دمشق ـ نورث برس
تفتقد العلاقة بين رجال الأعمال والجمارك في الحكومة السورية إلى الثقة. وفي كل لقاء يجتمع فيه الطرفان يتم الحديث عن ضرورة تعزيز الثقة والمزيد من الثقة.
وتعتمد سياسية الجمارك على تحقيق المزيد من الأرباح من خلال فرض الرسوم وتسجيل المخالفات، ويعمل التجار على التهرب بأي طريقة من دفع المزيد من الرسوم بعد دفعهم للكثير من الأموال “من تحت الطاولة”.
يقول أحد المستوردين لنورث برس، إن فرض الرسوم الجمركية على كل حركة يقومون بها تجعل الكثير من التجار الذين يحتاجون إلى نقل بضائعهم أو آلاتهم من مكان لآخر “يتصرفون كالسارقين الذين يتحينون الوقت الأنسب للتهرب من المبالغ التي تفرضها عليهم الجمارك”.
ويضيف أن التشدد في إظهار البيانات الخاصة بالبضائع “يفرض على الكثير من التجار إخفائها في المستودعات لتهريبها من الجمارك”.
اقرأ أيضاً:
- معارك “كسر العظم” تنتهي بانتصار التجار على وزارة التجارة الداخلية
- المنطقة الحرة السورية الأردنية تكشف حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال نصف عام
عضو غرفة تجار دمشق ياسر كريم، قال في تصريح له، إن هنالك الكثير من المواد الموجودة في المستودعات منذ أيام الحرب، وأن “بياناتها ضاعت وأصبحت تعامل معاملة البضائع المهربة، لذلك يتجنب التجار إظهارها للعلن وهذه خسائر للاقتصاد والمواطن بنفس الوقت”.
ينشط التهريب
أضاف مستوردون أن سياسية وزارة الاقتصاد تجاه ترشيد الاستيراد أو المنع للكثير من المواد “هي التي تتسبب بالتهريب”.
وأكد أحد تجار مواد التجميل، أنه لم يعد هنالك مواد كمالية، وكل ما هو موجود في الأسواق تحتاجه الناس ويجب استيراده.
وأشار إلى أن محاربة التهريب “لا تطبق على الجميع”، فهنالك مناطق “تعج بالمواد المهربة مثل الأكشاك والمحلات في منطقة مضايا، بينما يغّرم آخرون بالملايين إذا ضبطت مواد مهربة في محلاتهم. بل هنالك من تصلهم المواد المهربة إلى أبواب منازلهم عن طريق مواقع الانستغرام”.
وبين صاحب محل تجميل في دمشق، أن عناصر من الجمارك داهموا محله وصادروا المواد المهربة والمحلية الصنع من المكياجات، وفرضوا بعض الغرامات تصل إلى 20 مليون ليرة لمصادراتهم من مواد التجميل وهذه مبالغ كبيرة تتسبب بخسائر فادحة لأصحاب المحلات المغرَّمين بها.
ويشير البعض إلى مزاجية في الرسوم التي تفرض على أصحاب الفعاليات، ويدللون على تخفيض الرسوم التي فرضت على أحد الشركات من نحو مليار ليرة إلى أقل من 400 مليون ليرة.
تخفيف الاحتكاك
أضاف تاجر آخر أن هنالك حاجة ماسة للنافذة الواحدة، وذلك لأن العمل يتوقف بنهاية الدوام الرسمي للجمارك، والنافذة الواحدة تخفف الاحتكاك بين أصحاب الفعاليات وموظفي الجمارك وبالتالي تخفف من الفساد والروتين.
وبين مستورد قطع غيار سيارات في دمشق لنورث برس، أن هنالك قطع غيار سيارات تعود لفترة الثمانينات، تضاعفت أسعارها لكن الجمارك لا توافق عليها، ويطالب المستوردون بتخفيض رسومها الجمركية إلى 30 % من قيم القطع.
لا يتوقف الموضوع على الرسوم المقرَّة والمعلنة، بل هنالك تكاليف غير منظورة تجعل حتى المواد المعفاة من الرسوم تدفع نسب تصل إلى نحو 7%، حسب تأكيد أحد تجار المواد الغذائية.
وأضاف أحد رجال الأعمال الذي يستورد حبيبات بلاستيكية من دول الخليج، أن طريقة تعامل الجمارك مع الشحنات التي يستوردها تدفعه للإعراض عن الاستيراد إلى سوريا مجدداً.
وأشار إلى أن أمانات الجمارك تطالبه بشهادات منشأ أصلية في حين تعتمد دول الخليج على العمل الإلكتروني وتعطي شهادات عن طريق الإنترنت.
وقال إن لديه أسطولاً من السيارات متوقف عند معبر نصيب ينتظر إشارة الدخول إلى داخل سوريا.
حدود غير مضبوطة
مصدر في الجمارك بين لنورث برس، أن الجمارك تعمل على تعزيز الثقة في العمل مع رجال الأعمال، ولكن هنالك قضايا لا يمكن التغاضي عنها، حيث يعمد البعض إلى تهريب بضائع مصنعه بمواد مدعومة بالكهرباء والمحروقات إلى دول الجوار، خاصة أن الحدود غير مضبوطة.
وأشار المصدر إلى أنه على التجار الالتزام بعدم بيع المواد المهربة، وأن عدم التزامهم سيعرضهم للمخالفات.
وعدَّ المصدر أن الرسوم الجمركية “منخفضة عموماً” لكنها تصبح مرتفعة بسبب التكاليف غير المنظورة والحلقات الوسيطة بين التاجر والجمارك.
وأضاف المصدر، أن موضوع البيان الجمركي “لا يمكن التغاضي عنه”، وكل البضائع التي يتوفر بيانها الجمركي حتى لو كانت قديمة “يمكن لأصحابها أن يحركوها كيفما يريدون دون مساءلة”.
وأكد أن هنالك مشروعاً يُعدُّ لمعالجة موضوع شهادات المنشأ “لعلاج الخلل في موضوع الشهادات الجمركية، لأن الموضوع يحتاج إلى التدقيق”.
وقال المصدر إن عمل الجمارك “تتبع البضائع المهربة أينما كانت وليس الاكتفاء بمراقبة الحدود فقط”.