2022 عام الهجمات.. داعش ينشط وتحذيرات من الأسوأ

الرقة – نورث برس 

أعاد هجوم خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مركز لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) في الرقة، ذاكرة محمد خلف وهو من سكان المدينة، إلى سنوات خلت، وظن أنها لن تعود.

ويشبه الرجل الأمر بسيطرة “داعش” على الرقة بشكل كامل، “حينها عمت الفوضى أرجاء المدينة، وطغى صوت الرصاص على المشهد”.

ومنذ أكثر من أسبوع هاجمت خلية لـ“داعش”، مركزاً لـ”الأسايش” وسط المدينة، ومنذ ذلك الحين يعيش سكان مدينة الرقة حالة من الخوف من عود التنظيم المتشدد وتكرار سيناريو 2014.

إلا أن مخاوف “خلف” سرعان ما تبددت بعض الشيء، لكن مشاهد الانتشار الأمني لا زال يوقدها خاصة في ظل التشديد والدوريات الأمنية.

عقب الهجوم، كشفت القيادة العامة لـ”الأسايش” عن فقدان أربعة عناصر من قواتهم لحياتهم ومقاتلين اثنين من قوات سوريا الديمقراطية، خلال الاشتباكات.

ويطالب “خلف” قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي، بمحاربة خلايا التنظيم وعدم إفساح المجال أمامه لإعادة تنظيم صفوفه، متسائلاً: “كيف تجرأ داعش أن يهاجم مركزاً للأسايش؟”.

وفي ظل حالة الاستنفار الأمني، أعلنت لجنة الداخلية التابعة لمجلس الرقة المدنية حالة الطوارئ وحظر التجوال الكلي على خلفية الهجوم الأخير، الذي أثار مخاوف السكان من خطورة الموقف.

لتعاود في الثلاثين من الشهر الماضي، إلغاء الحظر الكلي في الرقة واعتماد الحظر الجزئي، بعد السيطرة على الوضع الأمني.

عمليات جريئة

قال زانا عمر، وهو صحفي مختص بالتنظيمات الإرهابية في شمال شرقي سوريا، إن هجوم خلايا “داعش” على مركز لقوى الأمن الداخلي في الرقة، يعتبر ثاني أكبر وأخطر هجوم للتنظيم، بعد الهجوم على سجن الصناعة في الحسكة خلال العام 2022.

وتلت عملية الهجوم على سجن الصناعة، بدء التنظيم بعملية الثأر للشيخين بعد مقتل زعيمها أبو إبراهيم القرشي، في شباط/ فبراير الفائت، في مدينة إدلب شمالي سوريا، العملية التي استمرت بشكل كبير في أرياف دير الزور والحسكة، وفقاً للصحفي.

وأضاف أن هناك تطوراً لافتاً في ماهية وطبيعة هجمات “داعش” في شمال شرقي سوريا، فزيادة عن الكم هناك “تطور في نوعية الأهداف التي كان التنظيم يختارها إضافة إلى زيادة أعداد المهاجمين”.

وقال إن معظم العمليات الهجومية يقوم بها خمسة عناصر، وهو ما اعتبره الصحفي تطوراً ملحوظاً لنشاط “داعش” في المنطقة. مستشهداً بعملية التنظيم في الهجوم على مخيم الهول في الـ21  أيلول/ سبتمبر الفائت.

وحين ذاك، علّقت القيادة المركزية الأميركية، على محاولة خلايا “داعش” الهجوم على مخيم الهول، شرقي الحسكة، مشيدةً بالاستجابة السريعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

عمليات مكثفة ولكن!

منذ بداية عام 2022، ورغم العمليات التي قامت بها قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي ضد خلايا التنظيم إلا أن الأخيرة استمرت في نشاطها وتبنت 185 عملية في شمال شرقي سوريا منذ بداية العام، بحسب ما أحصت نورث برس.

في المقابل ووفقاً للتقرير السنوي لـ2022 للمركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فإنهم نفذوا 113 عمليّة في الحسكة ودير الزور والرقة ومنبج ضد خلايا التنظيم، ضمنها ثلاث مناورات عسكريّة مع التحالف الدولي.

أسفرت تلك العمليات عن اعتقال 267 من عناصر “داعش”، ومقتل 387 من بينهم 375 من المهاجمين على سجن الصناعة من الخارج في اشتباكات مع قوات سوريا الديمقراطية، و12 آخرين خلال عمليات متفرقة، إضافة إلى اعتقال 3500 معتقل من الذين حاولوا الفرار من سجن الصناعة في الحسكة، وفقاً لـ”قسد”.

في حين اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية في العام الفائت، 802 عنصراً لخلايا “داعش” ومشتبه به، في 115 عملية منفردة ومشتركة مع التحالف الدولي، وفق التقرير السنوي لـ “قسد” لـ 2022.

وفي إطار ملاحقتها لخلايا التنظيم، أعلنت “قسد”، الخميس الفائت، إطلاق عملية ‘‘صاعقة الجزيرة’’ في ريفي الحسكة والقامشلي، شمالي سوريا، لملاحقة خلايا ‘‘داعش’’، بمشاركة قوى الأمن الداخلي (الأسايش) وبالتنسيق مع التحالف الدولي.

وأمس الاثنين، أعلنت “الأسايش” اعتقال 36 عنصراً من خلايا “داعش” في القامشلي.

وسبقه بيوم وتحديداً في اليوم الرابع لعملية “صاعقة الجزيرة”، ألقت “قسد” القبض على 9 عناصر بخلايا تابعة لـ“داعش”، في مناطق الهول وتل حميس وتل براك في الحسكة، شمالي سوريا.

خطوط الإمداد

بحسب “عمر” إن خطوط الإمداد لخلايا التنظيم في شمال شرقي سوريا، هي ثلاثة: “البادية السورية في تدمر وبادية منطقة الرصافة جنوبي الرقة، إضافة إلى المنطقة الممتدة بين تل أبيض وسري كانيه على الحدود السورية التركية، وخاصة بلدة سلوك”.

وقال “عمر” إن أغلبية إصدارات التنظيم التي نشرها منذ بداية العام على معرفات مقربة منه، “من الواضح أنها في البادية السورية، وبحوزتهم أسلحة ثقيلة أي لديهم حرية التنقل والسيطرة في تلك المناطق”.

وأضاف: “التنظيم استطاع خلال العام الجاري الخروج من حالة الثبات إلى مرحلة أكثر قوة بعد ضربة الباغوز، وهو ينتظر هجوماً تركياً للتحرك متبعاً استراتيجية الترقب”.

وتوقع الصحفي المختص بالتنظيمات الإرهابية، أن يكون “داعش” أكثر “قوة في هذا العام”، كونه “يمتلك مؤيدين له في أرياف دير الزور والرقة، ومناطق سيطرة المعارضة السورية الموالية لتركيا”.

رسالة الإنغماسي

الدكتور عصام الفيلي، وهو أستاذ في العلوم السياسية، يقول لنورث برس، إن استخدام “داعش”، للانغماسين، هي من “أهم الاستراتيجيات” التي يتبعها التنظيم، إذ أن العنصر ليس مطالباً بأن يقتل ويُقتَل بالضرورة، فالمطلوب منه مهمة معينة يُنجزها كرفع راية أو التقدم.

ويتبع التنظيم سياسة “إرهاب الخصم” وتمثل أهم مرتكزاته، “ونجح في أماكن عديدة بتنفيذ هذه العمليات، وتكاد تكون نوعية” أو استراتيجية “الذئاب المنفردة” التي يمارسها في العراق وسوريا، فهو يحاول إظهار هويته وإثبات وجوه أكثر من العودة بقوة، وفق “الفيلي”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن العمليات الأمنية في سوريا والعراق وإنشاء غرف عمليات وتبادل معلومات في هذا الإطار “هو من زاد إصرار التنظيم على اللجوء إلى الانغماسين، لإرسال إشارات بأنه موجود، ولو كان وجوده في خلايا منفردة”.

وبحسب “الفيلي” يتمثل الحل الأبرز الذي يجب العمل عليه بـ”تفكيك مخيمات داعش وعودة العوائل إلى دولهم”.

ويضيف، أن عملية التنظيم في الرقة واستهدافه لمركز “الأسايش” هناك، جاءت بعد فشله في تهريب عناصره وقياداته، “لذلك أراد إرسال رسالة عبر الهجوم”.

إعداد وتحرير: زانا العلي