داعش إلى الرقة.. عودةٌ بلا موعد تخطف حياة شبان وطمأنينة السكان
الرقة – نورث برس
هرعت آلاء لمعرفة مصدر صوت الانفجار وما أن وصلت الفتاة إلى شرفة منزلها، حتى أعقب الصوت إطلاق رصاص، لتدخل منزلها وتحتمي.
ماهي إلا دقائق حتى تداول الجيران وأصدقائها أنباءً أن خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، هي من تهاجم مركز قوى الأمن الداخلي “الأسايش”، القريب من منزلها.
آلاء العيدو (24 عاماً) من سكان الرقة، تسكن في مساكن الحوض القريبة من مركز لـ”الأسايش” غربي مدينة الرقة.
سارعت الفتاة لوصد الأبواب والنوافذ خوفاً من تسلل عناصر “داعش”، “ساويت إلي أقدر عليه، خفت يكونون كثار ويطلعون على بيتنا”.
وأمس الاثنين، هاجمت خلية لتنظيم “داعش”، مركزاً لـ”الأسايش” في الرقة. وبحسب علي حجو، الرئيس المشارك لهيئة الداخلية في الإدارة الذاتية، حدث الهجوم في الساعة العاشرة صباحاً، وتمكنت “الأسايش” من قتل أحد المهاجمين من عناصر “داعــش” واعتقال آخر كان يرتدي حزاماً ناسفاً.
وقال “حجو” إن القوات الأمنية لا تزال تمشط المدينة بحثاً عن عناصر من الخلية التي هاجمت مقر “الأسايش” ولاذت بالفرار.
ولكن فرار عناصر من الخلية المهاجمة ونشاط التنظيم، بات يثير مخاوف “العيدو”، وتقول إنها صُدمت بخبر الهجوم، وأمام ذهولها استحضرت ذاكرتها السنوات التي سيطر فيها التنظيم على الرقة، “والتي مارس فيها أفظع الجرائم”.
وفي ظل حالة الاستنفار الأمني، أعلنت لجنة الداخلية التابعة لمجلس الرقة المدنية حالة الطوارئ وحظر التجوال الكلي على خلفية الهجوم الأخير، الذي أثار مخاوف السكان من خطورة الموقف.
ولهذا الأمر لم تستطع رشا الحمدان (25عاماً)، الذهاب إلى قريتها في ريف الرقة الشمالي، واضطرت للمبيت لدى أقاربها في مدينة الرقة.
ولكونها المرة الأولى التي تبيت فيها خارج منزل عائلتها منذ سنوات، قضت الفتاة ليلها تحادث والدتها لطمأنتها أنها بخير.
تقول “الحمدان” إن أهلها عاشوا لسنوات تحت قبضة التنظيم، لذلك باتوا يتخوفون من عودته.
بينما لم يستطع جمعة المحمود (65عاماً) الحضور إلى عمله، بسبب خوفه، إذ أن الرجل يعمل حارساً ليلياً لبناء قيد الإنشاء.
ما يثير مخاوف “المحمود”، أنباء فرار عناصر لـ”داعش” إذ لا تزال القوات الأمنية تبحث عنهم، وأغلقت في سبيل ذلك مداخل ومخارج مدينة الرقة مؤقتاً.
ويقول إن جرأة التنظيم لمهاجمة نقطة عسكرية تقع داخل المدينة هو ما يجعل مخاوفه تتعاظم، إذ أن التنظيم اعتاد في عملياته السابقة المباغتة والفرار واستهداف مناطق قريبة من البوادي لتسهيل عملية فراره.
وعصر أمس الاثنين، تبنى التنظيم الهجوم في بيان نشرته وكالة “أعماق” المقربة منه، وذكر فرار أحد العناصر المهاجمين.
وزعم التنظيم في البيان، أنَّ الهجوم نفذه اثنان من عناصره، وأسفر عن “مقتل وإصابة 16 عنصراً”.
ولكن القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي كشفت عقب الهجوم عن فقدان أربعة عناصر من قواتهم لحياتهم ومقاتليْن اثنين من قوات سوريا الديمقراطية، خلال الاشتباكات.
وتعليقاً على الهجوم، حذر الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أمس الاثنين، من خطورة الوضع، وقال إنَّ “خلايا التنظيم تقوم بتحضيرات خطيرة”.
هذا ما جعل حسين الأحمد (48عاماً) الذي يعمل حارساً لإحدى مؤسسات الإدارة الذاتية، يحمل سلاحه ويلبس جعبته على غير العادة ويراوح أمام مقر حراسته جيئة وذهاباً.
يقول، إنه لا يخاف من مواجهة رجل لرجل، بل يخاف من الغدر، ويفتح هاتفه على حالة واتساب لأحد أصدقائه، كانت لثلاثة شباب من “الأسايش” فقدوا حياتهم إثر الهجوم، ويتساءل: “ما ذنب هؤلاء الشبان، بماذا وعدوا أهلهم حين العودة من النوبة (الدوام)؟”.