بلدية عاصون شمال لبنان تلملمُ ذيولَ حادثةِ نبش قبر طفلٍ سوري بعد موجةِ إدانةٍ واسعة للجريمة

بيروت ـ ليال خروبي ـ NPA
أسدلت بلدية عاصون شمال لبنان الستار على قضية نبش قبر طفلٍ سوريّ يبلغ من العمر /4/ سنوات وإخراج جثمانه بذريعةْ أنه يمنع دفن سوري الجنسية في المقبرة المخصصة للبنانيين مع اتخاذ جملةِ إجراءاتٍ على رأسها توقيف الشخص الذي أقدم على هذا الفعل وإحالته إلى النيابة العامّة، إضافةً إلى السماح للاجئين السوريين المقيمين حصراً داخل البلدة بدفن موتاهم في المقبرة.
وقد لاقت القضية تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان بداية الأسبوع الحالي لما تمثّله من اعتداءٍ على حرمة الموت وعنصريةٍ باتت المعلَم الأول من معالم أزمة النزوح السوري في لبنان.
وحول أجواء الاجتماع الذي عقدته بلدية عاصون ومخرجات حلّ القضية يوضح رئيس الهيئة العامّة لمتابعة شؤون اللاجئين السوريين في لبنان عبد الرحمن العكاري لـ"نورث برس" أنَّ "جميع الحاضرين استنكر وأدانَ جريمة نبش قبر الطفل وإخراج الجثة وأنّ القائمقام رولا البايع أثبتت عدم علمها بالجريمة وقت وقوعها وأنها جريمة فريدة لا تمثّل أي أحدٍ سوى مرتكبها".
كما أفاد العكّاري عن تبرّع أحد الأكاديميين من البلدة وهو خالد عبد القادر بقطعةٍ أرضٍ ستُخصّصُ فقط للاجئين السوريين في المنطقة بحيثُ بدأ العملُ على إعدادها لتسهيلِ دفنِ موتى اللاجئين.
موتى بلا مقابر
لم تتوقف معاناة اللاجئين السوريين خارج ديارهم التي هجّرتهم منها الحرب عند إيجاد مأوى لهم ولأولادهم، بل حتى المقابر لدفن موتاهم لم يسعفهم الحظ بها. كما حدث لغالبيتهم منذ عام 2011 في لبنان. حيثُ عانت عائلات الموتى السوريين في لبنان مشقة كبيرة للعثور على مكان لدفن موتاهم فيما كانَ يُضطر آخرون منهم لترك موتاهم  لأسابيع أو أشهر في مشرحة المستشفيات، بينما يبحثون عن مقابر تحتضنهم.
وعدا عن صعوبة توفّر مساحاتٍ لدفن موتى اللاجئين السوريين بفعل أن البلديات اللبنانية التي تتيح الدفنَ في أراضيها هي قليلة، فإن تكاليفَ الدفن هي ما كانت ترهق كاهل العلائلات المفجوعة بأبنائها  إذ تتراوحُ كلفةُ الدّفن بين /200/ إلى /300/ دولار، وتشمل الغُسل والأكفان وشواهد القبر.
وفي وقتٍ لا يوجدُ إحصاءات رسمية لمعدل الوفاة بين اللاجئين السوريين في لبنان سنويا لصعوبةِ عمليات إحصاء اللاجئين وولاداتهم ووفياتهم بسبب توقف مفوضية اللاجئين عن تسجيلهم بدءاً من العام 2015 بطلب من الحكومة اللبنانية، فإنّ المتابعين للملفّ يؤكدون أنَّ نسبة الوفيات بين اللاجئين هي أعلى من نسبتها بين اللبنانيين بسبب شظف العيش الذي يقبعُ تحت ثقله اللاجؤون، من سوء الغذاء إلى ضعف إمكانياتهم في الاستشفاء، وطبيعة حياتهم في المخيمات التي لا تقي من العواصف والحيوانات الكاسرة.
ولكنَّ كوّةً فُتحت في جدارِ هذا الملفّ بدءاً من العام 2017 بحسب ما يوضح عبد الرحمن العكاري لـ"نورث برس"، فقد عمدت الهيئة العامة لمتباعة شؤون النازحين في لبنان إلى شراء قطعةِ أرضٍ في منطقة شير حميرين القريبة من الدبوسية بمحافظة عكّار الشمالية وتبلغ مساحتها /2500/ كلم مربع وهي مخصصة فقط لموتى اللاجئين من جميع المناطق اللبنانية.
لكنّ هذه الخطوة حالت دون تحقيق انفراجاتٍ كاملة بالملفّ بحسب العكاري الذي يوضح أنّ "اللاجئين في مناطق الجنوب وبيروت وجبل لبنان يواجهون صعوبات كبيرة في الوصول إلى عكّار لأسبابٍ تتعلّقُ بالحواجز الأمنيّة وتدقيق الجيش اللبناني بأوراق اللاجئين وإقاماتهم".
وتشيرُ آخر أرقام قدمتها مفوضية اللاجئين في لبنان إلى أن /70/ في المئة من اللاجئين السوريين لا يتمتعون بإقاماتٍ قانونية لأسباب تتعلق بتكلفتها التي تصل إلى /200/ دولار أمريكي وضرورة وجود كفيل لبناني.