آبار تجف وتحديّات تزداد.. الحسكة مدينة بلا مياه

الحسكة – نورث برس

منذ نحو عشرة أيام، جفّ البئر الذي كان قد حفره سليمان، بالقرب من منزله قبل نحو سنتين، ليجد نفسه أمام تحدٍّ قد لا تسعفه حالته المادية لتجاوزه.

ومع جفاف آبار جوفية ضمن أحياء مدينة الحسكة، وقلة إمكاناته المادية، لا يغامر سليمان حمادة، (76 عاماً)، من سكان حي غويران بالمدينة، لحفر بئر آخر، ليضطرّ للاعتماد على مياه الصهاريج بشكل كلي، وهو ما يحمّله أعباء مادية تفوق طاقة جيبه.

ومنذ بروز أزمة المياه في الحسكة، بعد سيطرة تركيا، والفصائل الموالية لها؛ على محطة مياه علوك بريف مدينة سري كانيه، عام 2019، عمد الكثير من السكان لحفر آبار بالقرب من منازلهم لاستخدام مياهها بالاستعمالات المنزلية، وتخفيف الأعباء المادية الطائلة التي يدفعونها شهرياً؛ بسبب الشراء من الصهاريج.

طفل يملىء المياه من أحد الخزانات في مدينة الحسكة - نورث برس

طفل يملىء المياه من أحد الخزانات في مدينة الحسكة – نورث برس

ولكن خلال العام الجاري، جفّت الآبار بنسبة يقدّرها البعض بنحو 90 بالمئة؛ وذلك بسبب قلة الأمطار وحالة الجفاف التي ضربت المنطقة منذ عامين، إضافة إلى الحفر العشوائي وعدم وجود مسافات بين الآبار، حيث لا تتجاوز المسافة بين بعضها عشرة أمتار.

ويضع هذا الحال، السكان أمام تحديّات جمّة في ظل صعوبة تأمين المياه من الصهاريج، ناهيك عن تكاليفها المرتفعة.

وخلال العامين الماضيين، وبحسب شهادات سكان فإن المياه كانت تخرج من الآبار بعد وصول الحفر لنحو 30 أو 40 متراً، لكن حالياً يصل الحفر لأكثر من 60 متراً، وقد تجفّ بعد أشهر من الاستخدام.

ومنذ نحو شهرين، تحبس تركيا، والفصائل الموالية لها، مياه محطة علوك، وتعدّ هذه المرة أطول فترة تنقطع فيها المياه منذ سيطرة تركيا على المحطة.

وفي حي غويران، بالحسكة، ينوي عبدالرحمن الأحمد، (46 عاماً)، حفر بئر وذلك بعد جفاف بئره الذي كان قد حفره منذ ثلاث سنوات أمام منزله.

ويقول الرجل الأربعيني، إن البئر جفّ العام الماضي، فلجأ لتعميقه أكثر من مرة، ولكن مع جفافه بشكل نهائي، اضطرّ  لحفر بئر جديد لكن ما لبث أن ردمه؛ لعدم خروج المياه رغم حفره لنحو 30 متراً.

وحالياً يبحث “الأحمد”، عن مكان آخر للحفر رغم عدم تفاؤله بخروج المياه، لكن يجد المغامرة أفضل من البقاء تحت “استغلال” أصحاب الصهاريج، إذ يحتاج شهرياً ما بين 200 إلى 300 ألف ليرة، بحسب قوله.

ويتراوح سعر شراء خمسة براميل مياه من الصهاريج ما بين 10 إلى 14 ألف ليرة.

وعلى خلافه، يتردّد خليل حنيف، من ذات الحي، بحفر بئر آخر، إذ قد يتكلّف بدفع ما يقارب مليوني ليرة دون أن يصل إلى المياه.

ويقول بينما كانت إحدى السيدات في حيّه تنقل المياه عبر غالونات من أحد الخزانات المنتشرة في الحي، إنه استفاد هو وجيرانه من بئره السابق خلال الصيف الماضي، وأيام معدودة خلال الصيف الحالي؛ قبل أن يجفّ تماماً.

ورغم تأكيدات أطباء، أن مياه الآبار غير صالحة للشرب، ولا تصلح حتى للاستعمالات المنزلية كونها مُجرثمة، وشوارد النترات والأمونيوم فيها عالية وهي مواد مُسرطنة، إلا أن السكان لا يجدون بديلاً آخر للتخفيف من أعباء شراء المياه، في ظلّ عدم كفاية المياه في الخزانات المنتشرة في الأحياء.

وفي حي غويران، ينهمك علي العلي، صاحب حفّارة آبار، بحفر بئر، بينما يراقبه صاحبه على بعد أمتار منه ويكتنفه القلق أن لا تخرج المياه.

ويقول صاحب الحفّارة، إنه حفر بئر قبل أيام على عمق نحو 30 متراً ولم تخرج المياه، فاختار الحفر في مكان مجاور للبئر على أمل الوصول للمياه.

ويشير، إلى إنه العام الماضي، والذي سبقه؛ كانت عملية حفر الآبار بشكل كبير وكان السكان يضطّرون لتسجيل أسماءهم لتحديد موعد لعملية الحفر بناء على دور معين.

 ويضيف، “ولكن خلال العام الحالي اختلف الأمر، منذ عشرين يوماً لم أحفر سوى هذا البئر الذي أعمل عليه حالياً”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد