نهر الفرات بريف دير الزور.. بقع نفطية تنذر بكوارث صحية وزراعية

عمر عبد الرحمن – دير الزور

على الرغم من وجود جهات مختصة لمكافحة عمليات التهريب، إلا إنهم يواجهون صعوبة في وقف هذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على نهر الفرات وحياة السكان المعتمدين على هذا المصدر المائي.

وحوض نهر الفرات في ريف دير الزور مؤخراً زيادةً في عمليات تهريب المحروقات عبر طرق بدائية أو أنابيب تمتد إلى النهر، مما يؤدي إلى تلوث المياه وتأثيرٍ سلبي على حياة السكان الذين يعتمدون على هذه المياه للشرب، والغسيل، وري الأراضي.

تلوث وتسمم

يقول لؤي الرمضان، أحد سكان بلدة الشعفة في ريف دير الزور الشرقي، لنورث برس، إن “هذا التسرب يؤدي إلى تلوث مياه النهر وانتشار رائحة المازوت في المنازل والمياه والطعام”.

ويضيف: “رغم محاولاتنا تصفية المياه، إلا أن الآثار الكيميائية للمازوت تبقى موجودة وتسببت في حالات تسمم بين الأطفال والحيوانات”.

ويبين: “نحاول بشتى الوسائل تنقية المياه بوضع مادة الكلور أو مواد كيميائية لتنقية المياه لكنها دون جدوى بسبب التلوث الكبير الذي أصاب النهر.

ويشير إلى أن تأثيرات هذا التلوث لا تقتصر على الصحة العامة فقط، بل تمتد أيضًا إلى القطاع الاقتصادي، حيث ارتفع سعر المازوت بشكل كبير نتيجة لزيادة عمليات تهريبه.

ويؤكد على أنه بالرغم من أهمية نهر الفرات كمصدر أساسي للمياه، إلا أن التلوث المستمر يهدد استدامته ويجعله غير صالح للاستخدام.

ويدعو الجهات المسؤولة إلى ضبط عمليات التهريب وحماية نهر الفرات من التلوث، والتركيز على أهمية النهر كمورد مائي حيوي للسكان والحيوانات والأراضي الزراعية.

خطر كبير

يقول عبد الرزاق الفتاح، من سكان بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي، إنه عندما أقوم بزيارة نهر الفرات لتشغيل مضخة المياه لري بساتيني، ألاحظ بسرعة وجود بقع نفطية تشير إلى تلوث المياه.

ويضيف، لنورث برس: “هذا التلوث يشكل خطراً كبيراً على حياتي وعلى الأشجار في البساتين، حيث تروى بمياه ملوثة تؤدي إلى تدهور التربة، ومنظر الأسماك الميتة التي تطفو على سطح نهر الفرات يكفي لتوضيح خطورة المواد الكيماوية الملوثة”.

ويذكر أن “تسرب المحروقات إلى مياه نهر الفرات يعود إلى عدة أسباب، منها استخدام خراطيم وصهاريج متهالكة في عمليات تهريب المواد، وأحياناً يتم حرق براميل النفط داخل المياه عن طريق القوات العسكرية”.

ويرى الفتاح أن هذا التلوث يتطلب تدخلًا فوريًا من الجهات المعنية والمسؤولين لوقف عمليات التهريب والبحث عن حلول فعّالة.

ويؤكد على أن عمليات التهريب تشكل خطراً كبيراً حتى على حياة السكان القريبين من النهر بسبب الدخان المتصاعد عند حرق القوات العسكرية لتلك المواد أثناء مداهماتها الدورية على تلك المعابر، إضافة للخطر الناتج عن الاشتباك بالرصاص مع مجموعات المهربين التي تنتج عنها غالباً.

تأثيرات

يقول المهندس الزراعي ياسر العسكر من دير الزور، لنورث برس، إن لتسرب المحروقات إلى مياه نهر الفرات مساوئ كثيرة، أهمها تأثيرها على مياه الشرب حيث تبقى رائحة تلك المواد في مياه الشرب.

ويضيف أنه يصعب فصل المواد الكيميائية الناتجة عن تسرب المحروقات من المياه نتيجة عدم وجود محطات تحلية متقدمة، ولأن الاعتماد هنا يكون فقط على الكلور في تحلية المياه.

ويبين أنه بالنسبة لتأثيرها على الزراعة، فإن المواد النفطية تحوي مواد سامة وإشعاعات، وبمجرد تسربها إلى النهر وري المحاصيل الزراعية من تلك المياه الملوثة فإن ذلك يؤثر على نمو النباتات ويؤدي إلى قلة الانتاج.

ويشير إلى أنه إذا كانت نسبة المواد الملوثة كبيرة في المياه فستؤثر على التربة أيضاً وهي مستدامة في التربة وستبقى تؤثر على مدار زمن بعيد، بالإضافة إلى أن تلك المياه الملوثة لا تصلح حتى للمواشي.

ويؤكد العسكر أن الحلول هي قيام القوات المختصة بمكافحة التهريب بلعب دور حقيقي في مكافحة التهريب والتخلص من تلك الأفة التي تؤثر على نهر الفرات وتهدد حياة السكان والمحاصيل الزراعية.

دوريات يومية

يقول القيادي محمد العمر في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدير الزور، إن “دورياتنا تسير بشكل يومي على السرير النهري لنهر الفرات لملاحقة المهربين، الذين يهربون تلك المحروقات من مناطق سيطرتنا الى مناطق سيطرة الحكومة من أجل المرابح المالية”.

ويضيف القيادي، لنورث برس: إن المهربين يتناسون خطورة تلك العمليات على أرواحهم وتهديدها لحياة السكان وتدمير البنية الزراعية بسبب تسرب محروقاتهم إلى النهر.

ويشير العمر، إلى أنه في الآونة الأخيرة كثفنا المداهمات على معابر التهريب وتم مصادرة كميات كبيرة من المحروقات، واعتقال عدد من المهربين وتحويلهم إلى العدالة لمحاكمتهم.

تحرير: محمد القاضي