أردوغان يهاجم إسرائيل في الإعلام ويساعدها في "كورونا".. ومحلل روسي يشرح الهدف

اسطنبول ـ نورث برس

 

تثير نية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخراً، إرسال مساعدات طبية لمواجهة فيروس "كورونا" إلى دولة إسرائيل، الكثير من التساؤلات بالنسبة لمراقبين ومحللين اعتبروا أن أردوغان يهاجم إسرائيل في الإعلام ويقدم لها مساعدات خلف الكواليس.

 

وكانت مصادر إعلامية عدة، قد تحدثت عن أن هناك مباحثات بين تركيا وإسرائيل فيما يخص إرسال شحنة مساعدات طبية تركية لإسرائيل، الأمر الذي نفته مصادر موالية لأردوغان رغم التأكيدات من وسائل إعلام عبرية.

 

واستمر النفي التركي إلى أن خرج متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أمس الأحد، وقال "تلقينا طلباً من إسرائيل لتزويدها بمستلزمات طبية أعتقد أن الشحنة ستكون جاهزة في غضون أيام وسنرسل بالتزامن معها إلى فلسطين أيضاً".

غايات سياسية

إلا أن مراقبين اعتبروا أن غاية أردوغان من وراء تقديم المساعدات الطبية لعدد من الدول العربية والغربية بحجة "كورونا"، نابع من غايات سياسية وليست إنسانية، واليوم هو يتعامل مع إسرائيل من باب مصلحة سياسية وليست إنسانية، وهو يتبع المثل القائل إنه "في السياسة لا عدو دائم ولا صديق دائم".

 

وفي تصريحات خاصة لـ "نورث برس"، قال المحلل الروسي، دينيس كوركودينوف، إن "أنقرة وافقت على تزويد إسرائيل بالمعدات الطبية للتعامل مع آثار جائحة (COVID-19)، علاوة على ذلك ووفقًا لبيان الممثل الرسمي لأردوغان، إبراهيم قالن، فإن الصفقة ليست خيرية ولكنها تجارية حصرية بطبيعتها، ومع ذلك فإن مساعدة تركيا لإسرائيل على الرغم من الطبيعة المعقدة للعلاقات بين البلدين  لها سياق إنساني واضح".

 

وأضاف "كوركودينوف" أن إبراهيم قالن أشار متحدثًا إلى الصحفيين في /10/ نيسان/ أبريل الجاري، إلى أنه أمام التهديد بانتشار الفيروس التاجي، كانت جميع الولايات في وضع ضعيف للغاية، وبسبب هذا وبغض النظر عن الاختلافات السياسية والإقليمية، يجب على الدول مساعدة بعضها البعض قدر الإمكان لأن COVID-19 يمثل مشكلة عالمية.

تقديم الصدقات

وتابع المحلل الروسي أنه "بطبيعة الحال لا تستطيع تركيا، بالنظر إلى وضعها الاقتصادي غير المواتي الناجم عن انخفاض قيمة الليرة التركية وانخفاض أسعار النفط، تقديم الصدقات لأي شخص حتى في حالة الوباء، علاوة على ذلك ربما لم يكن المواطنون الأتراك سيقدرون (بادرة حسن حظ) رجب أردوغان إذا قرر تقديم المساعدة لإسرائيل مجانًا".

 

وأضاف أنه "يمكن أن تكون بادرة حسن النية هذه بمثابة أساس لانتقاد الزعيم التركي، وسيجد الناس مساعدته زائدة عن الحاجة في وقت تواجه فيه تركيا نفسها مشاكل كبيرة بسبب انتشار فيروس كورونا، وفي الوقت نفسه، فإن الطبيعة التجارية لصفقة توريد المعدات الطبية لإسرائيل تزيل جميع الرسوم من رجب أردوغان الذي يهتم ليس فقط بتحييد الأثر السلبي لـ COVID-19، ولكن أيضًا في ملء ميزانية الدولة التركية على حساب إسرائيل ودول أخرى".

 

وبحسب وزارة الصحة الإسرائيلية، فقد تجاوز عدد المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بـ"كورونا" في إسرائيل الاثنين، /11.145/، بينما تم تسجيل أكثر من /56.956/ حامل للفيروس بتركيا بحسب الصحة التركية.

 

وبناء على تلك الإحصاءات، قال المحلل السياسي "تتمتع أنقرة الآن بخبرة أكثر بكثير في تخفيف آثار الوباء من إسرائيل. ولهذا السبب، تحاول تركيا استخدام خبرتها لمساعدة البلدان الأخرى، كما تفعل روسيا والولايات المتحدة والصين".

انتقادات كبيرة

وتواجه سياسة أردوغان انتقادات كبيرة، إن كان بسبب تدخله في الحرب الدائرة في سوريا أو حتى في ليبيا، يضاف إلى ذلك الأطماع الرامية لها تلك السياسة شرقي البحر الأبيض المتوسط وعقد التحالفات مع دول على حساب دول أخرى بهذا الخصوص، ما يفسر طبيعة المساعدات التي ترسل للدول العربية والغربية بغطاء مكافحة "كورونا"، بينما في حقيقة الأمر تأتي الأهداف ودفع الثمن لاحقا.

 

وفي هذا الصدد، قال المحلل الروسي إن "من بين أمور أخرى تتعلق بتركيا، ومن خلال مساعدة إسرائيل، تواصل تركيا السعي لتحقيق دورها القيادي في العلاقات الثنائية، لأن أنقرة لديها حرية أكبر بكثير للمناورة الجيوسياسية من تل أبيب، والسبب الرئيسي لذلك هو عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي والتعاون مع روسيا، والمشاركة العسكرية النشطة للبلاد في سوريا وليبيا".

 

وأضاف أنه "علاوة على ذلك، واستنادًا إلى حقيقة أن طموحات رجب أردوغان تتجاوز تركيا إلى حد بعيد وفقًا لمبدأ "العثمانية الجديدة"، من المرجح أن تبلغ استعادة العلاقات التركية الإسرائيلية الكاملة تحت تأثير COVID-19 حداً بعيداً، ومع ذلك من المرجح أن تكون العلاقات بين أنقرة وتل أبيب خلال الوباء ذات طبيعة ظرفية".

حل المشاكل السياسية

وفي النهاية ومن خلال مساعدة إسرائيل، حسب المحلل الروسي، فإن  رجب أردوغان يستطيع أيضًا حل المشاكل السياسية، وبالتالي قد تتخلى إسرائيل، تحت ضغط من تركيا، عن تنفيذ مشروع (EastMed) وهو خط أنابيب غاز يربط احتياطيات شرق البحر الأبيض المتوسط ​​بأوروبا، موضحاً أن "خط أنابيب الغاز هذا يجب أن يبدأ كما تصوره مؤلفوه في إسرائيل والعبور عبر قبرص وكريت إلى اليونان، ومن هناك إلى إيطاليا.

 

وأشار "كوركودينوف" إلى أن "مشروع (EastMed) هو المنافس الرئيسي لمشروع (Stream Stream) وبالتالي سيخلق الكثير من المشاكل لأردوغان، بالإضافة إلى ذلك فإن قادة اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر ليسوا مستعدين لمنح تركيا الحق في المشاركة في مشروع (EastMed) نظرًا لحقيقة أن جميع أطراف المشروع لديهم اختلافات كبيرة مع أنقرة، ويتسبب هذا الوضع في تهيج خطير من جانب رجب أردوغان الذي يحاول بأي ثمن الحصول على دعم إسرائيل من أجل إعاقة تنفيذ مشروع (EastMed)، لذلك فقد أتاح وباء الفيروس التاجي فرصة فريدة لتركيا".