تعزيزات وأسلحة نوعية .. إيران تواجه أميركا بأذرعها
غرفة الأخبار – نورث برس
احتدمت المواجهة بين إيران وأميركا في سوريا والعراق، ويشهد الميدان توتراً وتصعيداً منذ بدء الصراع في غزة، طغى على التصعيد أكثر علنية من جانب أميركا، في حين ظهرت جماعات أخرى محسوبة على إيران لتهدد الوجود الأميركي.
بعد عشرة أيام من بدء الصراع في غزة وتحديداً في السابع عشر من تشرين الثاني/ أكتوبر، ظهرت جماعة جديدة تطلق على نفسها “المقاومة الإسلامية في العراق”، تلك الجماعة استهدفت القواعد الأميركية في سوريا والعراق بشكل مباشر.
تقول أميركا إن جماعة “المقاومة الإسلامية” هو ذراع إيران في المنطقة وتدعمه عبر فصائلها المتعددة، لكن إيران تنفي صلتها به.
مؤخراً، قتل الجيش الأميركي مسؤولين بارزين في حركة النجباء العراقية والتي تنشط أيضاً في سوريا، بغارة جوية وسط العاصمة العراقية بغداد، وسبقها قصف موقعين لفصائل محسوبة على إيران ضمن الأراضي العراقية.
في المقابل، تحشّد فصائل إيرانية من قدراتها لوجستياً وعسكرياً في دير الزور القريبة من القواعد الأميركية، وقالت مصادر لنورث برس، إن الفصائل الإيرانية نقلت ليل الجمعة، معدات عسكرية وأسلحة ضمنها طائرات مسيّرة وصواريخ، إلى شرقي سوريا، في خطوة تدل على استعدادات للتصعيد ضد القواعد الأميركية المنتشرة بشرقي البلاد.
وقال قيادي في فصيل إيراني لنورث برس، إن الحرس الثوري الإيراني وفصائل تابعة له، نقلت تعزيزات عسكرية وصفها بالنوعية، من مطار الشعيرات بريف حمص إلى مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، بعد قدومها من الأراضي العراقية.
وأضاف أن التعزيزات ضمت عدد كبير من الطائرات المسيّرة إيرانية الصنع، وصواريخ قصيرة المدى من طراز (فجر1، فجر2)، ومنظومة اتصالات حديثة، تضم عدد من الأجهزة اللاسلكية وكاميرات مراقبة حرارية، كما حضر فريق خبراء إيرانيين مع الشحنة لتجهيز المنظومة وتركيبها.
وسبقها في الليل ذاته نقل معدات من الأراضي العراقية إلى سوريا عبر معبر السكك، ولوجستيات أخرى، وتقول تقارير إن إيران تنقل عناصرها وأسلحتها عبر باصات تنقل حجاجاً.
يقول، مصطفى النعيمي، وهو خبر في الشأن الإيراني، إن الفصائل الإيرانية تعزز من قدراتها العسكرية في كامل الجغرافيا السورية، “ضمن استراتيجية حماية وتأمين شرايين الحياة عبر طرق التوريد الثلاثة البرية والمتمثلة بمعبر البوكمال – القائم وصولاً إلى دمشق، والبحرية متمثلة بالسيطرة على الموانئ البحرية والجوية المتمثلة بالمطارات السورية”.
ويرى أن محاولات تامين الطرق “يأتي في سياق تعزيز قدراتها المستمرة غرب الفرات عموماً، بدءً بمعبر البوكمال وصولاً الى مدينه دير الزور”.
ويضيف: “نلاحظ ان هنالك الكثير من الاستهدافات المتبادلة ما بين تلك الميليشيات، لا سيما ما يُطلق عليها فصائل مقاومه الإسلامية والتي تعمل خارج نطاق الفصائل الإيرانية، والتي من أبرز مهامها كغرفه عمليات هي التنسيق في توجيه ضربات على للمصالح الأميركية”.
ويشير إلى أن استهدف “المقاومة الإسلامية” في الغالب يكون متزامناً باستهداف عدة قواعد أميركية لا سيما قاعدتي كونيكو والعمر، ويرى النعيمي أن الهدف من ذلك إلقاء المسؤولية عن الفصائل الإيرانية والقوات الحكومية في غرب الفرات.
والجمعة الفائت، قال مسؤول أميركي إن القواعد الأميركية في سوريا والعراق تعرضت لـ 117 ضربة منذ بدء الصراع في غزة.
وفي تعليق على الضربات الأميركية والإسرائيلية في سوريا والعراق، قال الخبير في الشأن الإيراني: إنها “رسائل مفادها بأنه طالما هنالك تعزيز للقوات في هذه المناطق ستبقى الولايات المتحدة تعمل على استهدافها”.
مضيفاً: “بنفس التوقيت الولايات المتحدة تركت الباب مفتوحاً لتنفيذ ضربات إسرائيلية، وذلك من خلال تقديم الدعم اللوجستي عبر غرفه عمليات مشتركة توصل لهم الأهداف، وفق استراتيجية تمنع الحرج عن كافة الأطراف، بحيث يستثمر الهدف بالأساس سياسياً قبل أن يكون عسكرياً”.
خيارات المواجهة
لا يرى النعيمي احتمالاً على قدرة إيران بشن حرباً في المنطقة، إذ أنها لا ترغب في خوض معركة طويلة أو قصير الأمد، لعدة أسباب منها الأزمة الاقتصادية التي تضرب إيران، والتي باتت تلقي بظلالها على تحركات الفصائل.
ويقول إنه رغم استثمار اقتصادات الظل الإيرانية المتعددة الأقطاب المنتشرة في المنطقة العربية، إلا أنها لم تعد كافيه لتمويل تلك الميليشيات.
لكن إيران تستخدم وسائل بدائية قليلة التكاليف لتمويل أذرعها لشن هجمات ضد مصالح أميركا، كالطائرات المسيّرة الانتحارية وصواريخ محلية الصنع.
في المقابل تتعامل أميركا مع الفصائل الإيرانية بتكنولوجيا فائقة، “فبالتالي من ناحية الربح والخسارة ترى إيران أن عمليات المشاغلة مع الولايات المتحدة قد تسهم بشكل أو بآخر في دفعها على مغادره سوريا والعراق”، يقول النعيمي.
ويضيف أن إيران ترى في طريقة استهداف “المقاومة الإسلامية” استنزاف وإرهاق للولايات المتحدة عبر استهداف مصالحها وقواتها في سوريا والعراق.
احتياطات أميركا
يقول مصطفى النعيمي، إن الولايات المتحدة اتخذت اجراءات وتدابير وقائية وسبقتها بتدابير استباقيه، من خلال استهداف الكثير من منصات إطلاق الصواريخ قبل أن يتم تحضيرها، وكذلك منصات إطلاق الطائرات المسيّرة في سوريا والعراق.
كما أن وجود وتحليق طائرات (الأواكس) الأميركية، وطائرات استطلاع من الجيل الخامس (آر كيو 4 بي غلوبال هوك)، كان لها دوراً كبيراً في تحديد تحركات الأهداف ومتابعتها ورصدها على جانبي الحدود السورية – العراقية وصولاً إلى المياه الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط.
في المقابل زادت أميركا من جهودها وقدراتها الجوية من خلال الطائرات المسيّرة المذخرة بصواريخ (الفير)، والتي استهدفت العديد من قياديين حركه النجباء وتحديداً آخر عملية، والتي استهدفت أبو تقوى السعيدي، وفق قول النعيمي.
ويرى أن هناك تصعيد متدرج متبادل ما بين كافة الأطراف العاملة في الجغرافية السورية، متوقعاً مزيداً من التصعيد والاستهدافات ما بين القوى المتواجدة على أراضيها.
ويضيف: “هذا لا يعني أن هنالك متغيرات في حجم مناطق النفوذ الدولية فمناطق النفوذ تم تجميدها على ماهيتها الحالية”.
“خاصة أن أزمة الممرات المائية تعتبر هدفاً أكبر بالنسبة للولايات المتحدة التي تسعى لإنهائها، لكن هذا لا يعني بانها ستترك تحركات تلك الميليشيات تزداد بل على العكس ستوجه لها ضربات نوعيه جراحيه في محاور هامه وتستهدف قياديين وذلك للحد منها”، وفقاً للنعيمي.