أطفال سوريون يصارعون قسوة اللجوء ومرض الثلاسيميا في مخيم بأربيل

أربيل- نورث برس

تحاول الشابة ليديا، التخفيف عن نفسها بالدراسة والرسم، يحذو شقيقها محمد حذوها، لكن الآلام الناتجة عن نقص الدم والحاجة لتغييره أسبوعياً، أرهقت عائلتهما، في ظل ظروف اللجوء القاسية وصعوبة التأقلم مع هذا المرض، الذي يعيش معهما منذ خمسة عشر عاماً.

وتعاني ليديا ومحمد، وهما لاجئان سوريان يعيشان في مخيم قوشتبة في مدينة أربيل، من مرض الثلاسيميا الذي لازم جسديهما منذ الولادة، وأجبرهما على زيارة المستشفى مرتين في الأسبوع للخضوع لعمليات نقل الدم المنتظمة.

وتقول والدتهما ريما شيخموس، إن حالتهما الصحية أثّرت بشكل سلبي على وضعهما النفسي وعلى دراستهما، “الأمر لا يتعلق بيوم أو يومين، نزور المستشفى منذ أعوام”.

ومرض الثلاسيميا يصنّف كمرض من أمراض الدم، بحيث يصبح الجسم غير قادر على إنتاج الهيموجلوبين بشكل طبيعي، ولا يستطيع القيام بوظيفته بالشكل الطبيعي كنقل الأوكسجين والمواد الغذائية إلى الخلايا، والتخلص من الفضلات وثاني أكسيد الكربون، مما يؤثر سلباً على وظائف الأعضاء الأخرى.

ويكون علاج الثلاسيميا إما بنقل الدم للجسم كل أسبوعين إلى أربعة أسابيع ويستغرق الأمر عدة ساعات، وهو العلاج الأول والأساسي لمرضى الثلاسيميا، وعند الحالات القصوى والخطيرة، يلجأ الطبيب إلى عملية زراعة خلايا الدم الجذعية.

وعن دور المنظمات الدولية، تقول “شيخموس”: “نحاول الوصول إلى أي منظمة إنسانية، أو أي جهة يمكنها مساعدتنا، نحمل أوراقنا والتحاليل الطبية، علّنا نلقى دعماً أو مساعدة، لكن لم نحصل على أي شيء”.

عائلة اللاجئة “شيخموس” ليست الوحيدة التي تصارع هذا المرض داخل المخيم، أيضاً الطفل خلات، الذي لم يتجاوز عمره الأربع سنوات، يزور المستشفى مرتين في الأسبوع أيضاً، ويخضع لعملية نقل الدم.

تقول والدته، روجين خليل، إن حالته الصحية والنفسية “ليست على مايرام، دائماً يسألني لماذا أحضره إلى المستشفى، بعد عملية نقل الدم يصبح مرهقاً، ينزوي لوحده في الغرفة”.

وتحاول “خليل” التخفيف عن طفلها، فتدعو أطفالاً للعب معه، “لكن هذا المرض ليس له علاج، لا يمكننا التخلّص منه إلا عن طريق عملية زرع خلايا الدم الجذعية، إنها مكلفة وتحتاج إلى متبرع”.

وتأمل عائلات الأطفال المصابين بهذا المرض أن تقدم لهم المنظمات الدولية يد العون للتخفيف من حدة أعراض الداء وتجاوز التأثير السلبي النفسي الذي يسببه للمصابين. 

ورغم وجود مستوصف داخل مخيم قوشتبه، إلا أن خدماته لا تشمل مرضى الثلاسيميا.

ويقول صباح سليمان معاون طبي في المستوصف، إنهم يقدمون كل ما يمكنهم لمساعدة اللاجئين، “إلا أن الأمراض المزمنة كمرض الثلاسيميا لا يمكن علاجها داخل المستوصف، لأنها تتطلب تحاليل وعمليات نقل دم، لدينا بعض الأدوية، نقدمها مجاناً للمرضى في حال توافرها”.

وتذهب جميع حالات الثلاسيميا الموجودة داخل المخيم إلى مستشفى في أربيل لإجراء عمليات نقل الدم، لذلك خصص المستوصف سيارة تقلّهم إلى المستشفى، تنتظرهم حتى الساعة الثالثة ظهراً، ثم تعيدهم إلى المخيم، وفقاً لما يذكره “سليمان”.

 إعداد: سهى كامل- تحرير: سوزدار محمد