هلعٌ في لبنان بسبب انخفاضِ قيمة الليرة ومصدرٌ مصرفي يؤكّد لـ”نورث برس” أن الأزمة مُفتعلة

بيروت ـ ليال خروبي ـ NPA
يعيشُ المواطنون اللبنانيون حالة هلعٍ اقتصادية ومعيشيّة بفعلِ السقوط المتواصل لليرة مقابل الدولار بحيثُ وصلت قيمتها إلى /1700/ لدى الصرّافين مقابل الدولار الواحد، في وقت تبلغ قيمتها الرسمية /1500/ ليرة مقابل الدولار الذي بدأ يشحّ تدريجيّاً من السوق اللبناني.
وخلال اليومين الماضيين سادَ جوٌ من الغموض الماليّ ترافق مع تهويلٍ إعلاميّ وصمتٍ رسميّ مطبقٍ من جانب الحكومة اللبنانية، في وقتٍ أعلن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أنّه سيصدر تعميماً في غضون أسبوعٍ لتنظيم تمويل استيراد القمح والوقود والأدوية بالدولار.
وقدْ تلقّف الخبراءُ الإقتصاديّون هذا الإعلان بمثابةِ إشعارٍ بتحرير سعر صرف الليرة، باستثناء السلع الأساسية الثلاث التي ذكرها بيان مصرف لبنان، ما يعني الخروج عن نمط إدارة سعر الصرف السائد منذ سنة 1993، والذي قام على تثبيت سعر الصرف بشكلٍ شاملٍ وكلّي في الأسواق، كما يعني أيضاً الدخول في قائمة الدول المأزومة نقديّاً، والتي تملك أسعار صرف ثنائيّةً: سعر صرفٍ رسميٍ ثابت ومُعتمَد مصرفيّاً لدعم استيراد السلع الأساسية، وسعر صرف السوق الموازي الذي تحدّده آليات العرض والطلب. وهو ما يشهده عملياً السوق اللبناني مع تذبذب سعر الصرف لدى الصرّافين بمستوياتٍ مرتفعةٍ، قياساً بسعر الصرف المُعتمَد لدى المصارف، في ظل إجراءاتٍ مصرفيّةٍ جديدةٍ لمنع أيّ عمليات شراءٍ للدولار يمكن أن تستعمل لتغذية السوق الموازية.
وبموازاة هذا الهبوط المفاجئ في قيمة العملة الوطنيّة انتشرت معلوماتٌ عبر وسائل إعلامٍ محليّة ووكالات أجنبيّة أشارت إلى أنَّ  أزمة الدولار التي يمر بها لبنان ناتجةٌ بالأساس عن تهريب العملة الصعبة إلى سوريا منذ مدّة، وبسبب تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا ومقايضتها بمنتجاتٍ سورية، وهو ما يلزم لبنان دفع ثمن المحروقات بالعملة الصعبة، فيما لا يجني منه إلا القليل من السوق اللبناني.
أزمة مُفتعلة
يؤكّدٌ مصدرٌ مصرفيٌّ فضّل عدم الكشف عن اسمه خلال حديثه لـ"نورث برس" أنّ "الليرة اللبنانية بخير وسعر السّوق هو سعرٌ كاذبٌ وغير حقيقي وأنَّ المصرف المركزي اللبناني يستطيعُ أن يغرّقَ السوق اللبناني بالدولار بلحظاتٍ فهو يمتلك /37/ مليار دولار من احتياطيّ العملات الأجنبيّة".
ويضيفُ المصدر الخاصّ أنّ "الأزمة مُفتعلة ولا يوجد انهيارٌ للعملة الوطنيّة بالمعنى العلميّ، وما يجري ما هو إلا تلاعبٌ بهدف تحقيق مصالحَ ومكتسباتٍ عدّة تقفُ وراءها جهاتٌ نافذة في البلد"، ملمّحاً إلى " أنّ واحدةً من المصالح ترتبطُ بالتصويبِ على المصرف المركزي وشخصِ حاكمه رياض سلامة الذي يطمحُ للوصول إلى سدّة رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون عام 2022".
كما لفت المصدرُ المصرفيّ إلى "تلكُئٍ واضحٍ ومتعمّدٍ من جانب الحكومة في تداركِ أزمة التلاعب بأمن الليرة التي تؤثر حكماً على الأمن القومي".
وفي الوقت عينه لم ينفِ المصدرُ لـ"نورث برس" المعلومات التي جرى تداولها حولَ عملية تهريب الدولارات من لبنان إلى سوريا لكنه أوضح أنّ "هذه العمليات التي أدّت إلى تهريب مبالغ ضخمةٍ ليست هي المُسبب الرئيس للأزمة لأنّها تؤدي إلى انخفاض نسبة العملة الصعبة في السوق وليس إلى شحّ الدولار كما هو حاصل الآن".
أمّا بشأنِ العقوبات الأمريكية الأخيرة على بنك الجمّال بتهمة التعامل مع حزب الله والتهديد الأمريكي المتواصل لمصارف وشركات لبنانية بوضعها على لوائح الإرهاب في حال ثبُتَ تعاطيها مع حزب الله فإن المصدرَ يرى أنَّ "لإجراءات الأمريكية غير مرتبطةٍ بالفوضى الحاصلة بالسوق، وهناك حدود لمنطق القوة بشكلٍ عامّ، فالأمريكي يهزّ العصا، ولكن لا يوجد قرارٌ بضربِ القطاع المصرفي اللبناني".