ماذا يفهم من تصريحات الجولاني حول تقارب أنقرة ودمشق؟

غرفة الأخبار ـ نورث برس

يخشى أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، من عدم إيجاد موطئ قدم له في التسوية القادمة، بشمال غربي سوريا، في ظل التطورات السياسية والتقارب الذي يجري بين أنقرة ودمشق.

واعتبر الجولاني، أن التطبيع بين أنقرة ودمشق يعد “انحرافاً خطيراً يمس أهداف الثورة السورية”، وأن الأخيرة “تواجه تحدياً جديداً في وجه النظام المجرم وحلفائه”.

وفي الـ28 من كانون الأول/ديسمبر الفائت، أُجريت مباحثات سورية-تركية-روسية في موسكو بحضور وزراء دفاع الدول الثلاثة، وصفتها الأطراف المشاركة “بالبناءة”.

تصريحات الجولاني جاءت في تسجيل مرئي بثته مؤسسة “أمجاد” التابعة لهيئة تحرير الشام.

وأشار إلى أنَّ معركتهم “ليست معركة سياسية من أجل المناصب وحرباً أهلية، بل هي معركة بين الحق والباطل”.

ولكن المجريات على أرض الواقع تشير لعكس ذلك، إذ تعتقد الهيئة بأن تركيا قد تسعى لحل ملفها مقابل صمت روسيا عن أي عمليات عسكرية تركية ضد الشمال السوري.

وزاد توجس تحرير الشام بعد اتفاق الدول الضامنة لأستانا، في تموز/ يوليو الماضي، على آلية تنسيق أمنية من أجل مكافحة التنظيمات “الإرهابية”.

ونقلت تقارير صحفية عن مصادر لها في مناطق سيطرة المعارضة السورية، أنه تم مؤخراً، إجبار العناصر الأمنية للهيئة على مغادرة كفرجنة، وإعادة بعض المواقع للفيلق الثالث.

كما أن الجانب التركي لم يعترض على بيان عزل تشكيلات أحرار الشام لقيادتها الممثلة بعامر الشيخ وأحمد الدالاتي المرتبطة بتحرير الشام، وجرى إبعاد الموظفين التابعين للهيئة الذين دخلوا معبر الحمران الخاص بتوريد المحروقات إلى شمال غربي سوريا، بعد فقدان الفيلق الثالث للسيطرة على المعبر.

وما يثير توجس الهيئة أكثر، هو ما يتم نقاشه بين الجانب التركي وفصائل الجبهة الوطنية للتحرير منذ أكثر من شهر حول مسألة إعادة هيكلتها وجمعها ضمن فيلق يتبع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة.

وتنظر الهيئة إلى هذا الإجراء على أنه يستهدفها كونه يسعى “لتقوية الجبهة الوطنية في إدلب عبر تعزيز تماسكها”، بحسب مراقبين.

ولإثبات وجودها، أعلنت تحرير الشام في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عن سلسلة من العمليات النوعية ضد قوات الحكومة السورية في جنوب إدلب وغرب حلب.

وفي الواحد والثلاثين من الشهر الماضي، أصدر كل من ميسر بن علي القحطاني، قيادي في العلاقات العامة للهيئة، وجهاد عيسى الشيخ (أبي أحمد زكور)، قيادي في صفوف الهيئة، بياناً دعيا فيه إلى “طي خلافات الماضي مع كل الفصائل والشخصيات المعارضة للمصالحة مع دمشق، والتركيز على جهود مواجهة قوات الحكومة”.

والدعوة الصادرة في البيان، كررها الجولاني، إذ قال: “لقد أعددنا عدتنا وهيأنا أنفسنا لأيام عظيمة قادمة، وهذه دعوة منا لكل مخلص أن يبذل الجهد ويسعى بصدق ويضع يده بأيدينا ويصطف إلى جانبنا في مواجهة هذه التحديات ومواصلة العهد حتى إسقاط النظام المجرم”.

وأوضح الجولاني أن “تحرير الشام لن تكل ولن تمل حتى تحط رحالها في دمشق، ونسقط النظام، ونبني الشام من جديد”، موجهاً رسالة إلى “النظام” في دمشق، بالقول: “لا تفرح بما يجري، فإن ما قد مضى أكثر بكثير مما بقي، فقد اقتربت ساعتك”.

وتشدد روسيا على ضرورة محاربة هيئة تحرير الشام والفصائل “المتشددة”، في مناطق سيطرة المعارضة، ودائماً ما تسعى لذكر الهيئة في هذا التشديد.

وتصر أنقرة على إعادة كامل العلاقة مع دمشق، وهو ما شدد عليه وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو، بقوله: “يجب عقد اللقاءات واستمرارها وتطويرها من أجل نجاح عملية التطبيع مع سوريا”.

وأضاف أوغلو: “عند الحديث عن التطبيع لا يوجد شيء اسمه لقاء لمرة واحدة فقط. إذا حصل لقاء لمرة واحدة فقط، فلا يمكن إحراز أي تقدم على أي حال”.

ويرى مراقبون، أنه في نهاية المطاف فإن الهيئة بشكل أو بآخر ستكون مجبرة على تنفيذ الشروط والرغبة التركية مهما كانت، مع العلم أن تركيا لا تزال تتبع سياسة “اللعب على الحبال”، لتحقيق أكبر قدر ممكن من مصالحها في سوريا.

إعداد وتحرير: قيس العبدالله