منبج – نورث برس
استلم حمد، 32 كيلوغرام من البذار و20 كيلوغرام من السماد عن كل دونم من أرضه على أن يُخصم ثمنها حين توريد المحصول لمراكز مؤسسة إكثار البذار في منبج.
حمد الإبراهيم (30 عاماً)، مزارع قمح من منبج، يقول إن مخصصاته من البذار والسماد التي استلمها “غير كافية”، الأمر الذي سيضطره لاستكمال النقص من السوق السوداء.
ويشكو مزارعون لمحصول القمح في منبج من قلة الدعم من مازوت وسماد وبذور، وخاصة أن هذه المواد تباع بالدولار في السوق السوداء، بالإضافة لمحدودية المساحة الزراعية التي يتم ترخيصها.
ويكلف الموسم الزراعي “الإبراهيم” وغيره من المزارعين مبالغ يجدونها “باهظة” من شراء بذور لتغطية النقص بكمية المؤسسة ومحروقات للحراثة والري وأسمدة وغيرها من التكاليف وبعضهم لا قدرة مادية لديهم في ظل شراء المحصول بالعملة المحلية وحساب التكاليف بالدولار.
وتقدم مؤسسة إكثار البذار بمنبج، 32 كيلوغرام للدونم الواحد من البذار بسعر 2400 ليرة للكيلوغرام على أن تستلم الثمن أثناء التوريد، في حين يحتاج الدونم لأكثر من 40 كيلوغرام، بحسب مزارعين.
ويحصل المزارع على البذار بسعر 2300 ليرة للكيلو غرام الواحد في حال كان الدفع نقداً.
بينما يشتري بعض المزارعين البذار من السوق السوداء بسعر يبدأ من 2400 وأكثر، لكنه غير معروف المصدر وقد يكون معرضاً للأمراض وإنتاجيته غير مضمونة، بحسب أحمد الجاسم الإداري في لجنة الزراعة والري.
كما تقدم المؤسسة 20 كيلوغرام من السماد الأسود لكل دونم بسعر 1060 دولار للطن، في حين يحتاج إلى ما بين 40 و50 كيلوغرام.
وتحتاج أراضي منبج لكمية جيدة من السماد، لزيادة عناصر التربة التي تساعد على نمو النبات وزيادة إنتاجيته، نظراً لطبيعة التربة “الفقيرة” بالعناصر المعدنية، بحسب مزارعين.
فيما يتراوح سعر طن البذار بين 600 و1200 دولار بين هجين وعادي في السوق السوداء وطن السماد الأسود 1060 دولار أما اليوريا فيباع بـ 700 دولار.
“الدعم قليل”
ويقلق المزارع الذي دفع 120 ألف ليرة تكلفة ترخيص هكتارين من أرضه البالغة 10 هكتارات لصالح المؤسسة، الأنباء التي تتحدث عن نية الإدارة الذاتية رفع سعر ليتر المازوت إلى 1500 ليرة للمزارعين.
يضيف باستياء، “الدعم قليل ورغماً عنا سنشتري ليتر المازوت بـ1500 ليرة، في السابق كانوا يسلموننا 200 ليتر للهكتار الواحد وهذه غير كافية لإيصال المياه إلى الأرض”.
ويعتمد سكان منبج على استجرار المياه من نهر الفرات ولمسافات طويلة وزاد انحسار منسوب النهر وابتعاده إلى زيادة الأعباء عليهم، واضطروا لتوصيل “قساطل” لملاحقة المياه.
وبرر “الجاسم”، الإداري في لجنة الزراعة والري، قلة الدعم بالمحروقات لتزامن توزيع مخصصات التدفئة مع توزيع المازوت الزراعي.
في حين أكد حصول المحاصيل الاستراتيجية من قمح وقطن على استحقاقها الكامل وبالتوقيت المناسب، في حين حصل التقصير في المحاصيل التكثيفية والخضار والملاحق.
وقبل أسبوعين، تواصلت نورث برس مع صادق الخلف الرئيس المشارك للإدارة العامة للمحروقات في شمال شرقي سوريا، للاستفسار عن نيتهم رفع سعر المحروقات للمزارعين من عدمه، إلا أنه رفض التصريح.
في حين كان قد صرّح لإذاعة محلية، أنهم يدرسون “رفع سعر المحروقات لـ1500 ليرة للمزارعين، على أن يُعاد من ثمنه 1300 ليرة نهاية الموسم فيما تضاف نسبة معينة لسعر الكمية المورّدة، وبالتالي سيكون المازوت بشكل مجاني”، بحسب ما ذكر للإذاعة.
وأضاف في تصريحه، أن “هذه الدراسة ستُطبق فعلياً بنسبة كبيرة، منعاً للهدر وضبط المساحات الوهمية، لوجود هدر ونسب وهمية كبيرة في الكميات المخصصة لمزارعين”، ووصف هذه الآلية بـ”الأمثل”.
وفي السابق كانت الإدارة الذاتية تسلم المحروقات للزراعة بسعر 85 ليرة لليتر الواحد.
تخوف وتبرير
ويتخوف مرعي الإبراهيم (50 عاماً)، مزارع من قرية عوسجلي صغير بريف منبج من الزراعة هذا العام، في ظل ضبابية موقف الإدارة من تحديد سعر المازوت، إذ أنه يملك ثمانية هكتارات رخص أربعة منها فقط.
يقول “مرعي” إن الإدارة الذاتية “لم تمنح الاستقرار للمزارعين”، من حيث سعر المحروقات، كما تراجعت جودة البذار المقدم من المؤسسة، واضطر البعض منهم للقبول بالموجود، أما البعض الآخر امتنع عن الاستلام.
ولكن الإداري في اللجنة الزراعية يقول، إن البذار الذي تقدمه لجنة الزراعة تم أخذه من مؤسسة إكثار البذار وقامت بتعقيمه وغربلته، وهناك بذار هجين متوفر في الأسواق ألا أن تكلفته باهظة على المزارعين يصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 5500 ليرة.
ويعود “مرعي” للحديث عن معاناة المزارعين: “نعاني نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية وزاد قرار الامتناع عن شراء الذرة الصفراء معاناتنا بشكل كبير”.
وفي التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، سمحت الإدارة الذاتية بتصدير الذرة الصفراء لخارج مناطقها، وقالت إن السبب هو عدم قدرتها على شراء المحصول من المزارعين.
ونتيجة ما سبق، يستاء “مرعي” من واقع الزراعة الأمر الذي يدفعه للعزوف عنها، “لانعدام الثقة بين المزارع والإدارة في ظل قراراتها المثيرة للاستياء”.
وتمنح لجنة الزراعة والري تراخيص للمزارعين بناءً شروط وضعتها مسبقاً، وحتى الآن رخصت في منبج 504 هكتار، بحسب اللجنة.
وتلك الأراضي مرخصة بنظام العقود لصالح مؤسسة إكثار البذار، أي أن الأخيرة تقدم البذار والسماد على أن يُخصم ثمنها من فاتورة القمح عند التوريد والمزارعون ملزمون بالتوريد إليها في نهاية الموسم.
وتهتم المؤسسة بزراعة القمح وتوزيعه فيما بعد كبذور للمزارعين، ولتوفير البذور الجيدة محلياً.
ويوضح محمد البرهو وهو إداري في مؤسسة إكثار البذار، شروط تراخيص الأراضي لموسم القمح، “أن تكون الأرض مزروعة بموسم صيفي أو بور، أو سبق زراعتها بالقطن”.
كما يطلب من المزارع أن يلتزم بالخطة التي تضعها المؤسسة من حيث كمية البذار والريات والسماد ورش المبيدات ومكافحة الأمراض والالتزام بموعد الحصاد والتسليم بأكياس “خيش”.
وخسر خلف الحمادة (60عاماً)، مزارع من قرية البنية في ريف منبج، الكثير في محصوله السابق، بسبب الدعم القليل بالمحروقات، إذ تبلغ مساحة أرضه أربعة هكتارات كان رخص اثنين منها.
يقول الرجل بلهجته العامية: “يخلون لما تزهر النبتة ويقطعون عنّا المازوت”، وأدى ذلك إلى قلة في إنتاج القمح لدى “الحمادة”، وزاد من خسائره تعرض المحصول للحشرات وقلة الأسمدة التي تحتاجها أرضه.
ويطالب “الحمادة” وسابقيّه أيضاً، بتوفير المازوت المدعوم وزيادة كميته لسقاية الأراضي الزراعية ومساعدة المزارعين في إنجاح موسهم، لتحقيق اكتفاء ذاتي لمنبج.