دمشق.. خسائر ارتفاع أسعار الأعلاف بالجملة ومشتقات الحليب خارج الإمكانات

دمشق ـ نورث برس

المعاناة تطال كلاً من المنتجين والحرفيين من جهة، والمواطنين المستهلكين من جهة ثانية، حيث يتحسر ويتوق المستهلكون للحصول على جزء مما اعتادوا على استهلاكه من الألبان والأجبان.

سعر كيلو الحليب يقترب من 4 آلاف ليرة في سوريا، وهذا مبلغ جعل هذا المنتج وكل مشتقاته خارج موائد غالبية السوريين، فسعر كيلو اللبنة يفوق 10 آلاف ليرة، و900 غرام من اللبن تفوق 3 آلاف ليرة.

حرمان حقيقي

تحدث الكثير من السوريين لنورث برس، عن الحرمان الذي يشعرون به بعد عجزهم عن شراء الحليب ومشتقاته.

تقول سيدة خمسينية التقتها نورث برس، في سوق ساروجة بدمشق، إن توافر الألبان سابقا كان يحل الكثير من المشاكل التي نعانيها الآن، إذ أن الغداء كان ينقضي بطبخة رز إلى جانبها اللبن.

وتضيف: “أما الآن فحتى هذا الأمر لم يعد متاحاً لأن سعر عبوة اللبن فيها أقل من كيلوين يفوق 7 آلاف ليرة”، ولن تكفي عبوة واحدة لأسرتها المؤلفة من 5 أشخاص.

قلة الاستهلاك تسببت بتوقف عدد كبير من الحرفيين العاملين في مجال الألبان والأجبان عن العمل، وذكر عضو جمعية حرفية في اللاذقية لنورث برس، أن عدد الحرفيين الذين توقفوا عن العمل خلال هذا العام يفوق الخمسين شخصاً من أصل 300 شخص مسجل في الجمعية.

وتوقع الحرفي أن يزداد هذا العدد مع تراجع القدرة الشرائية، وتراجع الزبائن الذين يشترون هذه المنتجات، خاصة في المحافظات التي تتراجع فيها القدرة الشرائية كاللاذقية.

وذكر الحرفي، أن التكاليف مرتفعة، فسعر العبوة البلاستيكية الفارغة 200 ليرة، وقال إن تسعيرة التموين غير منصفة، ويجب أن لا يقل سعر علبة اللبن عن 3500 ليرة، ولكن تسعيرة التموين لا تتجاوز 3 آلاف ليرة ومن يبع بأعلى من هذا السعر يعرض نفسه لخطر العقوبات على القانون رقم 8 لحماية المستهلك.

انتشار الغش

انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع التكاليف ساهم في انتشار ظاهرة الغش في الحليب ومشتقاته، أقلها خطورة هو الغش السائد تاريخياً المتعلق بنقص الوزن وإضافة الماء وسحب الدسم.

وقال عضو في جمعية حماية المستهلك لنورث برس، إن الأجبان والألبان من أكثر المواد التي تتعرض “للغش”، كإضافة حليب البودرة مجهول المصدر.

وسبق لوزارة التجارة الداخلية في الحكومة السورية، أن سمحت ببيع “أشباه اللبنة”، قبل أن تتراجع عن هذا القرار لكن هذه المواد تعج بالأسواق ويُقبل الناس على شرائها بسبب انخفاض القدرة الشرائية الكبير.

لا بديل

خبير في الاقتصاد الزراعي، قال لنورث برس، إن الحصول على هذه المواد كما في السابق “سيبقى أمراً متعذراً طالما ظلت مشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف قائمة، فارتفاع أسعار الأعلاف ووجود المحتكرين المستوردين الذين يتحكمون بسعر المادة، يجعل تكاليف الإنتاج في ارتفاع دائم”.

وبيّن المصدر أن العودة لتربية الأنواع القديمة من الأبقار التي تتناسب مع البيئة بتكاليف وأمراض أقل مثل (العكاشي  والجولاني والشامي) لن تؤمن حاجة السوق من هذه المواد، ولكنها تؤمن حاجة الأسرة للاستهلاك، إذ أن هذه الأنواع  تكاليف تغذيتها منخفضة وإنتاجها قليل أيضاً.

وأشار إلى أن البدائل المتاحة أمام السوريين محدودة للغاية ريثما يتم توفير الأعلاف بشكل يسهل على المربين الإقبال على تربية الأبقار والأغنام، أما كل ما يمكنهم فعله حالياً هو “الاعتماد على مخلفات المنازل من بقايا الخضار والفواكه والطعام أو الخبز اليابس إن وجد، لتأمين طعام لما يستطيعون تربيته من أغنام أو أبقار في الريف”.

وقال مصدر في وزارة الزراعة لنورث برس، إن “الوزارة تبذل جهدها لتأمين حاجة الثروة الحيوانية من الأعلاف”.

وأشار إلى أن المشكلة في “نقص العملة الصعبة” التي تحول دون استيراد كل الكميات المطلوبة من الأعلاف وأن مشروع زراعة الذرة الصفراء الذي حظي بالكثير من الاهتمام هذا العام “اصطدم بغياب المجففات” التي تعرضت للتخريب في الحرب، والقطاع الخاص لم يدخل في هذا النوع من الاستثمارات رغم التشجيع الكبير على ذلك.

ولكن تسلمت مؤسسة الأعلاف نحو 500 ألف طن ذرة صفراء من المزارعين، ووفرت على الخزينة ملايين الدولارات مقابل استيرادها، بحسب المصدر.

وركز المصدر على ضرورة أن يحظى هذا المجال بـ”الاهتمام الحكومي” لحل مشاكل هذا القطاع لأن إنقاذه يعني “حل الكثير من المشاكل التي يعانيها الناس”.

وتشير إحصاءات وزارة الزراعة غير الدقيقة حالياً، إلى أن عدد الأبقار والأغنام المسجلة يصل إلى نحو 870 ألف رأس بقر، بينما كان هذا العدد قبل الحرب يصل إلى مليون و100 ألف رأس، بينما يصل عدد الأغنام إلى نحو 16 مليون رأس.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله