلفة إضافية للدفاع عن مجالها "السيبراني"، وخصوصاً أن اعتمادها على المجال الرقمي يزداد، حسب ما يشير مراقبون.

 

على الرغم من أن إيران لم تنجح بعد في تكبيد إسرائيل أضراراً كبيرة في المجال "السيبراني"، "فإننا يمكن أن نتوقع استمرار مساعيها وتطوير نوعية الهجمات، وكذلك أيضاً تطويرالردود الإسرائيلية"، كما يخلص مقال الباحثين في "الأمن القومي" الإسرائيلي.