خراب ودمار خلفته ثلاث نقاط مراقبة تركية في قصف قرية شرقي كوباني
كوباني- نورث برس
عند دخولها، تراها خاوية خالية، تكاد تجزم أن بشراً لم يمر من هنا، كل ذلك يراودك عند الوصول لقرية كولتب شرقي كوباني، شمالي سوريا.
دخلت نورث برس خلسةً إلى كولتب التي تبعد 300 متر عن الحدود السورية التركية، خوفاً من استهداف مراسليها من قبل حرس الحدود التركي، حيث تم توثيق أضرار الاستهداف التركي المتكرر على هذه القرية.
لم يسلم منزل في كولتب، من القصف أو الاستهداف، بعضها تدمرت كلياً أو جزئياً، وأخرى تضررت، الأمر الذي دعا سكانها للنزوح منها، على الأقل ريثما تهدأ الأوضاع.
ومع بدء يوم الأحد الماضي الموافق للعشرين من الشهر الجاري، صعدت تركيا من قصفها البري والجوي على مناطق في الشمال السوري، استهدفت بشكل كبير مدينة كوباني وريفها بالطيران الحربي والأسلحة الثقيلة والخفيفة.
أنقذ سكان القرية أطفالهم من القصف ونقلوهم إلى القرى الجنوبية، وتركوا خلفهم كل شيء، المواسم والحوائج المنزلية وأثاث منازلهم.
كان صادق، واحداً من هؤلاء، أرغم الرجل على النزوح من القرية كما باقي سكانها، لينقذ أطفاله ووالدته المسنة إلى القرى الجنوبية باتجاه الداخل ليبتعد قليلاً عن مرمى النيران التركية.
صادف دخول نورث برس إلى القرية، عودة صادق حج إبراهيم (56 عاماً) ليأخذ بعض الحاجيات والأثاث لعائلته، التي نزحت في ظروف الشتاء القاسية.
يقول الرجل، إن القصف العشوائي من عدة جهات لم يترك لهم ثغرة للمكوث في قريتهم، فـ”القرية تقع وسط مثلث حدودي فيه ثلاث نقاط مراقبة تركية جميعها تقصف القرية”.
ويتسبب القصف التركي المتكرر، بموجات نزوح مؤقتة بين الحين والآخر لسكان القرى الحدودية في كوباني.
يقول “إبراهيم”، إن “القصف لم يتوقف منذ ما يزيد عن الثلاثة أشهر، لكنه في الآونة الأخيرة أصبح أكثر وحشية وبشكل عشوائي، وأغلب حالات القصف تبدأ ليلاً”.
ويضيف: “كل سكان القرية نزحوا، ويعود الرجال دون النساء والأطفال كل يوم صباحاً، ننقل بعض حوائجنا ونحرس بيوتنا وممتلكاتنا، لا يمكننا تركها بشكل نهائي”.
وتقع قرية كولتب 40 كم شرقي مدينة كوباني، وتعيش فيها قرابة الـ 25 عائلة، بسبب نزوح غالبية سكانها، نتيجة القصف التركي المتكرر، حيث تطل على القرية 3 نقاط لحرس الحدود التركي.
ونتيجة ذلك، يعجز السكان عن ممارسة حياتهم وتنفيذ أعمالهم الاعتيادية، إذ أن القصف المتكرر يُؤرقهم.
يقول زهير عمر (37عاماً) من سكان قرية كولتب، إن المدافع والرشاشات والأسلحة الثقيلة التركية تقصف بشكل يومي القرية، مستهدفة منازل سكانها.
ويضيف، أن “أكثر من ستة منازل تضررت بشكل كبير، بالإضافة إلى دمار منزل شرقي القرية كلياً، نتيجة القصف المدفعي، هذا غير المنازل التي تلقت رشقات الرشاش الثقيل”.
ونتيجة نزوحهم وتصعيد القصف التركي، بات السكان يعجزون عن متابعة أعمالهم اليومية في الزراعة وتربية الماشية وباتت عبئاً عليهم.
ويدخل السكان إلى القرية عن طريق الكروم والحقول في الأراضي الزراعية، إذ أنهم سيكونون عرضة للقنص في حال سيرهم بالطرقات الرئيسية.
حال قرية كولتب يُشعرك بأنها موطنٌ للأشباح التي طالما سمعت عنها، هنا السكان تركوا كل شيء خلفهم، وملابس على الأشجار مُعلّقة، وأطفالاً تركوا مراجيحم وألعابهم.
وأمام خوفه من القصف ترك أحمد حج إسماعيل (64عاماً) ثلاثة هكتارات من الذرة الصفراء دون حصاد، على الرغم من حلول موعد جنيّها.
وهرب الرجل بأطفاله، الذين باتوا في حالة يُرثى لها نتيجة الذعر والهلع، من أصوات الانفجارات وإطلاق النار، بحسب قوله.
وبات سكان القرى على الشريط الحدودي خارج منازلهم ينتظرون أن يهدأ القصف ليعودوا لأراضيهم ومنازلهم وماشيتهم، التي أُجبروا على تركها بعد تصاعد وتيرة القصف التركي.