أزمة المحروقات والكهرباء تغلق ورشاً صناعية في حلب وعمال يخسرون قوت يومهم
حلب- نورث برس
لم يعد أمام فراس خيارٌ سوى إغلاق ورشته الخاصة بقص الرخام في حي الكلاسة الصناعي بحلب، بعدما ازدادت خسائره إثر تقنين الكهرباء الحكومية وارتفاع سعر المازوت في السوق السوداء.
فراس سرميني (47 عاماً) يقول إنه مع تفاقم أزمة المحروقات مؤخراً في البلاد والانقطاع المتكرر للكهرباء الحكومية، كان يضطر لشراء نحو 100 ليتر من المازوت يومياً لتشغيل الآلات.
ولكن مع وصول سعر الليتر الواحد إلى 16 ألف ليرة في السوق السوداء، بات صاحب الورشة عاجزاً عن الشراء.
وتعاني مناطق سيطرة الحكومة السورية من فقدان شبه تام للمحروقات بكافة أنواعها، وسط ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، وفاقم الأمر تقنين حاد في الكهرباء.
ويشير “سرميني” إلى أن الكهرباء الحكومية قبل أشهر كانت تكفي لتشغيل حوالي 4أو 5ساعات من مدة العمل، وكان يعتمد على مولدة كهربائية لتشغيل الآلات لساعات تتراوح ما بين 4 إلى 5 ساعة بمعدل استهلاك 50ليتر مازوت كحد أقصى يومياً.
لكن مع غياب الكهرباء بشكل شبه كامل، اضطروا لتشغيل مولدة الديزل لمدة 8ساعات وأصبح الاستهلاك اليومي 100 ليتر مازوت، أي أنه يدفع يومياً 700 ألف ليرة لشراء المازوت، عدا عن مصاريف صيانة الآلات والضرائب وهدر الرخام، وهو ما بات يسبب له خسائر.
ومع إغلاق الورشة، خسر أكثر من 10 عمال عملهم، “فعملنا بات خسارة، تكاليف الإنتاج مرتفعة والمبيع قليل”، بحسب “سرميني”.
ويقول عبد اللطيف حميدة، عضو غرفة صناعة حلب إنهم يتلقون يومياً عشرات الطلبات من أصحاب الورش والمهن على اختلافها سواء ألبسة أو تصنيع حجر أو خراطة حديد وغيرها بضرورة توفير الكهرباء أو حصص من المازوت لتشغيل المولدات.
ورغم مطالبة غرفة الصناعة، محافظة حلب بضرورة إعطاء الأولوية للصناعة بحصص المحروقات، لكن “الرد دائماً يتلخص بشح التوريدات الحالية وانتظار زيادة حصص المحافظة”، بحسب “حميدة”.
ولا تتوفر لدى الغرفة إحصائيات عن عدد الورش الصناعية التي أغلقت أبوابها أو عدد العاملين الذين خسروا عملهم جراء الإغلاق، فبعض الورش توقفت عن العمل بشكل مؤقت لحين توفر المحروقات وبعضها بشكل دائم.
وأمس الاثنين، قننت الحكومة السورية الكهرباء في المدن والمناطق الصناعية المعفاة من التقنين من الخميس إلى الأحد.
وقالت الوزارة في قرار حصلت نورث برس على نسخة منه، إن الوزارة ستبدأ بتقنين الكهرباء على المدن والمناطق الصناعية في عموم البلاد بدءاً من الساعة الثالثة عصراً من يوم الخميس وإلى الساعة الثامنة صباحاً من يوم الأحد من كل أسبوع.
هذا الحال، دفع بحسن حمادة (36 عاماً) صاحب ورشة لتصنيع ألبسة الأطفال في حي الجابرية بحلب، لعرض معدات ورشته للبيع وأنهى إجراءات تسليم العقار المستأجر استعداد للسفر إلى مصر.
ويقول الرجل الثلاثيني، “العمل الصناعي خاصة لأصحاب الورش بات عبارة عن معاناة غير مأجورة”.
ومع تفاقم أزمة المحروقات التي ألقت بظلالها على قطاع المواصلات العام، لم يعد بإمكان عاملين الوصول للورش، ففي ورشة “حمادة” أكثر من 7عمال مقيمين في أحياء مختلفة من حلب بعيدة عن حي الجابرية ولا يستطيعون تأمين وسيلة نقل للالتحاق بالعمل بشكل يومي.
وبات السكان في جميع المناطق الحكومية، يجدون صعوبة بالغة للوصول إلى مراكز أعمالهم، بينهم الموظفون الحكوميون، حيث شهدت شوارع المدينة، أمس الاثنين، في فترة الذروة الصباحية حركة خفيفة للسيارات الخاصة وسيارات النقل العامة.
ومع تخفيض محافظة حلب، أمس، مخصصات السرافيس وسيارات النقل العام داخل المدينة وخارجها من المازوت بسنبة 30%.، يبدو أن الوضع يتجه إلى الأسوأ.
وتعليقاً على قرار تخفيض المخصصات، قال مصدر في محافظة حلب، فضل عدم الكشف عن اسمه، لنورث برس، إن “هناك أكثر من 4.000 ميكرو باص وسرفيس يعملون على خطوط النقل داخل المدينة وبالأرياف”.
وأضاف: “سيارات النقل هذه تحصل بشكل يومي على كمية 10 ليترات من مادة المازوت، ولكن نظراً لشح التوريدات التي تصل لحلب اضطررنا لتخفيض الكمية بنسبة 30٪ بالمئة”.
ويتساءل “حمادة” باستياء، “هل يعقل أن يضع العامل أجور مواصلات تفوق أجره في العمل؟. بعضهم فضل الجلوس بالمنزل لحين إيجاد حل للمواصلات”.