دمشق- نورث برس
خلف عربة خاصة ببيع الحمص يقف الستيني أبو علاء, ومع حلول الظهيرة لم يتمكن من بيع الكميات المأمولة.
يصف الرجل وهو من سكان منطقة المزة 86 بدمشق، حركة البيع بأنها “مشلولة”، فزبائنه خلال اليوم يستطيع عدهم على أصابعه.
وفي الشتاء تقل حركة السكان وخلال فترة الصباح قلة قليلة الذين يشترون الحمص, “لكن مهما كانت غلة اليوم فهي تعينني ولو بسد احتياج واحد للعائلة”، يقول أبو علاء بينما يراقب المارة لعله يوفق بزبون.
ومع استمرار انهيار قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، يعاني أصحاب البسطات الصغيرة التي تعتمد عليها شريحة من ذوي الدخل المحدود، من تراجع حركة البيع والشراء، فمردودهم اليومي بات لا يسد جزءً بسيطاً من احتياجات عائلاتهم.
وتعيش الليرة السورية أسوأ مراحلها، لتسجل تراجعاً يومياً في قيمتها، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الواحد في دمشق 6300 ليرة سورية، في ظل موجة غلاء غير مسبوقة.
ولذا فإن مرود عمل ابن أبي علاء وابنته مع راتبه التقاعدي وما يجنيه من بيع الحمص، بالكاد يكفيه وعائلته، “لأن المصروف يزداد كل يوم والدخل الذي نجنيه كلنا ثابت”.
وفي محاولة لنفسه، يضيف الموظف الحكومي المتقاعد، “أعلم أن عربة بيع الحمص لن تجعلني غنياً لكنها تسترني وعائلتي من الحاجة”.
في سوق الحمراء بدمشق، يجلس الشاب العشريني أحمد عمر، اسم مستعار، على الرصيف ويضع أمامه طاولة رتب عليها عدداً من الأمشاط وبكلات الشعر.
ويشكو هو الآخر من تراجع حركة البيع لديه، “فالطلب على شراء الأمشاط قليل جداً، خلال اليوم لا يأتي سوى زبون أو اثنين لكن المتفرجين أكثر من المشترين، أحياناً أقضي طوال اليوم دون أن أبيع شيئاً”.
ويعمل الشاب وهو من سكان مساكن برزة بدمشق إلى جانب عمله على البسطة، في أحد المولات بدمشق في سبيل مساعدة عائلته في تأمين احتياجاتهم.
وفي سوريا تراوحت نسبة معدل الفقر بين العامين 2020 – 2021 بين 90 – 95بالمئة، بحسب المدير السابق لمكتب الإحصاء المركزي والأستاذ في كلية الاقتصاد السورية، شفيق عربش.
“عربش” وفي تصريح لإذاعة محلية في أيار/ مايو الماضي، أشار أنه بحسب الإحصائية، هناك 8.3% من الأسر تعاني من انعدام شديد بالأمن الغذائي، 47.2% يعانون من انعدام متوسط، 39.4% يتمتعون بأمن غذائي مقبول، ولكنهم معرضون لانعدامه مع أي صدمة تتعلق بارتفاع الأسعار.
وأمام هذا الحال، لا يخفي العشريني محمد الرفاعي من سكان حي المزة بدمشق، قلقه اليومي الذي يبدو جلياً على وجهه, نتيجة تراجع عمله.
الشاب الذي يعمل في بسطة بيع القهوة, هاجسه اليومي أن يأتيه زبائن أكثر حتى يستطيع تحصيل أكبر قدر من المال كي يقتات مع عائلته.
يشير “الرفاعي” أنه ترك دراسته، وكان يدرس قسم الكيمياء في جامعة دمشق، بسبب الظروف الاقتصادية ويعمل مع شاب آخر على بسطة القهوة ويتناوبان فيما بينهما بتقسيم الوقت والمردود.
ويضيف أن ما يجنيه من بيع القهوة لا يكاد يكفي “فالغلة تُقسم على شخصين، بالإضافة لمتطلبات البسطة وشراء ما تحتاجه بشكل يومي، ولكن رغم كل شيء الحمدلله مستورة”.