القامشلي- نورث برس
جرت العديد من اللقاءات بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا منذ تأسيسها في 21 كانون الثاني/ يناير عام 2014، بعضها كانت علنية، وأخرى لم يتم الإعلان عنها، ولكن لم تفضِ جميعها إلى أي اتفاق يرضي الطرفين، بحسب تقارير صحفية.
وتشهده الساحة العسكرية والسياسية في سوريا تطورات متسارعة لما تتخللها من تجاذبات الدول المتداخلة، بدءاً من التصعيد التركي وتهديداته المستمرة على مناطق شمال شرقي البلاد، وليس انتهاءً بالعملية السياسية الشبه متوقفة منذ أشهر.
ونهاية تموز/ يوليو الماضي، كشف عمر أوسي، وهو برلماني سابق في مجلس الشعب السوري، ورئيس “المبادرة الوطنية للكرد السوريين”، عن عقد عدة لقاءات بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية.
وقال في تصريح لصحيفة “الوطن” شبه الرسميّة، إنَّ “المناخ بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية حالياً أفضل بكثير بعد عقد عدة اجتماعات بين الجانبين”.
وذكر البرلماني السابق أن “الاجتماعات التي عقدت بين الحكومة وقسد، أفضت إلى تفاهمات عسكرية” وطالب حينها جميع الأطراف بتوسيع هذه التفاهمات لتشمل تفاهمات سياسية حول بعض النقاط الخلافية التي مازالت عالقة حتى الآن بين الجانبين.
وتسعى الحكومة السورية إلى إعادة الواقع إلى ما قبل الأزمة وفرض حوار يتناسب مع مقاييسها ومعاييرها دون اتخاذ خطوات عملية تلامس الواقع القائم اليوم وأكثر ما يهمها النفط والقمح في منطقة الجزيرة، بحسب تقارير صحفية وتصريحات مسؤولين في الإدارة الذاتية.
“الحوارات لم تنجح “
ويرى الكاتب والمحلل السياسي السوري غسان يوسف، أن تلك الحوارات التي لم تنجح “بسبب تمسك كل طرف بموقفه”.
ويعتقد “يوسف”، أن “الدولة السورية لا تريد أن يكون هناك كيان منفصل تحت اسم الإدارة الذاتية أو كانتون انفصالي، هي تريد أن تبقى محافظة الحسكة وأن تتبع للدولة حسب المرسوم 107 وهو قانون الإدارة المحلية ولكن بصلاحيات واسعة”.
وأصدرت الحكومة السورية قانون الإدارة المحلية الذي أقرّ بالمرسوم التشريعي رقم 107 لعام 2011 والذي ألغى القانون رقم 15 لعام 1971 ونص على توسيع سلطات وصلاحيات مجالس الوحدات الإدارية لتمكينها من تأدية اختصاصاتها ومهامها في تطوير الوحدة الإدارية.
ويتضمن قانون الإدارة المحلية “تطبيق لا مركزية السلطات والمسؤوليات وتوسيع لسلطات وصلاحيات مجلس الوحدات الإدارية لتمكينها من تأدية اختصاصاتها ومهامها في تطوير الوحدة الإدارية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً”.
ويعتقد المحلل السياسي بأن هذا “سيحافظ على وحدة الدولة السورية وأن يكون هناك سلطة مركزية واحدة”.
ومن وجهة نظر “يوسف”، فإن سبب رفض الدولة السورية تكريس نموذج إدارة ذاتية، هو تخوفها من نزعة انفصالية في الجنوب وفي الشمال الغربي.
وأعرب يوسف عن اعتقاده بأنه من “مصلحة الإدارة الذاتية أو قوات سوريا الديمقراطية أو مجلس سوريا الديمقراطية، أن يجدو صيغة للتفاهم مع الدولة السورية”.
ومن شروط هذا التفاهم أن يكون “شاملاً لكل شيء، على أن تكون الدولة موجود بمؤسساتها المدنية وبجيشها، وأن يكون هناك اتفاق بين الطرفين على تقاسم الثروات”.
ولطالما يؤكد المسؤولين في الإدارة الذاتية في تصريحاتهم على أن ملف النفط والثروات الموجودة شمال شرقي سوريا سيكون جزءاً من عملية الحوار مع حكومة دمشق، مشددين على أن الثروات الموجودة في المنطقة هي “ثروات وطنية لجميع السوريين”.
وحذر المحلل السياسي من التدخلات الخارجية، “فهي السبب في كل مشاكل سوريا، وبالتالي تحل المشاكل ضمن الدولة الواحدة مع احترام الميزات التي يطالب بها النسيج الكردي سواء الثقافية واللغة وغير ذلك”.
“توافقية مشروطة وبعيدة “
فيما يعتقد سليمان إلياس مدير مركز الفرات للدراسات، أن “هناك أموراً كثيرة غير ممكنة”، في موضوع الحلول التي من شأنها تحقيق توافق متوازن بين مطالب الإدارة الذاتية والحكومة السورية.
وأرجأ “إلياس” ما جاء على ذكره إلى أن “الوضع السوري متعلق بالوضع الدولي والإقليمي”، وقال في تصريح خاص لنورث برس، إن “الحلول أو التوافقية بين الإدارة والحكومة السورية بعيدة جداً”.
وأضاف أن أحد المشتركات الموجودة الإدارة الذاتية والحكومة السورية التأكيد على “وحدة الأرضي السورية”.
ومطالب الإدارة “تتضمن الاعتراف الرسمي بها ولامركزية الدولة وتحقيق الحقوق القانونية بحسب القوانين الدولية للشعب الكردي، كشعب يعيش على أرضه التاريخية، وهذه “الأمور ليست معقدة إذا كان هناك نظام ديمقراطي” بحسب الباحث السوري.
ورأى أن الإدارة الذاتية ليست ضد “وجود جيش موحد لسوريا في المستقبل”.
وقال سليمان إلياس مدير مركز الفرات للدراسات، لنورث برس إن “أي اتفاقيات بين الإدارة الذاتية والحكومة في دمشق لن ترى النور ولن يكون هناك حل في سوريا، دون موافقة القوتين الدوليتين أميركا أولاً ثم روسيا”.