بعد “كارثة” الشيخ مقصود.. مخاوف تلاحق سكان أحياء في حلب

حلب- نورث برس

“كارثة الشيخ مقصود قد تتكرر في حيّنا بشكل أشد وأخطر”، يقولها عبد الله الصباغ، وهو يتحدث عن مخاوفه من انهيار المبنى الذي يسكنه في حي صلاح الدين بمدينة حلب، وقد تركت حادثة انهيار مبنى قبل أيام بحي الشيخ مقصود (معروف) أثرها في نفسه ما ترك.

وقبل أيام شيع الآلاف من سكان حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، ضحايا المبنى السكني الذي انهار في حي الشيخ مقصود (معروف) فجر الأحد الماضي، حيث فقد 16 شخصاً حياتهم وأصيب اثنان آخران.

ويقطن في الحي سكان غالبيتهم من كرد عفرين النازحين من مدينتهم بعد الغزو التركي 2018، وسكان آخرون من مدنٍ سورية تركوها نتيجة الحرب الدائرة في البلاد.

ويضيف عبد الله الصباغ (36 عاماً) الذي يقطن في الطابق الرابع من مبنى يضم 11عائلة بحي صلاح الدين، أن “معظم الحارات ضمن الحي مكتظة بالسكان، وفيها عشرات المباني المدمرة بشكل كامل وأخرى آيلة للسقوط بأي لحظة”.

وما يثير مخاوف “الصباغ” أكثر، هو أن معظم الأبنية هناك بنيت دون أعمدة داعمة، “خاصة أن معظم المباني حولنا دمرتها الحرب”.

ولا يستبعد الرجل، “حدوث فاجعة مماثلة لما حصل في الشيخ مقصود، خاصة وأن هذا الحادث سبقه عدة حوادث كان آخرها مبنى سقط بغتة على رؤوس ساكنيه في منطقة الفردوس في حلب الشرقية”.

ويقول الشاب الثلاثيني لنورث برس: “معظم مباني حي صلاح الدين لا تتوفر فيها شروط السلامة، فهي مبينة بشكل شبه عشوائي وتفتقد للأعمدة الداعمة المتينة”.

ويشير إلى أنها الأبنية عمارها تجاري أي أن “دعاماتها تفتقد للكمية الملائمة من الإسمنت المسلح، كما أن حيطانها بنيت من البلوك التجاري سماكة 10سم”، ويضيف: “وهنا لا أتحدث عن مبنى أو اثنين بل عن مئات المباني في صلاح الدين”.

مخاوف من الانهيار

كما لم يخفدياب العواد من حي الأنصاري الشرقي مشاعر الخوف التي تنتابه كلما تذكر أن أي مبنى في حيهم معرض للانهيار بشكل مفاجئ فهي “مبانٍ مثل الكرتون”.

وذهب “العواد” يتحدث بلهجة لم تخلو من الغضب عن متعهدي البناء قبل الحرب وبعدها، “لا يملكون أي ذرة مسؤولية وهدفهم تحقيق أعلى المرابح على حساب أرواح الناس”.

ويقول لنورث برس: “عند اندلاع الحرب جزء كبير من مناطقنا، أضحت ركاماً والقسم المتبقي الذي نقطنه آيل للدمار، فمعظم الأبنية أصابها تشققات، وحتى البيوت العربية ذات الطابق الواحد معرضة للخطر”.

ويشدد “العواد” أنه “على الحكومة إيجاد مساكن بديلة لمن يقطن في بناية متضررة، ولكن على ما يبدو هي غير مهتمة، ونحن لا نملك من أمرنا شيء، سوى البقاء فيها والدعاء لله كي تبقى سليمة”.

“حلول عاجلة”

يؤكد المهندس المدني نور الدين قطاش (58عاماً) أن “حلب الشرقية بحاجة لحلول عاجلة في معظم أحيائها”.

ويضيف “قطاش” لنورث برس أن “مسألة انهيار المباني، قائمة خاصة أن شبكات المياه والصرف الصحي متهالكة وتصيب أساسات الأبنية، مما يساهم في زيادة احتمالية انهيارها”.

ومنذ العام 2019 كلفت الحكومة السورية بتشكيل لجنة من وزارة الإدارة المحلية والأشغال العامة والإسكان والموارد المائية، مهمتهما دراسة حالة الأبنية في أحياء حلب الشرقية خاصة المناطق التي شهدت معارك عنيفة، مثل حي صلاح الدين، والسكري، وجسر الحج، والصالحين والفردوس وغيرها.

وكان من مهام اللجنة تأمين “سكن بديل لكل عائلة في حال كانت تعيش في مبنى متهالك، ومعرض للسقوط، ولكن اللجنة منذ ذلك الوقت لم تقدم أي شيء إلى اللحظة سوى الكلام”، بحسب المهندس.

كما تم إخلاء عدد من المباني في حي صلاح الدين والسكري وبستان القصر، دون إيجاد سكن بديل لقاطنيها “الذين عانوا الأمرين في سبيل إيجاد سكن”.

ويقول “قطاش” إن “غالبية السكان فضلوا البقاء في منازلها رغم المخاطر، كي لا يقاسوا عناء البحث عن سكن، رغم المخاطر المحدقة بهم”.

إعداد: جورج سعادة- تحرير: فنصة تمو