مدرب ومرشد نفسي من ذوي الاحتياجات الخاصة عايش سيطرة مختلف القوى العسكرية على الرقة يروي قصته

الرقة – مصطفى الخليل – نورث برس

 

أصر كمال الأحمد في رحلة مليئة بالإصرار والتحدي رغم حالته الصحية، على الانطلاق لتغيير حياته جذرياً، وليصبح شخصاً يقوم بأعمال عدة في الظروف المختلفة التي مرت بها مدينة الرقة، ومنها عشقه لكرة القدم الذي جعله مدرباً رياضياً للأطفال.

 

كمال الأحمد (32 عاماً)، المنحدر من قرية الأسدية شمالي مدينة الرقة، ولد بحالة تشوه في الطرفيين العلويين بسبب زواج الأقارب، وأدى هذا التشوه إلى "تحدد حركي مفصلي ناشئ إضافة لضمور عضلي في اليدين" على حد ما ذكره لـ"نورث برس".

 

فمن الرقة إلى بيروت وبالعودة لمسقط رأسه، رحلة مليئة بالإصرار والتحدي، وبعكس الكثيرين، كانت حالة كمال الصحية منطلقاً لتغيير حياته جذرياً، وليصبح شخصاً يقوم بأعمال عدة من التعليم الجامعي إلى العمل في مجال التمريض، إلى مدرب دعم نفسي يقدم نصائحه للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تضرروا نتيجة الحرب في الرقة، ويمارس هوايته في لعب كرة القدم.

 

"تشجيع الأهل"

 

المدرب كمال يروي مفاصل حياته لـ"نورث برس" قائلاً: "ولدت في عائلة مكونة من/7/ شبان و/5/ بنات، وتعاملت معي عائلتي بكل إيجابية، ولم يشعروني بأني معاق، وكانوا يوكلون إلي بعض المهام لم أدرك معناها عندما كنت صغيراً، وعندما كبرت أدركت الغاية من ذلك".

 

واهتمت عائلة كمال به حتى وصل بدراسته إلى المرحلة الجامعية، حيث كان يدرس في قسم اللغة العربية في كلية الآداب في الرقة، ولكن نتيجة الحرب، والأوضاع المادية السيئة التي مرت بها عائلته، توقف عن متابعة دراسته.

 

وفي تلك الفترة عمل كمال بمهنة التمريض في المستشفى الوطني في الرقة، حيث خضع لدورة تمريض في المركز الثقافي في المدينة قبل خروجها عن سيطرة الحكومة السورية سنة /2012/.

 

في حين عاصر كمال خلال فترة عمله كممرض كل الفصائل التي مرت على المدينة من الفصائل المسلحة تحت مسمى "الجيش الحر" إلى جبهة النصرة، وصولاً لفترة سيطرة عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على المدينة.

 

"الهروب إلى بيروت"

 

وتعرض كمال كغيره من الممرضين والأطباء العاملين في المستشفى الوطني في الرقة لمضايقات من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أثناء سيطرتهم على المدينة، إذ أنهم كانوا يطلبون من الممرضين إيلاء عناية خاصة بأطفالهم أكثر من غيرهم من الناس، على حد قول كمال.

 

واتهم عناصر التنظيم كمال بالتعامل لصالح الحكومة السورية، كونه كان يتردد على العاصمة دمشق بين الحين والآخر، وهذه تهمة قد تودي بحياته.

 

ونتيجة لذلك هرب كمال إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وعمل مع العديد من المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، وخضع لدورات تعليمية وتربوية في منظمة الصليب الأحمر الدولية، وكانت هذه الدورات منعطفاً مهماً في حياته كما يقول، إذ أنها أكسبته مهارات وخبرات حياتية متنوعة.

 

"عشق كرة القدم"

 

وتابع الأحمد "هوايتي كرة القدم، أعشقها منذ الصغر، وعاشت معي منذ طفولتي، وصقلت هذه الهواية، بالأخص عندما كنت في بيروت".

 

ويتابع" عندما كنت في بيروت خضعت لدورات تدريبية لكرة القدم مع الاتحاد الآسيوي، ومع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بالتعاون مع جمعية سكورت السويسرية، وقد حصلت على عدة جوائز وميداليات".

 

وبعد انتهاء الحرب وهزيمة عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" عام/2017/، عاد كمال إلى الرقة، وعمل في قسم الدعم النفسي ضمن فريق "صناع المستقبل"، والتي هي منظمة محلية تعمل في الرقة.

 

وما يزال كمال حتى الأن مستمراً في عمله، في مركز "الطفولة الآمنة" كمسؤول عن برنامج حماية الطفل ضمن فريق صناع المستقبل، وهو برنامج تقدمه المنظمة، يُعنى بتقديم الدعم النفسي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

 

يوجد في المركز حوالي /95/ طفل وطفلة، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتتنوع الحالات الموجودة، ما بين إعاقة بصرية وسمعية وحركية، بعضها ناتج عن مخلفات الحرب في الرقة.

 

وبيّن كمال في نهاية حديثه، أنه استفاد من خبراته في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكداً بالقول: "أحاول أن أزرع الثقة بهم ليكونوا فاعلين في المجتمع، لقد أمدُّوني بالقوة والصبر والإصرار".