حلب.. بسطات عشوائية وتواطؤ مسؤولين يثير سخطاً لدى سكان المدينة
حلب ـ زين العابدين حسين ـ NPA
تشهد مدينة حلب ظاهرة انتشار "البسطات" بشكل كبير وعشوائي، وسط تواطؤ مسؤولين مع أصحاب البسطات، مما أثار سخطاً وتذمراً لدى سكان المدينة، لشغلها الأرصفة والطرقات أمام المارة، الذين بدورهم طالبوا الجهات المعنية بوضع حد للموضوع.
وتعتبر ظاهرة انتشار "البسطات" ليست بالجديدة على المجتمع الحلبي، إلا أن الانتشار العشوائي لها خلال سنوات الحرب التي عصفت في سوريا، أصبح أمراً مزعجاً للعامة، وذلك لأسباب كثيرة منها عدم ترك حيز للمشي على الأرصفة إضافة للطرقات.
إشغال الأرصفة
وفي هذا الخصوص التقت "نورث برس" الأمين العام لحزب التغيير والنهضة السوري، مصطفى قلعه جي، حيث أكد أن "موضوع إشغال الأرصفة معقد ومتشعب وأساس المشكلة أن هناك مافيا منظمة تدير هذا الموضوع وذلك في أهم ثلاثة قطاعات من المدينة (قطاع المدينة القديمة، السريان، ومركز المدينة).
وأشار قلعه جي، إلى أن أصحاب "البسطات" يستمرون في شغل الأرصفة والطرقات، رغم وجود قانون في دائرة أملاك البلدية لإشغال الأرصفة، والذي تم تحديده بـ(متر ونصف) ليسير فيه المواطنين".
أصحاب البسطات
أحمد أبو علي بائع ألبسة قطنية على "بسطة" في حي الجميلية يقول لـ"نورث برس": إن هذه البسطة هي مصدر دخله الوحيد بعد تدمر منزله ومحله في حي السكري جراء الأعمال القتالية هناك سابقاً.
ولفت إلى أن "الدوريات تطارده أحياناً لمصادرة البسطة أو كتابة مخالفة بحقه"، مشيراً إلى أن "الجهات المسؤولة إذا كانت تريد أن تتغلب على هذه الحالة فالأولى بهم أن يعوضونا عن منازلنا ومحلاتنا التي تدمرت، فأنا الآن أعيل من هذه البسطة عائلتي ذات الخمسة أفراد، أما إن كانوا يريدون غض النظر عن مآسينا فأنا مضطر للعمل بهذا الشكل حتى الموت لأن حلب ليس فيها عمل وليس بمقدوري أن أستأجر محل".
صاحب "بسطة" آخر يدعى عبد المطيع، يعمل ببيع الخضار، يقول لـ"نورث برس": الإيجارات غالية في مدينة حلب ومحلي صغير لذلك اضطر لبسط بضاعتي على الرصيف مع العلم بأنَّ هذا ممنوع ولكن أدبر أموري لتأمين لقمة العيش لعائلتي بأي وسيلة.
من جهته قال خير الدين بكري صاحب محل بيع للفواكه بأنَّ هذه المخالفات التي يلجئ إليها أصحاب "البسطات العشوائية" على الطرقات أمام محلاتهم "تؤثر عليهم بشكل سلبي جداً وعند توجههم للشكوى عليهم لا يحصلون إلاَّ على وعود فارغة متهماً الضابطة العدلية بالتواطؤ مع أغلب أصحاب البسطات الذين وصفهم بالمدعومين"، حسب تعبيره.
وتنتشر هذه الظاهرة بكثرة في منطقة حي الجميلية حيث يعمل أصحاب المحلات لإشغال الأرصفة والطرقات وكأنهم المالكين لها كمنطقة فرن الرازي ومنطقة باب جنين "محلات السورية للتجارة" ومنطقة حي الإسماعيلية من جهة جامع ذكي باشا وحي الأشرفية، كما قال الأمين العام لحزب التغيير والنهضة السوري.
تواطؤ المسؤولين
توجد عدة مقاهي في المدينة القديمة "على أطراف القلعة" منها كفتريا "آريكا" إذ تشغل الرصيف بشكل شبه كامل، بحيث لم يبقى منه إلا /70/ سم، بحسب قلعه جي.
سكان المدينة ولدى مراجعتهم مسؤولي البلدية بخصوص إشغال البسطات للأماكن المارة، كان الجواب "سيروا على الطرف الآخر من الطريق"، ما يشي بتواطؤ حقيقي بين المسؤولين عن إشغال الأرصفة والشاغلين لها، حيث أنك تجد بعض المقاهي قد استولت على الرصيف ما بين المترين إلى العشرة أمتار، وفق ما قاله قلعه جي.
وتابع، بأن "الحال نفسه في حي محطة بغداد بجانب البنك رقم /8/ وحي موكمبو، أيضاً رغم وقوف بعض الجهات المعنية على الموضوع واكتفائها بإزالة جزء بسيط من المخالفات، دون أن تتعرض للبسطات المحمية من قبل أشخاص مسؤولين أو من يقوم بدفع الرشاوى".
الحل وعدم الجدية
يوضح قلعه جي بأن الضابطة والمعنيين بالأمر غير جديين في الحد من الظاهرة قائلاً إن "الحل سهل جداً وهو اتخاذ قرار بإزالتها مثلما قاموا في حي التلل من قِبلِ اللجنة الأمنية في المحافظة، ولكنهم غير جدين حيث تلاحق الضابطة أصحاب البسطات وتترك أصحاب المحلات، علاوة عن تقسيمهم المنطقة لقطاعات وعدم مؤازرة بعضهم لأسباب واهية والتي في النهاية لا يخرج منها إلا المواطن الخاسر الأكبر".
هيبة الدولة
يوضح قلعه جي بأنَّ هذه الأعمال لا تصب "إلا في خانة الاعتداء على هيبة الدولة سواء كانت عن طريق البسطات والمحلات أو غيرها".
واستشهد على كلامه بما قاله له رئيس أحد القطاعات في البلديات، بأنهم "يطلبون المؤازرة من الشرطة ولكن الأخيرة بنفسها تحتاج لمن يؤازرها، لنقصص العدد والعتاد لردع المخالفين، حيث يعتبر بعضهم من أصحاب السوابق، إذ يقومون بالاعتداء على موظفي البلديات أحياناً"، مشيراً إلى أن "هذا الكلام حق يراد به باطل".
اتساع رقعة المخالفات
نوه قلعه جي بأنَّ المشكلة لم تقتصر على البسطات ومحلات المواد الغذائية والفواكه في المدينة، وإنما حتى محلات تصليح السيارات أيضاً، حيث هناك عدة محلات في حي الفيض خلف كازية تشغل الأرصفة والحدائق أيضاً، والتي يفترض أن تكون متنفساً للعامة.
وبحسب ما أفاد قلعه جي، نقلاً عن حديثه مع المسؤول، فإن الأخير أوضح بأنهم قاموا بإنذار أصحاب البسطات، الذين بدورهم سينتقل بعضهم إلى منطقة جبرين باعتبار أنهم لا يستطيعون تغيير طبيعة عملهم.
واستنكر قلعه جي، كلام المسؤول معتبراً أن الضابطة العدلية وكجهة مسؤولة يفترض عليها أن يكون وجودها لحماية حقوق المواطنين.
وأشار إلى أنهم يطلبون من الجهات الوقوف على المشكلة لحلها وليس لمعاقبة أصحاب البسطات.
ورغم بدء اللجنة الأمنية في المحافظة بالحد من هذه الحالة إلا أنهم ليسوا جدين حتى الآن، وذلك لأنهم لم يحاولوا حل الظاهرة إلا في منطقة التلل بشكل كامل وحي الأشرفية بشكل جزئي فقط مما يشكل نوعاً من عدم الثقة بين المواطنين والجهات المسؤولة رغم تضررهم من هذا الأمر.