بعد أسبوع من انتهاء المعارك.. هل انسحبت تحرير الشام من عفرين بالفعل؟

إدلب نورث برس

على الرغم من إعلانها الانسحاب بشكلٍ كامل من منطقة عفرين والتي سيطرت عليها منتصف الشهر الجاري، تؤكد مصادر عسكرية لنورث برس، أن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) لا تزال متواجدة في عدة مواقع في المنطقة بشكلٍ متخفٍ وبزي الفصائل المتحالفة معها.

وقال مصدر عسكري مقرب من الجيش الوطني السوري، إن “تحرير الشام” أبقت على المئات من عناصرها في عفرين وريفها بزي “حركة أحرار الشام” وفصائل “الحمزة” و”السلطان سليمان شاه” المتحالفين معها ضد الفيلق الثالث الذي انسحب بعد خروجه من عفرين نحو مدينة أعزاز، معقله الرئيسي.

وأشار المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، إلى أن عناصر الهيئة ينتشرون في كل من ساحة الجمرك القديم ومقرات الفيلق الثالث في قريتي قرزيحل وترندة بريف المدينة، إضافة إلى معسكر “حركة أحرار الشام” في عين دارة ومنطقة جبل ليلون الذي يمتد من حرش الخالدية ودير مشمش ومريمين إلى جلبل وغاباتها.

وفي هذه الأثناء، رفض “الفيلق الثالث” العودة إلى مواقعه في مدينة عفرين وناحية جنديرس طالما أن الهيئة لا تزال متواجدة في المنطقة، وفقاً للمصدر العسكري.

في الحادي عشر من الشهر الجاري، هاجمت “تحرير الشام” وبالتعاون مع فرقتي “الحمزة” و”السلطان سليمان شاه” مواقع الفيلق الثالث الذي يتشكل من “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” رأس حربته في عفرين وريفها.

في اليوم التالي تمكنت الهيئة من السيطرة على المدينة وبلدة جنديرس وعشرات القرى المجاورة في ريف عفرين، وذلك بحجة رد وصفته الهيئة “رد بغي” الفيلق الثالث عن فرقة “الحمزة” المتهمة باغتيال ناشط إعلامي وزوجته في مدينة الباب شرقي حلب.

وفي الواحد والعشرين من هذا الشهر، سحبت “تحرير الشام” عناصرها وعتادها الثقيل من منطقة كفرجنة وعفرين وجنديرس باتجاه مناطق سيطرتها في إدلب عقب تدخل وانتشار تركي في المنطقة.

لكن مراقبين قالوا إن الانسحاب كان “شكلياً” فرضته تركيا بعد ردود أفعال دولية رافضة لتوسع “جبهة النصرة” في مناطق شمالي حلب.

وأثبتت مداهمة عناصر أمنية للهيئة منازلاً في حي الأشرفية بمدينة عفرين، الأربعاء الماضي، عدم خروج “تحرير الشام” بشكل كامل من عفرين.

وقال مصدر خاص لنورث برس، إن المنازل التي داهمتها الهيئة تابعة للفيلق الثالث. كما اقتحمت عناصر من الهيئة، في ذات اليوم، مخيماً عشوائياً قرب دوار كاوا وسط المدينة أثناء ملاحقتها لثلاثة عناصر تابعين للفيلق الثالث، بحسب المصدر نفسه.

وتذهب قراءات المصدر العسكري إلى أن القوات التركية استخدمت الهيئة في تقدمها الأخير نحو عفرين للضغط على فصائل الجيش الوطني ولا سيما الفيلق الثالث “المقرب من المخابرات الأميركية والسعودية” والذي أجرى مؤخراً اجتماعات معها لتشكيل قوة عسكرية جديدة في الشمال السوري مدعومة أميركياً بعيداً عن تركيا.

هذا الأمر أثار مخاوف تركيا التي هددت بدورها “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” بحلهما بشكلٍ كامل من خلال “تحرير الشام”.

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، نقل موقع الأخبار اللبناني المُقرّب من الحكومة السورية، عن مصادر ميدانية معارضة، أن أميركا تسعى لتشكيل جسم عسكري موحد في الشمال السوري.

ويأتي المشروع وفقاً لما نقله الموقع عن مصادر معارضة “استجابةً لمساعي الولايات المتحدة في خلق بيئة مناسبة لتنمية استثمارات تستهدف من خلالها إنعاش المنطقة، ضمن خطّة أوسع غرضها ترسيخ حدود السيطرة الحالية، وإفشال مسار أستانا”.

وكانت “تحرير الشام” صرحت رسمياً في التاسع عشر من الشهر الجاري، عن وجود “علاقات مشبوهة” تربط الفيلق الثالث متمثلاً بـ”الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” بجهات خارجية “معادية لقوى الثورة”.

وبحسب المصدر العسكري فإن انسحاب “تحرير الشام” غير الكامل من عفرين جاء بعد اجتماع جرى بين القوات التركية وقيادات الفيلق الثالث في القاعدة التركية قرب بلدة كفرجنة شرقي عفرين.

وألزمت تركيا الفيلق الثالث بقطع التواصل مع أي جهة خارجية، في إشارة إلى أميركا والسعودية، مقابل بقائه في أعزاز وعودته إلى عفرين تدريجياً خلال أسابيع.

ويعتقد كل من المحلل السياسي السوري نصر اليوسف الذي يقيم في موسكو والأكاديمي والخبير السياسي محمود الحمزة، أن تركيا أجبرت الهيئة على الانسحاب خوفاً من قيام روسيا بقصف المنطقة كاملة.

في حين، يقول الباحث السياسي والعسكري وائل علوان هو الآخر، لنورث برس، إن الهيئة أبقت مجموعات أمنية تابعة لها بشكل غير معلن ضمن صفوف حلفائها في المنطقة وأهمهم “فرقة السلطان سليمان شاه” و”فرقة الحمزة” و”حركة أحرار الشام”.

ويشير إلى أن الهيئة انتهزت فرصة النزاع الفصائلي بين الفيلق الثالث وحلفائه وبين “فرقة الحمزة” وحلفائها، للدخول إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني.

إعداد: بهاء النوباني- تحرير: سوزدار محمد