تراجع تربية حيوان “الجاموس” نتيجة الحرب المتواصلة بريف حماة الغربي

إدلب – أوس الشامي – NPA

 

تعود تربية حيوان الجاموس في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي إلى أكثر من /800/ عامٍ وتُعد تربيته مهنةً رئيسيةً لسكان المنطقة إلى جانب الزراعة، لكن تناقصت أعداده في سنوات الحرب السورية بشكلٍ كبيرٍ لتصل إلى /75/ رأسٍ عام  2019 من أصل /1200/ في عام 2011.

 

وتُعد مهنة تربية الجاموس مهنةً متوارثةً لأهالي المنطقة لكن وبسبب الحرب تخلى أغلبهم عنها، "خالد أبو أحمد" أحد مربي الجواميس، قال لـ "نورث برس" إنّه ورث مهنة تربية الجاموس عن والده منذ عشرة سنواتٍ في سهل الغاب، وكانت عائلته تملك وحدها قرابة /80/ رأسٍ من الجواميس، حيث اضطرت لبيع عددٍ منها لسدِّ حاجياتهم المعيشية، ليصبح عددها الآن /11/ جاموساً فقط خلال أقل من عامين حسب قوله.

 

وقال المهندس الزراعي "محمد عنيزان" وهو رئيس الوحدة الإرشادية في بلدة الشريعة غربي حماة، لـ "نورث برس" عن حيوان الجاموس أنّه  "يعتبر من الحيوانات المستأنسة في سهل الغاب، لتوفر المياه والمراعي فيها التي يحتاجها الجاموس".

 

وأوضح عنيزان أنّه مع بدء الأزمة السورية بـ 2011 انخفضت مساحات المراعي بسبب امتداد نقاط الاشتباك إلى سهل الغاب، وهذا ما أدى لانخفاض أعدادها.

وبيّن بقوله "إنّ الحرب التي تعرضت لها المنطقة في السنوات الماضية، سبَّب ارتفاع التكلفة لتربية الجاموس وانخفاض أعدادها وموت عددٍ كبيرٍ منها، إضافةً لنزوح الأهالي مع قُطعانهم من السهل إلى مناطق أخرى مثل سهل الروج إلى جانب عزوف عددٍ كبيرٍ من المُربين عن تربيته".

 

تأتي أهمية تربية الجاموس في قدرته العالية على تحويل بقايا المحاصيل الغذائية إلى غذاء، فيمتاز عن الأبقار بقدرته على هضم السليلوز أكثر من الأبقار، والاستفادة من مخلفات المحاصيل أكثر من الأبقار والماعز والاغنام، وبالتالي يُعد مناسباً في تلك المناطق بسبب التخلص من بقايا المحاصيل عن طريق تقديمها للجاموس إما كعلائف جافةٍ أو رطبةٍ خلال فترات الصيف.

 

وأشار عنيزان إلى أنّ تربية الجاموس هي مهنةٌ متوارثةٌ لجميع المُربين في سهل الغاب، ويعتمدون على تخزين الأعلاف الجافة خلال فصل الشتاء لتقديمها للجاموس. كون الجاموس يمكنه أن يعتمد على الرعي بشكلٍ كليٍّ تماماً في إدرار الحليب ولا يحتاج إلى تغذيةٍ، فقط في فصل الشتاء يلزم على المُربي أن يُعد العدة بتخزينه "السيلاج والدريس" (علفٌ أخضر تم حفظه عن طريق عملية التخمير).

 

بحسب عنيزان، كانت أعداد الجاموس لا بأس بها في سهل الغاب قبل عام 2011 فوصل عدد الرؤوس عند مُربيّ الجاموس في الكريم والتوينة والشريعة لحوالي /600/ رأسٍ، بالإضافة لحوالي /500/ رأسٍ في قرية ناعور جورين، إذ كان يوجد هناك محميّةٌ طبيعيةٌ للجاموس، ولكن اندلاع الحرب ناقص العدد بشكلٍ كبيرٍ، حيث اقتصر العدد في آخر احصائية على /75/ رأساً فقط كانت موزّعةً بين الشريعة والتوينة.

 

ولفت عنيزان في حديثه أنّ المربين الذين نزحوا إلى ريف إدلب، لم يجدو البيئة المناسبة للجاموس، إذ لا تتوفر فيها البيئة المناسبة لتربية الجاموس، إلّا في بعض القرى في سهل الروج كقرى البالعة وبعرة غرب إدلب والتي يتوفر بها القليل من الماء والسدود.

 

وأما عن الحلول لواقع تربية الجاموس قال عنيزان أنّهم طالبوا المنظمات التدخّل لإنقاذ واقع تربية الجاموس في سهل الغاب، لكن دون جدوى.

 

ونوّه إلى أنّ الجاموس قليلاً ما يصاب بالأمراض، فهو مقاومٌ للظروف البيئية، إذ إنّ مقاومته ومناعته عاليةٌ وبالتالي قليلاً جداً ما يُصاب بالأمراض، ولكن دعم الأسر التي تربي الجاموس بالعلائق المركّزة يفي بالغرض، فإنهم إن حصلوا عليه سيحتفظون بقطعان الجاموس لأطول فترةِ ممكنةٍ دون أن يبيعوها أو تتحول للمسالخ والذبح.

 

لكنه الآن في مرحلةٍ خطرةٍ وحساسةٍ جداً "ويجب أن تتكاتف كل الجهود ومن كل المنظمات للحفاظ على هذا القطيع من الاندثار والانقراض".