في ريف الرّقة مزارعون يدفعون ثمن انخفاض منسوب الفرات

الرقة – نورث برس

اضطرّ صالح، لتقليل المساحة التي زرعها؛ خوفاً من عدم تمكّنه من ريّها بشكلٍ كامل، رغم أن أرضه لا تبعُد سوى أمتار قليلة عن مجرى نهر الفرات.

صالح المرعي، (50 عاماً)، من سكان قرية حويجة السوافي، بريف الرقة الجنوبي، لم يستطع زراعة كامل أرضه والتي تبلغ مساحتها 70 دونماً؛ بعد انحسار مجرى نهر الفرات بشكل كبير خلال هذا العام.

وزاد على “المرعي”، الكثير من المصاريف؛ نتيجة قلة المياه في منسوب النهر، يقول: “عدا عن عدم استثمار أرضي كاملة، دفعت الكثير من المال، ثمناً لقطع غيار محرك استجرار المياه، كما أنني أشتري بين الحين والآخر قساطل لتوصيل مياه الري لأرضي”.

وأثّر تراجع منسوب نهر الفرات، على مزارعين في قرية حويجة السوافي، جنوبي الرقة، إذ يعتمد معظمهم على ضخّ المياه بشكلٍ مباشر، عن طريق محركات الديزل من الفرات إلى أراضيهم بواسطة قساطل بلاستيكية.

يقول “المرعي”، لنورث برس، إن تراجع منسوب نهر الفرات؛ أجبره على نقل محرك الديزل مرات عديدة خلال العامين الماضيين ليلحق انحسار المجرى.

ويضيف، أنه يضطّر للتأخّر في سقاية أرضه الزراعية بعض الأحيان؛ منتظراً ارتفاع منسوب المياه بعض الشيء، وهو الأمر الذي تسبّب في تراجع إنتاجية أرضه نتيجة العطش.

وتقع قرية حويجة السوافي، في ريف الرقة الجنوبي، وتبعد عن المدينة نحو سبعة كيلو مترات، وبحسب لجنة الزراعة؛ تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في القرية 4500 دونم، تُروى بشكل مباشر من مياه نهر الفرات ويملكها 132 مزارعاً.

مناسيب ميتة

تراجع منسوب نهر الفرات، خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى مستويات قياسية، إذ انخفض فيها مستوى التدفُّق إلى ما دون 200 متر مكعب بالثانية، وحذّر مسؤولون في الإدارة الذاتية، من وصول البحيرات الواقعة خلف السدود إلى “المناسيب الميتة”.

وبحسب الاتفاقية الموقّعة بين تركيا وسوريا، في العام 1987، لتقاسم مياه نهر الفرات، تكون كمية تدفُّق المياه تجاه الأراضي السورية، 500 متر مكعب في الثانية.

ونقل خليل الفاضل، (60 عاماً)، مزارع من ذات القرية، محرك ضخّ المياه خاصته، أكثر من مرة لملاحقة المياه بعد فشل محرك الديزل، باستجرارها من النهر.

يملك المزارع 50 دونماً، زرع منها نحو ثلاثين دونم؛ بمحصولي القطن والذرة، ولم يستطع ريّها بشكلٍ مناسب، ما أثر على إنتاجية موسمه، على حدّ قوله.

وأدّى استمرار انخفاض منسوب النهر، لتقلُّص المساحات التي تزرع في المناطق التي تعتمد على الفرات في ريّ الأراضي، وهو ما يشكّل خطراً على الوضع الاقتصادي للسكان.

ويعتمد غالبية سكان حوض الفرات؛ على الزراعة كمصدر دخل أساسي، فيما تأتي تربية المواشي في المرتبة الثانية.

ويبلغ مجموع مساحات الأراضي المروية في الرقة، نحو مئة ألف هكتار، تُروى بواسطة قنوات ري إسمنتية، أو مضخّات تقع على ضفاف نهر الفرات ورافده البليخ، بحسب لجنة الزراعة في الرقة.

وفضّل عبد الرزاق الأحمد، (35 عاماً)، مزارع من قرية حويجة السوافي، حفر بئر ارتوازي، لري أرضه بعد معاناة عاشها نتيجة كثرة نقل محرك استجرار المياه.

ويملك “الأحمد”، 25 دونماً؛ يزرعها بالخضروات الصيفية، وتحتاج للريّ بشكل مستمر، لذلك قرّر المزارع اللجوء لبئر ارتوازي.

يقول، إن البئر كلّفه حوالي أكثر من ألفي دولار أميركي، لكنه لجأ له؛ لعدم خسارة موسمه هذا العام.

رغم أن الآبار الارتوازية التي تعتمد على المياه الجوفية، تعتبر جديدة على المزارعين في المنطقة، إلا أن “الأحمد”؛ يراها “حلٌّ يُغني عن ملاحقة مجرى نهر الفرات، الذي ينحسر تدريجياً وتقلّ مياهه بشكل كبير”.

في الوقت ذاته، تمثِّل الآبار الارتوازية؛ عبئاً على المزارعين، لتسبّبها بتملُّح التربة، وهذا الأمر يؤثّر سلباً على إنتاج الأراضي، بالإضافة للتكاليف المادية التي يحتاجها تجهيز البئر.

وبحسب تصريح سابق، لأحمد الخليل، مسؤول قسم الريّ في القرى الواقعة على ضفة النهر اليمنى، بريف الرقة الجنوبي، فإن الجولات الميدانية التي تجري في المنطقة؛ أظهرت تراجع المساحات المزروعة في المناطق التي تُروى بمياه نهر الفرات؛ بنسبة تجاوزت الـ 60%.

وأشار خلال حديثه، لنورث برس، أن تلك الأراضي تعتمد بالدرجة الأولى على مياه نهر الفرات، والآبار القريبة من مجرى النهر.

إعداد: عمار عبد اللطيف – تحرير: زانا العلي