إدلب- نورث برس
ذهب محللون سياسيون وخبراء عسكريون في قراءتهم لما حمله خطاب زعيم هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني حول حلب، إلى أنه نوع من “إثبات الوجود” وأنه مازال “صاحب قوة”، إضافة لرسائل أخرى فهل هي نابعة من موقف القوي الذي يمكن أن يغير دفة السفينة أو أنها مجرد تخبط ناتج عن ضعف؟
يأتي خطاب الجولاني مع جملة تطورات يشهدها الملف السوري سواء العسكري أو السياسي في أعقاب عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية واتساع دائرة التطبيع العربي مع دمشق يضاف إليها المساعي المتواصلة لروسيا للتطبيع بين الأخيرة وأنقرة.
ونهاية الشهر الماضي قال زعيم الهيئة خلال كلمة له في المؤتمر الثوري لنازحي حلب في إدلب، إنه “خلال السنة القادمة أو السنتين ستتغير خارطة المعارك في حلب”.
وأضاف أن “حلب هي بوابة الشام، ويجب التركيز عليها وخلال سنة أو سنتين سيكون هناك تغيير في خارطة المعركة”.
وقبل نحو شهر أيضاً زعم متزعم التنظيم المصنف على لوائح الإرهاب العالمية، في لقاء مع وجهاء في إدلب أن “لدينا أوراقاً ونقاط قوة ولدينا الأزرار لقلب الطاولة والانفجار والتسخين، وبيدنا أن نضغط أي زر نريده لنواجه الكثير من التحديات، ولسنا ضعافاً إلى هذا الحجم”.
ومنذ مطلع الشهر الجاري شهدت مناطق شمال غربي سوريا، تصاعداً ملحوظاً بعمليات القصف المتبادل بين طرفي الصراع، كما جددت الطائرات الحربية الروسية غاراتها الجوية على المنطقة بعد توقفها لأشهر.
“تمويه وتحويل الأنظار”
ويرى الخبير العسكري العميد أحمد الرحال، أن كل ما ذهب إليه الجولاني في خطابه عن حلب “تمويه وتحويل للأنظار ومحاولة إثبات وجود”، قائلاً: “هناك معلومات مؤكدة أن الجولاني يلتقي مع علي مملوك وأنه ينسق مع اللواء حسام لوقا ومع المخابرات العسكرية الروسية، وأنه ليس بعيداً عن التفاهمات الروسية التركية”.
ويضيف أن “الجولاني يدرك أن هناك تغيير خرائط، وقد يتم تسليم أراضٍ من الساحل وأجزاء من أرياف إدلب، مع المعابر الحدودية بناء على تنسيق مسبق لإزاحت الجولاني من الشمال إلى مناطق سيطرة المعارضة بريف حلب”.
وشدد الخبير العسكري على أن “الجولاني يريد أن يقدم نفسه أنه عرّاب المنطقة وأنه صاحب القرار وقادر على السيطرة وإدارة دفة التنسيق، إذا ما كان هناك تعاون مع النظام أو الروس على طريقة أحمد العودة في الجنوب السوري”.
“الجولاني وتنظيمه كل ما يهمه السيطرة الاقتصادية والظهور على أنه مهيمن وصاحب قرار وبعيد نوعاً ما عن القرار التركي، ويريد أن يقول إنه قادر على ضبط المنطقة عسكرياً أمنياً واقتصادياً”، بحسب ما أضاف رحال.
ولكن كل ما سبق، بحسب رحال، “لا يعني أن الجولاني سوف يشن حرباً ويغير الخارطة”.
وأشار الخبير العسكري إلى أن “المعارك وتغيير الخرائط بيد الروس والأتراك، والجولاني ليس بإمكانه الإقدام على أي عمل منفرد، ويعرف أنه في اللحظة التي يقوم فيها بفتح معركة على الروس سوف تكون نهايته”.
متناغم مع الخطاب التركي
ذهب المحلل السياسي السوري حسام البرم في قراءته لخطاب “الجولاني”، إلى أنه “رسالة موازية لما ينقله الجانب التركي ومتناغم مع خطابه بخصوص حلب، بالتالي هو توجه تركي بشكل أو بآخر، يعبر عن توجه الأخير في المنطقة إذ تريد مبادلة حلب مقابل ملفات سياسية أخرى”.
وأعرب البرم عن اعتقاده أن “الهدف من خطاب الجولاني الرسائل التركية بخصوص حلب واضح ألا وهو إيجاد بيئة آمنة لإعادة اللاجئين السوريين الى مناطق نفوذهم وسيطرتهم، وزيادة رقعتهم الجغرافية والسيطرة على قطب اقتصادي جديد يساعدهم بالدرجة الأولى بالضغط على النظام، ويحفظ مكانه في العملية التفاوضية بالملف السوري على المدى الطويل”.
ويحاول الجولاني أن “يصنع له كياناً في المنطقة ليتفاهم ويتفاوض ويبني تحالفات مع كل الأطراف، ولكن بالتحديد المتقارب معها فكرياً، وهم التيار الإسلامي السياسي في تركيا وقطر لذلك هو يحافظ على الاتصال مع هذين الطرفين وتحالفه هنا مصلحي لكن في مرحلة ما هو جاهز للانفصال في حال توفر البديل السياسي”.
ويشير “البرم” إلى أن “معادلة المساومات أكبر من الجولاني وهي مع الجانب التركي الذي يسيطر على منطقة محددة، قد يكون جزء منها بشكل أو بآخر وقد لا يكون. ففي حال وصل الاتفاق إلى مرحلة معينة سيتم التسليم للفصائل التابعة لتركيا بدون وجود الجولاني”.