الحملات ضد “داعش” قبل التصعيد التركي وبعده

غرفة الأخبار ـ نورث برس

ما إن شددت تركيا من قصفها على شمالي وشمال شرقي سوريا، حتى حثّت خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، خطاها مستغلة القصف وانشغال قوات سوريا الديمقراطية بالخطر التركي الذي تبعته تهديدات بعملية عسكرية برية على المنطقة.

وفي العشرين من الشهر الماضي، صعدت تركيا وتيرة قصفها على مناطق في الشمال السوري واستهدفت بنى تحتية حيوية ومواقع في محيط مخيم الهول الذي يضم آلاف من زوجات وأطفال عناصر “داعش”.

وأثار ذلك مخاوف لدى سكان المنطقة من أن تنفذ خلايا التنظيم عملية لتهريب عائلات “داعش” من المخيمات وعناصره من السجون.

ورغم أنه منذ شهرين، وبالتحديد في الذكرى السنوية لطرد “داعش” من الرقة، شددت قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، على مواصلة محاربة التنظيم مع شركائهم المحليين في سوريا، إلا أن الوضع لم يدم طويلاً لتبدأ تركيا بقصفها وتهديدها بعملية عسكرية في المنطقة، دفعت “قسد” لتعليق عملياتها ضد التنظيم.

تداعيات تعليق العمليات

وفي الثالث والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، تعليق عملياتها ضد خلايا “داعش”.

ونقل فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، عن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، أنّ قواتهم لن تستطيع مواصلة مهامها في الوقت الحالي ضد خلايا التنظيم.

وعلل “شامي”، بأن قواتهم منشغله بالتعامل مع الاعتداءات التركية في الوقت الحالي.

ومنتصف تموز/ يوليو الماضي، قال قائد “قسد”، إن أحد أهداف تركيا لغزوها للمنطقة هو توجيه ضربة لجهود “قسد” والتحالف الدولي ضد الإرهاب وفي حال شنت أي هجوم ستفشل هذه الجهود.

وذكر حينها، أنه “من الصعب على قواتنا المحاربة على جبهتين ضد “داعش” وضد تركيا، وأن “أي هجوم للاحتلال تركي هو تقويض الحرب ضد التنظيم”.

واستغل التنظيم انشغال قوات سوريا الديمقراطية بصد الهجمات التركية ضد المنطقة، ليقوم بشنّ عمليات في شمال شرقي سوريا، ويكثف من ظهوره أمام مرأى العالم.

وبعد أسبوع فقط من تعليق “قسد” لعملياته ضده، نشر التنظيم، عبر معرفات مقربة منه صوراً لعناصره حاملين أسلحة وبقرب مدرعات رباعية الدفع وأسلحة خفيفة ومتوسطة في سوريا.

وقالت المعرفات إن الصور هي لمبايعة عناصر التنظيم زعيمهم الجديد “أبي الحسن الحسين القريشي” بعد مقتل زعيمها السابق.

وقبلها بأيام، ظهر عناصر التنظيم بالزي الرسمي، ويرتدون أحزمة ناسفة، وداخل غرف عُلقت على جدرانها شعارات التنظيم، واقتصرت أسلحتهم على الأسلحة الفردية، خلاف الصور التي نشرت قبل يومين والتي ظهرت فيها عربات رباعية الدفع وأسلحة خفيفة ومتوسطة.

وكثفت خلايا تنظيم “داعش” مؤخراً من عملياتها الهجومية، بريف دير الزور، عقب إعلان مقتل زعيم التنظيم أو الحسن الهاشمي القرشي وتعيين أبو الحسين الحسيني الهاشمي القرشي زعيماً للتنظيم نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ومنذ العشرين من الشهر الماضي وإلى اليوم، تبنى تنظيم “داعش”، 8 هجمات على الرقة ودير الزور، نفذها عناصره ضد قوات سوريا الديمقراطية، في تزايد واضح لنشاطه في المنطقة ضمن حالة الفوضى والضربات التي تشنها تركيا.

والاثنين الماضي،  تبنّى “داعش”، عملية استهداف حاجزٍ عسكري لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” بريف دير الزور الشمالي، شرقي سوريا.

وفي التاسع والعشرين من الشهر الماضي، تبنّى التنظيم عبر معرفات مقربه منه، تفجير عبوة ناسفة، بمدينة الرقة، شمالي سوريا.

وانفجرت عبوة ناسفة في وقت متأخر من الليلة التي سبقتها، على الكورنيش الجنوبي بالقرب من سوق الهال بالرقة.

وفي الثاني والعشرين من الشهر الماضي، تبنى “داعش”، عبر معرفات مقربة منه عملية اغتيال مقاتل في قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ببلدة شرقي دير الزور، شرقي سوريا.

وفي اليوم ذاته، تبنى التنظيم، عبر معرفات مقربة منه عمليتين ضد “قسد”، بريفي الرقة ودير الزور.

وما ساعد التنظيم على زيادة نشاطه، هو القصف التركي الذي استهدف محيط مخيم الهول في الحسكة، حيث حاولت عائلات التنظيم الفرار من المخيم.

وفي الثالث والعشرين من الشهر الماضي، أعلن مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، إلقاء القبض على 6 أفراد من عائلات “داعش” بينهم ثلاثة نساء، هربوا من مخيم الهول إثر القصف الجوي التركي على محيط المخيم.

ويعد مخيم الهول من أخطر المخيمات في شمال شرقي سوريا، حيث يأوي الآلاف من عائلات عناصر “داعش” من جنسيات مختلفة.

وفي الخامس والعشرين من الشهر ذاته، أحبطت القوات الأمنية المسؤولة عن حراسة وحماية مخيم الهول، محاولة عدد من عائلات عناصر “داعش” الفرار من مخيم الهول شرق الحسكة، شمال شرقي سوريا.

وبعدها بأيام، ألقت قوى الأمن الداخلي “الأسايش”، القبض على عشرة عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بريف مدينة دير الزور.

وفي الثلاثين من الشهر الماضي، أعلن مكتب شؤون العدل والإصلاح في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، عن حالة تأهب واستنفار، عقب ورود معلومات تفيد باحتمالية شن هجوم من قبل خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية ”داعش” على سجن يحتوي عناصره في القامشلي.

ورغم تصعيد التنظيم، قال البنتاغون، إن العمليات ضد تنظيم “داعش” في شمال شرقي سوريا “مستمرة، لكن تم تقليص عدد الدوريات المشتركة مع قسد بسبب العملية التركية”.

ومنذ العشرين من الشهر الماضي، سيرت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية مع قوات سوريا الديمقراطية أربع دوريات مشتركة على الشريط الحدودي وتفقدت حقول النفط والغاز في شمال شرقي سوريا.

قبل التصعيد التركي

كان ظهور خلايا “داعش” شبه معدوم باستثناء الاغتيالات التي كان يقوم بها بين حين وآخر، وكانت تحركات التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية أكبر لملاحقته والقضاء عليه.

وفي السابع عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، كشفت القيادة العامة، لقِوى الأمن الداخلي(الأسايش)، لشمال شرقي سوريا، عن حصيلة المعتقلين والأسلحة التي عُثر عليها في مخيّم الهول، خلال حملة “الأمن والإنسانية”، في مخيّم الهول، شرقي الحسكة.

وجاء ذلك عبر بيان ختامي، بعد 24 يوماً من بدء الحملة، ذكرت فيه “الأسايش”، أنها ألقت القبض على 226 شخصاً، بينهم 36 امرأة “مُتشدّدة” يشتبه بانتمائهم إلى خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

كما وأشار البيان، إلى أنهم عثروا على: 25 خندق، ثلاث أسلحة نوع ak-47، سلاح آر بي جي مع حشوته، مسدسين، 25 قنبلة يدوية، 25 كيلو غرام من المتفجرات، 11 كاتم صوت، 388 طلقة، 10 مخازن سلاح، 9 جُعب عسكرية.

وأضاف: “عثرنا على قطعة ملابس عسكرية تابعة للجيش التركي، والعديد من أجهزة الاتصالات خلال التمشيط”.

وعثرت وحدات حماية المرأة بالتعاون مع “الأسايش”، على امرأتين إيزيديتين، وأربع نساء، مقيّدات بالسلاسل وعلى أجسادهن آثار تعذيب، حسب ما تابعته نورث برس.

وشهدت الفترة التي سبقت الحملة الأمنية في الهول، عمليات لـ”قسد”، بالتعاون مع التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، تم خلالها القبض على عناصر من التنظيم.

ويزيد خطر عودة نشاط التنظيم، مخاوف سكان شمال شرقي سوريا، في ظل ما عانوه في فترة سيطرته على بعض المناطق، وفرض أحكامه وأعرافه إضافة للانتهاكات التي كان يرتكبه عناصر بحق السكان الآمنين.

وقال بريت ماكغورك، منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط، في عام 2019، إن 40 ألف مقاتل أجنبي انضموا إلى (داعش) “جاءوا جميعًا عبر تركيا.”

وتم القضاء على “داعش” في آخر معاقله في شمال شرقي سوريا، تقريبًا قبل الغزو التركي عام 2019، وقد مكّنت هجمات أنقرة المستمرة منذ ذلك الحين “داعش” من إعادة بناء نفسه وترتيب صفوفه، بحسب مراقبين.

إعداد وتحرير: قيس العبدالله