محصول الزيتون في خطوط التماس بإدلب محرّم على أصحابه
إدلب – نورث برس
في بلدة سفوهن بمنطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، لا يخاطر عمر بالذهاب إلى أرضه القريبة من بلدة حزارين المجاورة والتي تسيطر عليها القوات الحكومية، إذ أن التصعيد والقصف المستمر الذي تتعرض له المنطقة تمنعه من ذلك.
عمر فطراوي (36 عاماً) يخشى أن يتكرر ما حصل مع عائلته قبل عامين حين حاول مع إخوته الوصول إلى أرضهم التي تبعد عن حزارين وقرية الدار الكبيرة الخاضعتين لسيطرة القوات الحكومية أقل من 500 متر بهدف جني محصول التين.
حينها لم يتمكنوا من الوصول إلى الأرض، حيث استهدفتهم، وفقاً لما يذكره لنورث برس، القوات الروسية المتمركزة في قاعدتها قرب قرية الدار الكبيرة بصاروخ أثناء تسللهم سيراً على الأقدام بالقرب من أرضهم، ما أدى لمقتل شقيقه وإصابة شقيقه الآخر وابنه ونجا هو ليتمكن من إسعافهم.
يقول الرجل الذي يمتلك نحو 250 شجرة زيتون، “ربما يقول البعض إنهم قتلوا أنفسهم من أجل حبتين تين أو زيتون، لكن لا يعلمون أن هاتين الحبتين هما قوت ثلاث عائلات لا تملك أي مصدر دخل غير ما تنتجه أرضهم”.
وفي كانون الثاني/ يناير من العام 2020، سيطرت القوات الحكومية وبدعم روسي على مدن كفرنبل ومعرة النعمان وحاس وكفروما والقرى التابعة لها في ريف إدلب الجنوبي والتي يزيد عددها عن 30 قرية وبلدة وذلك خلال حملتها العسكرية التي بدأتها في نيسان/ أبريل من العام 2019 في ريفي حماة الشمالي والغربي.
وانتهت الحملة بسيطرة الحكومة على مساحات واسعة في أرياف حماة وحلب وإدلب شمال غربي سوريا.
ومنذ ذلك الحين، لم يعد بإمكان مزارعي المناطق المقابلة للمدن الآنفة الذكر، جني محصول الزيتون خوفاً من القصف ومخلفات الحرب.
من تاجر إلى عامل
الحال ذاته لدى فهد عبيدان (38عاماً) من سكان بلدة كنصفرة بجبل الزاوية، لا يتمكن منذ ثلاث سنوات من قطف أشجار الزيتون خاصته لبعد أرضه نحو 250 متر عن نقاط تمركز القوات الحكومية في كفرنبل.
وفي هذا الوقت من كل عام، يعود “عبيدان” الذي يسكن في مخيمات كلبيت الحدودية شمالي إدلب، إلى منزله في كنصفرة للعمل في قطاف الزيتون مع أقاربه بأجر يومي لا يتجاوز الـ75 ليرة تركية لقاء خمس ساعات عمل.
يقول إنه يخشى الذهاب إلى أرضه التي تزيد مساحتها عن 20 هكتاراً، إذ “تتعمد قوات النظام السوري استهداف كل من يقترب من تلك المنطقة”.
يتحسر “عبيدان” على ما آل إليه حاله، فأرضه حسبما يذكر، كانت تنتج سنوياً أكثر من خمسة أطنان من الزيتون وكان يعمل بها عشرات العمال تحت إشرافه، أما اليوم “فأنا عامل وأشتري الزيتون وزيت الزيتون من الناس الذين كنت أبيعهم في السابق”.
“أسرق زيتون أرضي”
يبدو أن عيسى الفضل (42عاماً) من سكان بلدة البارة بجبل الزاوية أكثر حظاً من سابقيه، إذ يتسلل إلى أرضه سيراً على الأقدام لمسافة أكثر من 500 متر في فجر كل يوم ويقطف الزيتون من أشجار أرضه الواقعة في المنطقة الفاصلة بين مناطق سيطرة الحكومة في كفرنبل ومناطق المعارضة في البارة.
لكن الكمية التي يقطفها في كل يوم لا تتجاوز العشرين كيلوغرام بسبب المسافة البعيدة التي يضطر للسير بها على قدميه، خشية رصده من قبل حواجز “النظام”.
يقول الرجل مبتسماً، “المضحك المبكي في قصتي أنني أشعر وكأنني أسرق الزيتون من أرضي عندما أذهب متسللاً وأعود متسللاً خشية أن يراني أحد”.
وبحسب مزارعين تقع أرضيهم بالقرب من حواجز القوات الحكومية في كفرنبل ومعرة النعمان، فإنهم تواصلوا مع قوات “النظام السوري” للسماح لهم بجني محصول الزيتون، لكن طلبهم قوبل بالرفض.
ويدرك “الفضل” مخاطر ذلك وخاصة أن أرضه لا تبعد سوى 300 متر عن حواجز “النظام” في كفرنبل، إضافة لوجود ألغام زرعها الطرفان، “لكن إن لم أقم بذلك فلن أتمكن من تأمين مؤونة عائلتي”.
ومنذ شهر وإلى الآن، تمكن الرجل الأربعيني وهو رب أسرة مكونة من ثمانية أفراد، من جني نحو 500 كيلوغرام من الزيتون، وفقاً لقوله.