آمال سوريين غائبة لعام 2023 مع اختفاء مقومات الحياة
دمشق- نورث برس
للوهلة الأولى تبسمت عبير عندما سئلت عن أمنياتها للعام المقبل، فردت بسؤال آخر، “ماذا نتمنى!؟، كل ما نريده أن لا تكون السنة الجديدة أسوأ من السنوات التي عشناها”.
تضيف الشابة العشرينية عبير لطفي، من سكان منطقة دويلعة بدمشق، “لا أماني ولا أمنيات ولا تطلعات للعام الجديد”.
وفي بلد غارق بأزمات اقتصادية ومعيشية ويعاني من زيادة في معدل الفقر وانعدام شديد في الأمن الغذائي، تتشابه أجوبة سكان في دمشق عند سؤالهم عن توقعاتهم وأمنياتهم للعام الجديد، إذ إن كل ما تتطلعوا لهُ وتمنوهُ منذ سنوات لم يكن من نصيبهم يوماً، بل في بعض الحالات كان أسوأ بكثير ممن توقعوه.
ويلخص محمد ملحم من سكان منطقة جرمانا بدمشق أمنياته للعام الجديد، “آمالي مقطوعة مع الكهرباء التي لا أراها ولا أرى نوراً ولا ضوء”.
ويضيف الشاب الثلاثيني الذي يعمل في محل لبيع الفطائر بلهجته المحلية، “من كتر الأزمات صرنا متمسحين”، في إشارة منه إلى التأقلم مع الظروف السيئة.
![](https://npasyria.com/wp-content/uploads/2022/12/1-20-1024x576-1.jpg)
وتشهد المناطق الحكومية أزمات خانقة تتمثل في نقص المحروقات والخبز وتقنين حاد في الكهرباء وأزمة مواصلات، في ظل موجة غلاء غير مسبوقة على خلفية انهيار قيمة الليرة السورية.
تلك الأزمات تفاقمت تدريجياً منذ بداية العام الجاري، ووصلت للذروة خلال الشهر الأخير منه، حيث فُقدت المحروقات، الأمر الذي دفع بالحكومة، الثلاثاء الماضي، لتعطيل الجهات العامة لمدة سبعة أيام تبدأ من الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الجاري ولغاية الأول من كانون الثاني/ يناير العام المقبل.
أما واقع الكهرباء “فحدث ولا حرج”، فالتقنين الطويل الذي يصل لأكثر من 20 ساعة يومياً، يغرق منازل العاصمة والمناطق الأخرى في ظلام دامس ليلاً.
ومع بداية العام كان سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية 3600 ليرة، ليتجاوز خلال الأيام القليلة الماضية حاجز 6000 ليرة، بنسبة تجاوزت الـ60 بالمئة مقارنة مع العام الماضي و700 بالمئة مقارنة مع عام 2011.
هذا الحال لا يولد لدى الأربعيني عمر النجار من سكان منطقة دويلعة تفاؤلاً بالعام المقبل 2023.
ويقول متهكماً: “كان عاماً مليئاً بإصدارات وزارة التجارة الداخلية قرارات تقضي برفع سعر كذا وكذا, ولم تصدر قراراً بتخفيض سعر منتج معين”.
ويذهب إلى أبعد من ذلك حين يضيف، “كانت وعود الحكومة بتوفير الكهرباء وتحسين الأوضاع الاقتصادية مجرد شعارات. ما عشناه من ظروف في هذا العام أصعب من أيام الحرب”.
وصنفت لجنة الإنقاذ الدولية، سوريا ضمن المراكز العشرة الأولى لأكثر البلدان إثارة للقلق في العام القادم 2023.
وأشارت إلى أن الدول الموجودة على القائمة، (أوكرانيا وأفغانستان والكونغو واليمن وجنوب السودان وبوركينا فاسو وهاييتي والصومال وإثيوبيا، من بينها سوريا)، “أكثر عرضة لخطر الأزمات الجديدة والمتفاقمة”.
وتتحسر السيدة الأربعينية رنيم وهي زوجة عمر النجار، على حال السوريين الذين اعتادوا استقبال السنة الجديدة بتفاؤل قبل الحرب، “لكن معظمهم اليوم متشائم والبعض الآخر لا يبدي أي مشاعر تجاه العام الجديد”.
وبالنسبة لها لا تريد سوى أن تتوفر متطلبات الحياة اليومية كما البلاد الأخرى، “لا نريد رفاهية مطلقة وإنما حياة يومية بسيطة اعتيادية دون أن نتعب كثيراً ونفكر بالغد قبل انتهاء اليوم”.
فيما يرى الشاب العشريني إبراهيم سكاف، من سكان منطقة المزة بدمشق، أن لا مجال للأحلام الكبيرة والأمنيات في بلده، فأمنيته هو الآخر لا تتعدى توفير لقمة العيش والكهرباء والمواصلات، “هذه باتت أمنياتنا مع أنها حقوق طبيعية”.