واجهت قوات الأمن الكردية المتحالفة مع الجيش الأميركي ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا والعراق هجمات غير مسبوقة بالطائرات المسيرة في الأشهر الأخيرة.
في آخر هجوم من هذا النوع، استهدفت طائرة مسيرة يوم الأحد قاعدة في دير الزور شرقي سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الكرد مما أسفر عن مقتل ستة من قواتها. تستضيف القاعدة التي يتلقى فيها قوات الكوماندوز التابعة لقوات سوريا الديمقراطية تدريباتها، جنوداً أميركيين أيضاً، ولم يكن هناك ضحايا ضمن القوات الأميركية أثناء الضربة.
أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق المدعومة من إيران مسؤوليتها عن الهجوم على الفور، كما اتهمت قوات سوريا الديمقراطية أيضاً الميليشيات المدعومة من إيران بتنفيذ الهجوم بعد تحقيقات أجرتها.
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مساحات واسعة من سوريا تديرها الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا. تواجهان بالفعل حملة تركية شرسة بواسطة الطائرات المسيرة ضد قوات سوريا الديمقراطية والبنية التحتية المدنية الحيوية، سببت انقطاع شديد في إمدادات الكهرباء والمياه لملايين المدنيين.
لا تميز تركيا بين قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية ((YPG المكون الرئيسي فيها، وبين حزب العمال الكردستاني (PKK)الذي يعد عدوها اللدود.
تعادي الميليشيات المدعومة من إيران الناشطة في العراق وسوريا قوات سوريا الديمقراطية لأنها تتعاون مع الولايات المتحدة في سوريا.
حذرت قوات سوريا الديمقراطية مراراً وتكراراً من أن الهجمات ضدها تهدد بمساعدة فلول تنظيم الدولة الإسلامية وربما تمهد الطريق لإحياء التنظيم، حيث يقبع عشرات الآلاف من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في مراكز الاعتقال وفي السجون والكثير منهم في المخيمات العشوائية في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا، وقد حاول هؤلاء المسلحون تنفيذ عمليات هروب منسقة ومخططة جيدًا في الماضي، وأبرزها في الحسكة في شهر كانون الثاني/ يناير من عام 2022.
وكان هناك أيضاً تزايد في عدد هجمات الطائرات المسيرة المثيرة للقلق التي تستهدف قوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان في العراق.
استهدفت الميليشيات المدعومة من إيران في العراق الجنود الأميركيين في كردستان العراق على مدى سنوات، وبشكل رئيسي في القاعدة العسكرية المتمركزة في مطار أربيل الدولي باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة.
في خطوة غير مسبوقة تماماً، استهدفت طائرتان مسيرتان محملتان بالمتفجرات مباشرة قاعدة للبيشمركة في العاصمة الكردية العراقية في 30 من شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2023، وبالرغم من أن هذا الهجوم لم يؤدي إلى مقتل أي شخص إلا أنه أظهر استعداد هذه الجماعات للهجوم أيضاً ضد البيشمركة، حيث وصف المسؤولون الكرد هذا الهجوم بـ”التطور الخطير”، (بالطبع، تضاءل هذا الهجوم مقارنة مع هجوم الصواريخ الباليستية الذي شنته إيران في 15 من كانون الثاني/ يناير على أربيل والذي أسفر عن مقتل رجل أعمال كردي مدني وأفراد من عائلته).
لم يكن هجوم 30 كانون الأول/ يناير هو المرة الأولى التي يتم فيها استهداف قوات البيشمركة مباشرة بواسطة الطائرات المسيرة في عام 2023.
لقد قامت تركيا بقصف مخابئ ومقاتلين مشتبه بهم من حزب العمال الكردستاني في جبال كردستان العراق على مدى عقود من الزمن، بدءاً من عام 2018 حيث بدأت أنقرة أيضاً بتنفيذ عمليات اغتيال مستهدفة قادة الحزب باستخدام الطائرات المسيرة المسلحة بواسطة ذخيرة دقيقة التوجيه. لم تستهدف تركيا البيشمركة أو القوات المسلحة الأخرى المرتبطة بحزبي كردستان العراق الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. ومع ذلك قامت بقتل خمسة من قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني عن طريق الخطأ في ضربة نفذت في نيسان/ أبريل من عام 2017 على منطقة سنجار في وقت كانت فيه البيشمركة وحزب العمال الكردستاني يتنافسان للسيطرة على المنطقة ذات الأغلبية الإيزيدية.
تغير هذا بشكل جذري في 18 من أيلول/ سبتمبر عندما هاجمت طائرة مسيرة مطار عربت القريب من مدينة السليمانية الكردية العراقية مما أسفر عن مقتل ثلاثة عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، في حين لم تتبنَ تركيا المسؤولية عن الهجوم، ولكن أكدت القوات المسلحة العراقية أن الطائرة المسيرة دخلت الأجواء العراقية قادمة من تركيا، كما ادعت أنقرة أيضاً أن قوات مكافحة الإرهاب كانت تتدرب مع وحدات حماية الشعب في القاعدة في محاولة واضحة لتبرير الهجوم.
لقد اتهمت تركيا منذ زمن الاتحاد الوطني الكردستاني بمساعدة وتوجيه حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب. مؤخراً، حذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يوم الأحد من أن تركيا قد تتخذ “مزيداً من الإجراءات” ضد الاتحاد الوطني الكردستاني مكرراً تحذيراً مماثلاً أطلقه في شهر كانون الثاني/ يناير.
أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام مطار السليمانية الدولي في الثالث من نيسان/ أبريل حيث يعتقد على نطاق واسع أنها نفذت ضربة بطائرة مسيرة استهدفت موكباً قرب محيط ذلك المطار في السابع من نيسان/أبريل. كان الموكب الذي يقع ضمن مرمى تلك الطائرة المسيرة يحمل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي وثلاثة عسكريين من الجيش الأميركي.
بالرغم من عدم وقوع قتلى أو جرحى في ذلك الهجوم، ولكنه أظهر استعداد تركيا لشن هجمات داخل مدينة السليمانية التي تعتبر معقل الاتحاد الوطني الكردستاني.
عند تقييمها معاً، تُظهر هذه الهجمات نمطاً مقلقاً حيث لا تُظهر فيه القوى الإقليمية ووكلائها أي مخاوف بشأن استهداف قوات الأمن الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة. إذا استمرت هذه الهجمات، فإنها ستزيد من زعزعة استقرار منطقة معروفة بالفعل بأنها مضطربة وتمكين الإرهابيين العازمين على ارتكاب الفظائع في جميع أنحاء العالم.
(تُرجم العنوان بتصرف)