أمام خيمهم المغبرة.. كبار السنّ من مهجّري عفرين يقضون أوقاتهم بالألعاب الذهنية

حلب- دجلة خليل- NPA 
"جالسون بشكلٍ دائريٍ على حصيرة يتوسطهم لوحٌ خشبي صغير مقسم إلى مربعات وعددٍ من الحجارة الملونة موزعة على تلك المربعات"، بهذا الشكل يجتمع الرجال كبارُ السنِّ في مخيمٍ لمهجّري عفرين بريف حلب الشمالي، يقضون أوقاتهم بالألعاب الذهنية، مستذكرين أيامهم وقصصهم في مدينتهم.
بجانب خيمهم المغبّرة يقضي كبار السنّ من مهجّري عفرين، معظم أوقاتهم باللعب بالألعاب الذهنية كـ"الضامة والشطرنج"، يتبادلون الأحاديث والأخبار عن منطقتهم عفرين التي هجروا منها قسراً، مستذكرين أيامهم الخوالي فيها.
يلجؤون إلى قضاء وقتهم بالألعاب في محاولةٍ لكسر الوقت الذي يتوقف أحياناً عند استرجاع ذكرياتهم في عفرين، فلا عمل لديهم يشغلون أنفسهم به، ولا سنوات العمر تساعدهم في إنجاز شيء.  
ألعابهم المفضلة
شعبان سليمان البالغ من العمر /64/ عاماً يتحدّث لـ"نورث برس" عن لعبته المفضلة الضامة شارحاً تفاصيلها, أنها تتألف من /64/ خانة على طول /8/ وعرض /8/ خانات.
تنقسم الخانات مناصفة بين اللاعبين, بالإضافة إلى /32/ حجراً, يلعب كل لاعب بـ/16/ حجراً من أحد الألوان، وتعتمد اللعبة على سرعة بديهة وذكاء اللاعب في إيصال أحجاره إلى خانة الضامة والسيطرة على اللعبة, بحسب ما يشرحه الرجل الستيني.
ويقول سليمان أنّ لعبة الضامة ضاربةٌ في القدم, فالعائلات أو العشائر عندما كانت تتنازع على أمرٍ ما، كانوا يلجؤون إلى لعب الضامة, فيُحدَّدُ الفائز والخاسر من خلالها، تجنباً لنشوب الحرب وسفك الدماء من الطرفين، مشيراً إلى أنّ الضامة أو الشطرنج كانت لها مكانةً مرموقةً في الماضي.
وينوه الرجل الستيني إلى بأنه لا يتوفر عمل في مخيمات ريف حلب الشمالي, قائلاً "لا يوجد عمل نقوم به, لذا نجتمع كل صباحٍ وقبل غروب الشمس نلعب الضامة لنقضي وقتنا".
يكاد لا يخلو شارع أو حارة من مخيم "سردم" لمهجري عفرين من كبار السنّ وهم يجلسون أمام الخيم ويشربون الشاي ويتبادلون أطراف الحديث.
محمد نوري البالغ من العمر /66/ عاماً يشير في حديثه لـ"نورث برس" إلى أنّه لا يتوفر عملٌ مناسبٌ لعمره, قائلاً "نتجمع هنا ونتابع اللعبة ونقضي وقتنا بالتسلية", منوهاً إلى أنّهم هُجّروا قسراً إلى ريف حلب الشمالي, ليعيشوا داخل خيمٍ, تاركين خلفهم أشجارهم وجبالهم.
 ويلفت نوري  إلى أنّ الاجتماع أمام الخيم سنح لهم بفرصة التعرف على بعضهم, فكلٌ منهم من قريةٍ وناحيةٍ مختلفة.
ويجلس شكري عروس /67/ عاماً أمام خيمته وهو يلف سيجارة التبغ مسترجعاً ذكرياته في عفرين كشريطٍ تلفزيونيٍ, متحسراً على أيامه التي كان يقضيها في جبال منطقته.
 يتحدّث عروس مشدّداً في كلامه على أنه سيرجع يوماً إلى عفرين، إلا أنّ الأمر بحسب قوله يتطلب المزيد من الوقت والصبر.
وعن أيامه كيف يقضيها في المخيم يقول عروس "في الصباح أقوم بتأمين احتياجات أسرتي، وأتوجه بعدها إلى الجامع, لنجتمع أمامه ونتبادل الأحاديث والأخبار, فيما بيننا ونقضي وقتنا على هذا النحو".
وهجر ما يقارب 350// ألف شخص من منطقة عفرين إلى ريف حلب الشمالي, بعد سيطرة تركيا مع  فصائل المعارضة السورية المسلّحة على المنطقة في الثامن عشر من شهر آذار/مارس العام الماضي.