مُقعَد من كوباني يروي حكايا نزوحه الثلاث على مدار السنوات الخمس الأخيرة

عين العرب / كوباني – فتاح عيسى / فياض محمد -NPA
ثلاث حالات نزوح عانى منها صالح عوني القادر /55/ عاماً من مدينة عين العرب / كوباني، خلال السنوات الخمس الماضية وهو على كرسي متحرك.
يعاني القادر من مرض الشلل النصفي الذي أصيب به قبل نحو عشر سنوات، حيث أدى لفقدانه الحركة في الجزء اليميني من جسده، وأقعده على كرسي متحرك، وأبعده عن عمله في حفر الآبار الارتوازية.
ويتأثر القادر من تردي وضعه الاقتصادي، فهو أب لسبعة أبناء معظمهم إناث، ولا يوجد معيل لهم بعد فقدانه لعمله، بسبب مرضه قبل عشر سنوات، سوى تبرعات الأناس الخيرين.
النزوح الأول الذي اضطر إليه القادر كان في أيلول / سبتمبر 2014، مع بدء هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على مدينة عين العرب / كوباني، حيث يشير عبد القادر إلى أنهم نزحوا في البداية باتجاه الريف لعدة أيام، ثم اتجهوا إلى تركيا وبقوا هناك لعشرة أيام، ليتخذ فيما بعد مدينة رأس العين / سري كانيه، ملجاً لعائلته.
وعاد عبد القادر مع عائلته بعد طرد مسلحي تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) من مدينة عين العرب / كوباني، إلا أنه اضطر للنزوح منها مرة أخرى بعد ثلاثة أيام فقط، في الـ 25 حزيران / يونيو عام 2015، عندما دخل عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى المدينة فجراً، وارتكبوا مجزرة راح ضحيتها أكثر من 300// قتيل بين نساء ورجال وأطفال.
ونزح القادر هذه المرة إلى قرية حلنج (5 كم جنوب شرق كوباني)، ليعود بعد تمشيط وحدات حماية الشعب للمدينة من عناصر التنظيم إلى مدينته.
وقبل أسبوعين على الهجمات التركية على مناطق شمال وشرقي سوريا واستهدافها لمدينة عين العرب / كوباني وريفها من قبل القوات التركية، نزح القادر كغيره من أبناء مدينة كوباني إلى الريف، تجنباً لأي قصف قد يطال المدينة مرة أخرى.
يوضح القادر قائلاً "بعد نزوح الأهالي إلى الريف، نزحت مرة أخرى إلى قرية حلنج في اليوم الأول، ومن ثم نزحت إلى قرية "قجك" لمدة أربعة أيام"، حيث هناك يوجد منزل لأحد أقربائه.
وبعد وقف إطلاق النار الذي جرى الاتفاق عليه في المنطقة، عاد القادر إلى منزله منتظراً ما ستؤول إليه الأوضاع.
أصوات القصف والطائرات جعلت القادر يحتار في أمره وأمر عائلته، فالخوف من المجهول جعلهم لا ينامون الليل، ويضيف القادر قائلاً: "كنا خائفين من قدوم الجيش التركي بأية لحظة، ولكن نحمد الله لم يحدث شيء حتى الآن".
ويشير القادر إلى أنهم عندما كانوا في قرية "قجك" كانوا يسمعون أصوات القصف والطائرات، مبيناً أنها كانت بعيدة.
معاناة النزوح من منزله وعلى كرسيه المتحرك جعلت القادر يشعر بأنه عالة على عائلته، لكن العائلة كانت تصر في كل مرة على حمله على أكتافها والبقاء معه أينما كان، يقول القادر "كنت أقول لعائلتي ولأولادي اتركوني واذهبوا أنتم، ولكن كانوا يردون بأنهم لن يتركوني وسيبقون معي".
يضيف القادر الذي أنهكه المرض والنزوح المتكرر" عندما أدخل إلى السيارة وأخرج منها أحتاج لجهد ووقت كبير، حياتنا كلها نزوح بنزوح، مرة في تركيا ومرة في الريف، نريد أن يجدوا حلاً لنا لنعيش باستقرار".
وبين دعوات الاستقرار والوضع الراهن، يبقى عوني عبد القادر والآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة عين العرب / كوباني، وغيرها من المناطق دون مساعدة، وفي كل مرة يكون الموت أقرب إليهم من غيرهم، مرتقبين تحرك العالم لإنقاذهم وذويهم وسكان شمال شرقي سوريا.