حي المنشية.. كابوس لسكان مدينة درعا

درعا ـ نورث برس

يتخوف فهد، من سكان حي المنشية في درعا البلد من دخول الحي لتواجد مجموعة مسلحة تتبع للأمن العسكري، تتواجد هناك وتتخذ من بعض المنازل مقرات لها.

وفهد السعادات (36 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد عناصر المعارضة السورية سابقاً، في درعا البلد، يتخوف من أن يتعرض للاعتقال من قبل هذه المجموعة نظراً لنشاطه السابق ضمن مجموعات المعارضة.

ولم يزر “السعادات” منزله في الحي منذ عام 2012 إلا مرة واحدة فقط، وذلك بعد أن انسحبت القوات الحكومية منه بشكل كامل عام 2018 بعد اتفاق التسوية.

وحينها بدأ “السعادات” بترميم منزله الذي تعرض للقصف نتيجة المعارك العنيفة التي شهدها، على أمل أن يقطن فيه رفقة زوجته وأطفاله الثلاثة.

لكن مع انضمام مجموعة “الكسم” إلى فرع الأمن العسكري في الحكومة السورية، وانتشار عناصرها في الحي “أجبرت مرة أخرى على عدم الدخول إليه مجدداً”، بحسب ما قال “السعادات” لنورث برس.

ويتنقل الشاب الثلاثيني مع عائلته منذ أكثر من عشر سنوات، من منزل استأجره لآخر يستأجره، بحثاً عن الاستقرار، لعدم قدرته حتى على التفكير بالعودة لمنزله بوجود تلك المجموعة.

ويتخوف معظم سكان مدينة درعا من الدخول إلى حي المنشية أحد أحياء درعا البلد، بسبب تواجد إحدى أبرز المجموعات التابعة لفرع الأمن العسكري داخل الحي والتي يتزعمها المدعو مصطفى المسالمة الملقب بـ”الكسم”.

من هو “الكسم”؟

وتتخذ هذه المجموعة من بعض منازل الحي مقرات عسكرية لها، حيث ينحدر جميع عناصرها البالغ عددهم 30 عنصراً من ذات منطقة وهم عناصر سابقين في صفوف المعارضة السورية قبل أن يتحصلوا على بطاقات تسوية ويُضموا إلى صفوف القوات الحكومية.

و”الكسم”، عنصر منشق عن القوات الحكومية في عام 2013 وانضم إلى صفوف فصائل المعارضة السورية.

وتلقى “الكسم” دعماً من شقيقه وسام الملقب بـ”العجلوقة”، المعروف بعمله في تهريب المواد المخدرة من لبنان إلى الأردن، وعمل على تشكيل مجموعة عسكرية تابعة للمعارضة تضم العشرات من الشبان.

وقال عبد القادر الزكريا، (35 عاماً) اسم مستعار لنشاط في مدينة درعا، لنورث برس، إن أبرز أعمال هذه المجموعة كانت حماية المواد المخدرة في مناطق سيطرة المعارضة قبل دخول القوات الحكومية إلى محافظة درعا، إلى أن تصل إلى الحدود الأردنية.

وبعد أن دخلت القوات الحكومية إلى المحافظة، عمل “المسالمة” على إنشاء نقاط عسكرية على طريق حي سجنة المحاذي لحي المنشية الواصل بين أحياء درعا البلد ودرعا المحطة.

وفي البداية كانت هذه النقاط تحت مسمى الفصائل المحلية بهدف حماية سكان المنطقة، بعد انسحاب القوات الحكومية إلى خارج حيي المنشية وسجنة التي لم تستطيع المعارضة السيطرة عليهما نتيجة المعارك بين الطرفين قبل عام 2018.

“بحجة الانتقام”

وماهي إلا شهور قليلة حتى انكشفت أوراق “المسالمة” بانضمامه إلى صفوف فرع الأمن العسكري، وتسليم نقاطه إلى القوات الحكومية وانسحاب عناصره منها، دون أن يكون هناك أي نشاط لهم في حي المنشية سوى وجود مقرات لهم فقط، بحسب “الزكريا”.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2019، تعرض شقيق المسالمة، وسام، لعملية اغتيال في منطقة الكازية عبر عبوة ناسفة زرعها مجهولين، أسفرت عن مقتله إلى جانب أحد مرافقيه.

وبدأ المسالمة بعد هذه العملية بالتحول بحجة “الانتقام” لشقيقه، متهماً عناصر المعارضة السورية سابقاً بقتل شقيقه، ليرتكب اعتداءات طالت عدداً من سكان الحي ومن بينهم عناصر في مجموعته بتهمه التآمر ضد شقيقه.

وتعتبر مجموعته الآن، “الذراع الأقوى” لفرع الأمن العسكري في محافظة درعا. إذ يتم الاعتماد عليها في تنفيذ عمليات مداهمة مدن وبلدات المحافظة وكان آخرها قبل أيام إذ عمل على نشر عناصره برفقة القوات الحكومية في محيط بلدة اليادودة غربي درعا.

وقتل قبل شهر أحد عناصره في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي خلال الاشتباكات مع مسلحين في أحد مزارع المدينة.

تعرض “المسالمة” لأكثر من أربع محاولات اغتيال، أصيب في أحدها بجروح، حيث تم استهدافه برصاص مسلحين مجهولين بالقرب من بوابة الجمرك القديم في درعا البلد.

واضطر فرحان، الذي يعمل في مهنة الحدادة، لنقل ورشته لخارج حي المنشية، بسبب مضايقات عناصر مجموعة “الكسم”، التي يتعرض لها.

ومنذ عشرين عاماً يعمل فرحان المصري، (43 عاماً) اسم مستعار لأحد سكان حي المنشية، في مجال الحدادة.

وافتتح ورشته في أحد المحال الخاصة به في جانب منزله بعد خروج القوات الحكومية من الحي في عام 2018.

ولكن وجود المجموعة العسكرية التابعة للقوات الحكومية، “أثر سلباً على أعمالي، حيث أصبحت الحركة داخل الحي شبه معدومة”، يقول “المصري” لنورث برس.

وتعترض تلك المجموعة الأشخاص الداخلين إلى الحي وتقوم بتفتيش سياراتهم والتدقيق على البطاقات الشخصية، “وهو ما تسبب بنفور من قبل السكان من التفكير بدخول الحي، نتيجة تخوفهم من تهمة تلفقها لهم تلك المجموعة”.

وتلك التصرفات، أجبرت “المصري”، على الخروج بورشته من الحي باتجاه المنطقة الصناعية في منطقة درعا المحطة، “وهذا سبب لي متاعب كبيرة نتيجة المسافة الطويلة بين المنزل والورشة الجديدة فضلاً عن إيجار المحل والمواصلات”.

إعداد: مؤيد الأشقر ـ تحرير: قيس العبدالله